شارك المقال
  • تم النسخ

هل التروّيج لإيديولوجيّة “التطبيّع” يَدخُل في خَانة المتَاجَرة بالقَضايَا القوميّة؟

رجّت الساحة السياسية، بعد إعلان المغرب استئناف الاتصالات الرسمية الثنائية والعلاقات الدبلوماسية في أقرب الآجال مع إسرائيل، وتسهيل الرحلات الجوية المباشرة لنقل اليهود من أصل مغربي والسياح الإسرائيليين من وإلى المغرب، أخيرا، بمواقف مؤيدة وآخرى معارضة لهذا القرار.

واعتبر عدد من النشطاء على شبكات التواصل الاجتماعي، وبعض الجمعيات والأحزاب اليسارية والإسلامية، أن استئناف العلاقات المغربية الإسرائليىة يدخل في خانة “التطبيع”، كما أن الاعتراف الأمريكي بالسيادة المغربية على الصحراء، كان بغرض “التطبيع”.

الكاتب والباحث الأكاديمي المغربي، إدريس جنداري، اعتبر أن ما يروجه الإيديولوجيون، حول “التطبيع”، لا يعبر عن حقيقة الوضع، بتاتا، بل يدخل في خانة المتاجرة بالقضايا القومية ليس إلا، وليس من مصلحة هؤلاء التجار إيجاد حل للقضية الفلسطينية.

وأوضح جنداري، في تصريح لـ “بناصا”، أنّ الكثير من الجمعيات والمنظمات ستعلن الإفلاس، والكثير من مثقفي التزييف سيجف (إبداعهم) الفكري والأدبي، وسينظمون إلى صفوفي فاقدي الشغل، لأنهم سيفتقدون أصلا تجاريا مذرا للأرباح.

وأضاف الكاتب والباحث الأكاديمي، أنّ المغرب، كدولة، لما امتلك الشجاعة السياسية وغير منطق الصراع، من قضية إيديولوجية إلى قضية استراتيجية، لم ينضم لصفوف (المطبعين) كما يروج المزيفون، بل كان يبحث عن حل واقعي لقضية معقدة ومركبة لم يقدر على زحزحتها عتاة السياسيين الذين ذهبوا وذهبت معهم أوطانهم نتيجة سياساتهم الفاشلة.

المثقف العربي الذي نشأ خارج البيئة الإيديولوجية الموبوءة، حسب رأي إدريس جنداري، لا يمكنه إلا أن يدعم هذا الخيار الاستراتيجي، الذي يمثل قطيعة ابستملوجية عن الخيار الإيديولوجي الفاشل، فالمعرفة ليست بناء نظريا مجردا لا يغادر دفات الكتب، المعرفة ممارسة عملية يتحكم فيها عقل مجرد يقيس درجات الربح والخسارة، بشكل دقيق، و لا يترك مجالا للرهان و الصدفة.

وأبرز المتحدث ذاته، أنّ هناك، منطق جديد بدأ يتشكل، على مستوى الفكر والسياسة، والفضل يعود للقادة العرب الجدد الذين قرروا تجاوز أساليب الآباء التي لم تجد نفعا، بل راكمت الفشل والتخلف وأدت إلى الهزائم.

واعتبر جنداري، أنّ هذه فرصة تاريخية تتاح للمثقف الجديد، الذي نشأ خارج الإطارات الإيديولوجية المغلقة، ليقول كلمته وليجرب أدواته المنهجية التي شكلها عبر مراس معرفي.

وشدّد الكاتب والباحث الأكاديمي، أنّ الطريق ليس سيارا ولا مفروشا بالورود، بل هناك تحديات جمة سيواجهها السياسي كما يواجهها المثقف، وأولى هذه التحديات العقلية الشعبية التي تأبى التغيير وتعتبره زعزعة لوضعية الستاتيكو المريحة التي ألفتها، لعقود.

وأشار جنداري، إلى أنّ هذا التحدي لا يقل خطورة عن التحدي الذي يمثله ديناصورات السياسة والفكر، في العالم العربي، الذين لا يؤمنون بالقوانين الفيزيائية للتاريخ، كتطور وتقدم مستمر، كما لا يؤمنون بالمنطق الابستملوجي للمعرفة الإنسانية، باعتبارها تاريخا من الأخطاء التي تخضع للتصحيح المستمر.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي