شارك المقال
  • تم النسخ

هكذا يتنقلُ المواطنون من وإلى مراكش بدون رخصة استثنائية للتنقل

الصراخُ هنا وهناك بباب دكالة. هنا لا كمامات طبية موضوعة بالطرق السليمة والصحية. الأوجه غريبة قرب المحطة الطرقية. يبدو في هذه الأجواء المشمسة أن الخروج من مراكش صعب، ولكنه ليس مستحيلاً. النظراتُ مشدودة صوب كل شخص يحملُ حقيبةَ أو يجرّ “باليزته” في هذه الأرض.

هنا وأنت تحزم حقائبك، تعتقد لوهلة أنك محور الوجود. أنك نقطة اهتمام الكل بهذه المنطقة قرب محلات “أسواق السلام”. الكل يتهافتُ ليقودك صوب الحافلة. أسماء المدن المرتبكة ترمى على أذنيك تساؤلاً عن وجهتك. تكادُ الصراعاتُ تحدثُ بين شخصين بسببكَ، فقط الأقوى ينبغي أن يرافقك، ليدفع له سائق الحافلة، ثمن “إحضارك”، حتى لو كنت تعرف وجهتك، فهو ملازمٌ لك ولا يتركك. إن رفضتهم تعلو النظرات العدوانية وجوههم، وكأنك ظلمتهم وانتهكت حقهم في توصيلكَ كبضاعةٍ للحافلة. لا تجد أحداً منهم يسألك عن رخصة التنقل المفروضة ضمن الطوارئ الصحية، باعتبار مراكش من المدن المغلقة.

تنقلٌ بدون رخصةٍ!

عندما تأتي إلى قرب المحطة، يسألك أولائك الصارخون عن الوجهة. تخبرهم فيأخذونك لسائق الحافلة أو مساعد السائق ومرافقه. يطلعونكَ أن الخروج ينبغي أن تسبقهُ عمليةُ تنسيقٍ بين الحافلة وسيارة الأجرة.

سيارةُ الأجرة ستأخذك إلى سوق الأحد خارج مراكش، نظراً لتساهل الدرك معهم، وأنهم لا يمنعون مرورهم ولا يفتشونهم إلاّ نادراً، كما يقول سائقُ الطاكسي الخمسينيّ الذي ركبتُ معه.

وزاد السائقُ وهو يضعُ يديه على المقود ويزيدُ في سرعة السيارةِ، أن هذه “الحيلة”، كما وصفها مازحاً، بدأت الحافلات التعامل بها، منذ أيام عيد الأضحى، ولكنها مجهولة من طرف البعض، “حيتاش ماشي كلشي عارف هاد القضية، بنادم سمع مراكش تسدات والمحطة تسدات، ولكن راه من لول وحنا كنخدمو هاكا”، كما يقول بهدوءٍ.

وأفادَ أيضاً أنهُ هناك من يذهبُ إلى قلعة السراغنة بالطاكسي، ويقل الحافلة من هناك، لأن “تشديد الخناق كان على الحافلات أكثر من سيارات الأجرة، لذلك هذه المسألة ساعدت الكثيرين على التنقل دونَ رخصة مسلمة من طرف السلطات المحلية”.

نقطةُ التلاقي!

وصلنا إلى سوق الأحد الذي يبعدُ عن مراكش بأربعين كيلومتراً. هنا سننزلُ لننتظر الحافلة التي ستقلنا، كل إلى وجهته، بني ملال، ميدلت، الريش، الراشدية والريصاني.

انتظرنا لحوالي عشرين دقيقة، فجاءت الحافلةُ وصعدنا إليها. سألتُ المشتغل بالحافلةِ، بعد أن طلب مني، لماذا لم يطلب منا سائق سيارة الأجرة أن ندفع، فأجابني بملامحه التي تتصببُ عرقاً، أن الخسمة وعشرون درهاً، ثمن سيارة الأجرة، يدخلُ ضمن ثمن التذكرة، تفادياً للتواصل المباشر بين المواطن وسائقي الطاكسيات، “هكا أحسن لأن كنعطي لمول الطاكسي ثلاثة دالبلايص يوصلهم لسوق الأحد، ونخلط عليهم نهزهم”.

مهاجرون سرّيون…

ونحنُ في انتظارِ الحافلةِ، استفسرتُ المرأة التي كانت معي على متن سيارة الأجرة بمعية ابنتها، تتجهان إلى مدينة ميدلت، عن ضرورة السفر بهذه الطريقة.

أجابت بعصبية تعلو ملامحها أنهُ راجعٌ إلى الإغلاق المفاجئ لمراكش، وأنها عالقة منذُ عيد الأضحى دون أي خل رسمي يذكر، “هادو بغاو يخليونا هنا واقيلا، مابغاو يديرو والو وحنا عيينا”.

وتدخل أحدُ الركاب معرباً عن يقينه بكون السلطة تعلمُ هذه الطرق من “الهجرة السرية” بين المدن رغم الإجراءات المتبعة، “واش الغوات فالمحطة والأمن تما، زعما ماعارفينش؟” مضيفاً بنوعٍ من السخرية أن “الدولة ماشي سوقها لي بغيتي ديرو ديرو، غير ماديرش الفوضى”.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي