Share
  • Link copied

هكذا يتعايش المهاجرون المغاربة في أمريكا مع جائحة فيروس “كورونا”

يبدو أن الرئيس ترامب بدأ يستوعب بعد فوات الأوان لحجم المخاطر المحدقة ببلاده جراء استهانته لأسابيع بجائحة كورونا التي أدخلت العالم برمته في أزمة صحيّة واقتصادية غير مسبوقة.

ترامب الذي طالما قلل من الجائحة ورفض التضحية بالاقتصاد من أجل محاربتها، وقف قبل قليل في المؤتمر الصحفي المقام بالبيت الأبيض وهو يوجه نداءه بنبرة صارمة، يأمر فيها الأمريكيين الى الإستعداد لأسبوعين مؤلمين جدّا جدًّا.

يبدو إذن من خلال الصورة على الواقع، أن ما تعيشه الآن إيطاليا وإسبانيا وقبلهما الصين، أصبح مُركّزا في ولاية نيويورك لوحدها، ومرشح للانتقال بحدّة إلى باقي ولايات البلاد.

نيويورك التي سجّلت لوحدها إلى حدود الساعة أكثر من 76 ألف حالة موبوءة، خلفت أكثر من 1720 حالة وفاة، وتحولت في رمشة عين من مركز تجاري ومالي لا تختفي فيه الحركة على مدار الساعة الى مدينة مهجورة بشكل غير مسبوق، الامر ينطبق على ساحة التايم سكوير القلب النابض للمدينة، الذي أضحى فارغًا تماما الا من بعض المراسلين الصحفيين الذين يتواصلون مع قنواتهم التلفزية.

في اتصالنا مع المهاجرة م، ه التي تتحدر من إحدى القصور التابعة لإقليم زاگورة والمقيمة في مدينة بروكلين المتاخمة لنيويورك منذ عدة سنوات، أخبرتنا أنها معزولة عن العالم منذ مدة، بسبب مغادرتها لعملها بشكل مبكّر للدخول في حجر صحّي طوعي خوفا من جائحة كورونا قبل استفحالها، وما شجعها على ذلك، عدم توفر شروط منع انتقال العدوى في مقر عملها، ومع إصدار حاكم ولاية نيويورك أندريه كومو لأمر فرض الحجر الصحّي العام، جعل أمر لزومها لبيتها قد يمتد لفترة طويلة، وهو ما انعكس على مخططاتها المستقبلية، حيث ألغت برامجها بزيارة المغرب.

أما جوابها عن سؤالنا: الى أي حدّ تستطيع مسايرة هذه الوضعية في ظل غياب دخّل قار بسبب انقطاعها عن العمل كل هذه المدة؟ تخبرنا أن الامر سيبدو صعبًا حال عدم مساعدتها من طرف الدولة في تحمل مصاريف الكراء على الأقل.

في فرجينيا، يبدو الحال أحسن بالنسبة لرشيد، المهاجر الأسامري الذي يقيم في مدينة فايرفاكس منذ أكثر من عشر سنوات ويشتغل كسائق تابع لشركة “ليفت تاكسي” حيث صرّح لنا أنه استشعر قدوم هذه المرحلة، فقام بإعداد العدة لها سلفًا بالاشتغال لاكثر من عشر ساعات في اليوم للرفع من مدخراته قصد مسايرة هذه المرحلة، خصوصًا وأنه يعيل أسرته المكونة من زوجته وثلاثة أبناء.

رشيد الذي صمم على زيارة المغرب في الصيف، يعرب عن تمسكه بأمل تحقيق هذه الرغبة مع ثقته التامة في استفادته من خطة الإنقاذ التي اطلقها ترامب، خصوصا وأنه توقف عن العمل منذ عشرة أيام خوفا من العدوى ونقلها لأفراد عائلته قبل أن يأتي أمر حاكم فرجينيا رالف نورثام بإلزام الساكنة بحظر صحي طويل الأمد.

غير بعيد عن ولاية فرجينيا، وفي ولاية كنتاكي، وبالضبط مدينة لويسڤيل، يرى ابراهيم، ش الذي يتحدر من بلدة تازارين ويعمل تقنيا في شركة في مستودع الرعاية الصحية لشركة UPS ، أن الجائحة لا تخفيه بحد ذاتها، بل يخاف من تداعياتها التي قد تصل حال امتدادها الى حرب أهلية من أجل البقاء، ويرى مؤشراتها في حجم الأسلحة التي يتم تداولها في هذه الفترة.

ابراهيم، ش، الذي ألغى تذكرة سفره الى المغرب شهر ماي المقبل، يرى أن الاستمرار في عمله أمر لا يؤرقه، حيث تسمح له طبيعة عمله في الاشتغال حتى في أسوء السيناريوهات المحتملة للأزمة، كون الشركة حيث يشتغل، سيزداد الطلب عليها لتوصيل مراسلات القطاع الصّحي.

في ولاية ميريلاند، وبالضبط في حدودها مع العاصمة واشنطن، ظل كريم، ب يزاول عمله في شركة “إيبيو لوكال 26” للهندسة الكهربائية، لم يتوقف عنه الا بعد أمر حاكم ولاية ميريلاند بتطبيق حجر صحّي عام منذ يوم الاثنين المنصرم.

كريم الذي يتحدر من مدينة تنغير ويقيم في حي سويتلاند المتاخم لواشنطن العاصمة، اعترف أنه كان يشتغل في ظروف صحّية، حيث وفرت لهم الشركة كل المستلزمات الطبية التي تمنع انتقال العدوى فيما بينهم، ولو أن العمّال الذين يشتغلون تحت إمرته يزاولون عملهم متباعدين جدّا.

من جهة أخرى، يرى كريم أن سياسة ترامب في محاربة الجائحة فاشلة وأنها ستكلف الاقتصاد الامريكي أكثر من المتوقع. ترامب، يرى كريم، قد دخل دوامة من التيه والتخبط وصلت حد طلب مساعدات خارجية وهو نفسه من كانت تصدر منه تصريحات الاستهزاء بهذا الوباء وهو يلعب الغولف بأريحية.

كريم الذي ألغى برامج سفره لزيارة عائلته بهولندا تحت ظروف المرحلة، يقضي الآن فترة الحجر الصحي داخل بيته صحبة زوجته وأبنائه الثلاثة موزعًا وقته بين المطالعة والموسيقى مستفيدًا من الاستوديو الكامل التجهيز الذي يملكه في بيته.

يظهر إذن أن حياة المغتربين المغاربة في أمريكا على المحكّ، فإذا كانت الإعانات التي ستقدمها الدولة على الأبواب من حيث صرفها، فإن الغموض الذي يكتنف المدى الذي ستستمر اليه هذه الأزمة يجعل مخاوفهم مبررة، ويبقى الأمل لتبديدها، إمّا في ظهور علاج فعال يقضي على الوباء، أو حتى انحساره من تلقاء نفسه.

Share
  • Link copied
المقال التالي