أجرى السفير الأمريكي في ليبيا ريتشارد نورلاند ( الذي لازال مقيما في تونس)، حوارا مع موقع بوابة الوسط الليبية، كشف فيه عن مجموعة من الأفكار التي تبين موقف الولايات المتحدة الامريكية من ليبيا الموقف الذي كثيرا ماتم نعثه بالغامض أو المتردد حيث قال السفير “إن موقف الولايات المتحدة هو إنهاء القتال فورًا. نعتقد أنه يجب وقف كافة أشكال القتال. ويجب على الأطراف أن تنخرط فورًا في عملية المفاوضات التي تقودها الأمم المتحدة.
وأولى هذه الخطوات هو أنه يجب وقف قصف طرابلس من طرف القوات المسلحة العربية الليبية فورًا، وهذا سيسمح للطرف الآخر بخفض التصعيد من جانبه. وموقف الولايات المتحدة هو أننا نريد تسوية تفاوضية ووقفًا للقتال حالاً. نحن على تواصل مع حكومة الوفاق ومع القوات المسلحة العربية الليبية وجميع الأطراف في مسعى للتمكّن من تحقيق ذلك”.
وحول الحرب الجارية وسط نداءات بإيقاف الحرب نظرا لانتشار كورونا قال السفير الأمريكي “نعتقد أن أزمة جائحة كورونا قد زادت من الحاجة الملحة إلى هدنة إنسانية. وهذا هو السبب الذي جعلنا ندعو إلى مثل هذه الهدنة. هذا من شأنه أن يؤدي إلى تحقيق تقدم على مستوى مسوَّدة وقف إطلاق النار الذي تم التفاوض بشأنه في اجتماعات لجنة «5+5» في جنيف في 23 من فبراير.
ونرى أن هناك دواعي حقيقية للطرفين للالتزام بتلك الوثيقة ومن ثم المرور إلى وقف إطلاق نار تام ودائم. وأزمة جائحة كورونا الحالية تجعل من هذا الأمر أساسيًّا”.
معبرا عن أمله في أن يحصل، قف لإطلاق حيث رأى أن المبعوث الأممي السابق “غسان سلامة والأمم المتحدة وضعا هيكلية فعالة من أجل وقف إطلاق نار حقيقي. وتمكَّن مؤتمر برلين في شهر يناير من جعل الأطراف الخارجية تقدم العمل اللازم والتعهدات المناسبة، وما نريده اليوم أن نرى هذه الأطراف تفي بتعهداتها وأن تتخذ الخطوات التي تناسب التعهدات التي اتفقت عليها.
وبالنسبة لتلك الأطراف الخارجية التي تعتقد بأن أهدافها ستتحقق من خلال القتال، نعتقد بأنها مخطئة تمامًا. فالقتال لا يؤتي أكله بالنسبة للأمور التي نعتقد بأنهم يسعون لتحقيقها. لذلك نعتقد بأن الصواب الآن هو المرور فورًا إلى وقف لإطلاق النار والمفاوضات السياسية”.
وأضاف أن السفارة الأمريكية “على تواصل مع المنظمات الليبية ومؤسسات الصحة العامة الليبية ومع المنظمات الدولية المعنية بالصحة العامة مثل منظمة الصحة العالمية، ونحن معجبون كثيرًا بالجهد الذي يسعون لبذله في كل أرجاء البلاد تحسبًا للتصدي لهذه الأزمة، غير أن القتال المستمر يعرقل جهودهم، وهو ما يعرض عملهم للخطر ويحوِّل مسار الموارد المتنوعة عن الجهد الذي يسعون لبذله لمجابهة جائحة «كورونا». فنحن نشعر بإحباط كبير، حيث إن الأطراف المشارِكة في مؤتمر برلين والاتفاق الذي تم التوصل إليه آنذاك لم تفِ إلى حد الآن بتعهداتها. وبصراحة نعتقد بأنهم سيدفعون ثمنًا أمام الرأي العام الليبي في مرحلة ما”.
وعن رأيه في العملية التي أطلقها الإتحاد الاوروبي “ايريني “ قال السفير الأمريكي في ليبيا ريتشارد نورلاند إن “الولايات المتحدة تدعم عملية «إيريني» التي أطلقها الاتحاد الأوروبي، ونتطلع إلى أن تنطلق العملية في أقرب وقت ممكن. وفهمُنا هو أن هذه العملية لن يكون لها بُعد بحري فقط، بل وجانب يتعلق بالمراقبة عن طريق الأقمار الصناعية، بحيث سيكون بالإمكان رصد خروقات حظر الأسلحة ليس فقط على الحدود البحرية بل عبر حدود ليبيا البرية أيضًا.
وأضاف بأن “أزمة جائحة «كورونا» ستزيد من الضغوط على جميع الأطراف داخل البلاد وخارجها لوضع القتال جانبًا والتركيز على أزمة الصحة العامة هذه. نعلم أن هناك سلطات في ليبيا وطنية ودولية تبذل قصارى جهدها للاستعداد للأزمة ومكافحة انتشار فيروس «كورونا»، إلا أن القتال يقف عائقًا مباشرًا لتلك الجهود. نعتقد بأن هناك إدراكًا متزايدًا من جميع الأطراف على أّنه من مصلحة الشعب الليبي وقف القتال حتى تتم السيطرة على هذا الوباء.
وحول تداعيات الحرب الليبية على الاقتصاد الليبي قال أن هناك مسألتان هنا، “أولاً استئناف إنتاج النفط، ونعتقد بأن هذا الأمر يجب أن يحدث فورًا. ومن خلال النقاشات مع المؤسسة الوطنية للنفط ندرك أنه من المنظور الفني البحت، فإن البنية التحتية ستصاب بالشلل التام في حال عدم استئناف إنتاج النفط، وبالتالي فإن إنتاج النفط في ليبيا سيتأثر في المستقبل.
الأمر الثاني يتعلق بقدرة المؤسسات المالية والاقتصادية الليبية على العمل معًا لما فيه مصلحة البلاد بكاملها، خاصة مع ظهور أزمة فيروس «كورونا».
وبعتقد السفير الأمريكي بأن ليبيا لديها كفاءات تكنوقراط قادرون على إدارة الثروات، وهم يحتاجون إلى الدعم والتشجيع والتفويض اللازم لتوحيد الجهود وحل هذه المسائل للتأكد من أن المؤسسات تعمل بشكل فعال معًا. لذلك نحن ندعم الدعوة لعقد اجتماعات من أجل تحقيق ذلك. ولا نعتقد بأن هذا يتعلق بالأشخاص، ولا يجب أن يتعلق بالأشخاص”.
ووأضاف السفير بأن “الولايات المتحدة قد لعبت دورًا مهمًّا على مدى السنوات القلية الماضية في سعيها لمساعدة المؤسسات الاقتصادية الليبية على العمل معًا بشكل جيد. ونكره أن نرى تلك الجهود تذهب سُدى، خاصة بعد أن لاحت أزمة فيروس «كورونا» في الأفق. وفي الوقت الحالي نعتقد بأن هناك حاجة ملحة للأشخاص المعنيين في طرابلس وغيرها من مناطق البلاد أن يجتمعوا ربما من خلال المؤتمرات المنقولة عبر دوائر الفيديو المغلقة، إذ أنه يتعذر الالتقاء شخصيًّا، وللاجتماع في أقرب فرصة ممكنة، للتركيز بشكل خاص على المسائل المتعلقة بالاحتياجات المالية والاقتصادية للتعاطي مع جائحة فروس «كورونا»، بدءًا على سبيل المثال بمسألة دفع رواتب موظفي الصحة الذين يضعون صحتهم وحيواتهم على المحك من أجل مجابهة هذه الجائحة”.
وأضاف أن “المراجعة الخارجية للحسابات أمر بالغ الأهمية، فهي تتعلق بالشفافية في موضوع الكيفية التي يتم بها توزيع الثروات الليبية. إن استمرار عرقلة عملية المراجعة يعني أن هناك مَن يريد إخفاء أمر ما. وأنا على ثقة تامة أنه حالما يتم إجراء مراجعة خارجية للحسابات بشكل فعال فإن ذلك سيساعد الناس على فهم أفضل لكيفية توزيع الثروات في ليبيا والتأكد من أنها توزع بشكل عادل قدر الإمكان. فهذه إحدى المسائل التي تكمن وراء الصراع، لذلك فمن المهم إحراز تقدم سريع على مستوى المراجعة الخارجية”.
وحول موضع الدول المعرقلة لحل النزاع الليبي قال السفير الامريكي أن“ فرضت الولايات المتحدة عددًا من العقوبات من قبل، ونحتفظ بخيار فرض عقوبات إضافية على سبيل المثال مع هؤلاء الذين يعملون مع مجموعة «فاغنر» الروسية. العقوبات وسيلة فعالة ولكنها تستغرق وقتًا لتنفيذها. والآن هناك حاجة ملحة حول الوضع؛ لذلك من وجهة نظري أعتقد أنه على الأطراف المبادرة بالقيام بما يجب عليها القيام به من حيث تعليق الأعمال العسكرية ومجابهة جائحة فيروس «كورونا»، وعدم انتظار تطبيق العقوبات التي تتطلب منهم القيام بذلك بطريقة أو بأخرى”.
تعليقات الزوار ( 0 )