Share
  • Link copied

هكذا اتفق الإسبان مع “بوحمارة” لاستغلال أكبر منجم للحديد بالمغرب

كانَ المكانُ جميلاً في فيما مضى من زمن قد تولى، لكنه اليومَ يعيش حاضراً لا يبعث على الارتياح التام، وينصتُ ذاكرة مجروحة تبحث لنفسها عن الالتئام، إنها منطقة “ويكسان”، والتي تعني بأمازيغية الريف “جبل الخيل”.

تبدو “ويكسان” التي تبعدُ عن مركز مدينة الناظور، بحوالي 14 كيلومتراً جنوبا، قرية بلا ملامح أرهقتها الحياة، في أعلى الجبل تطالعك بناية عتيقة تعلوها لافتة حديدية، كتب عليها شركة مناجم ” سيف الريف”، هي كل ما تبقى من علامة تعكس أن الحياة كانت هنا ذات زمن داخل البناية.

لم يعرف سكان قرية “ويكسان” قيمة الكنوز المعدنية المحيطة بهم، إلاّ بعد دخول الاستعمار الاسباني، الذي حوّل القرية إلى منطقة منجمية نشيطة، وقام بتشغيل معظم سكّانها في استخراج المعادن.

منجم حديد نهبهُ الإسبان بمساعدة “بوحمارة”

تعد “ويكسان” من أكبر مناجم الحديد وأولها بالقارة الافريقية، وتختزن حسب المكتب الوطني للهيدروكاربونات والمعادن 35 مليون طن، مع موارد قابلة للاستغلال في حدود 26 مليون طن، حسب ذات المكتب.

وفي سنة 1905، قدّمَ الإسباني “ألفونسو دي ألبانيا”، بياناً مفصلا إلى المملكة الإسبانية عن قيمة حجارة “ويكسان”، وغنى المنطقة بمعادن الحديد والرصاص والفوسفور وغيرها، حيث ازداد طمع الاسبان وكبر نهمهم خلال تلك الفترة، فقرروا ضم المنطقة إلى مستعمراتهم شمال المغرب ليقوم” ألفونسو” الثالث بزيارتين للمنطقة، ودشن خلالها قرب مدينة أزغنغان التي تبعد 7 كيلومترات عن الناظور، خط السكك الحديدية الرابط بين مليلية المحتلة ومركز المدينة.

وبمجرد ما علِم حينها الريفيون بهذا المشروع الاستعماري ثاروا في وجه الإسبان، وحاولوا تخريب الخط الحديدي، مما جعل المستعمرين يتصلون بـ “الروكي بوحمارة”، أنذاك ويتفقون معه على استغلال هذه المناجم لمدة تسع وتسعين سنة، مقابل مبالغ مالية، وفق ما ذكره الباحث في تاريخ الريف، اليزيد الدريوش، لجريدة “بناصا”.

وقال حسن نبيل رئيس مركز ويكسان للبحث والتنمية وإعادة تهيئة مناجم الحديد، في تصريح له لـ “بناصا”، أن بداية الأشغال بهذا المنجم بدأت سنة 1911، عبر طريقة تقليدية، إلا أن الإسبان سرعان ما وجدوا بأنها غير ناجعة، ففكروا في إنشاء معمل ضخم، وبدأوا في استنزاف ثروات الحديد بطريقة وصفها بـ “الخطيرة”، وذلك من خلال الكمية التي تم نقلها إلى إسبانيا حيث وصلت 48 مليون طن أنذاك، خلال الفترة ما بين 1911 إلى حدود الاستقلال سنة 1956.

أكبر منجم في إفريقيا يتحول إلى أطلال

تحوّل استغلال مناجم “ويكسان” بعد استقلال المغرب، من أيدي الشركة الاسبانية إلى شركة مغربية، ليعطي الحسن الثاني ملك المغرب الراحل، أوامره ببناء مؤسسات ضخمة في عدد من الاقاليم المغربية ،نال منها إقليم الناظور حصة الأسد، من خلال بناء معمل تكوير الحديد والتسطير لبناء مركب بسلوان (بلدة تبعد بـ20 كيلومترا عن الناظور)، يتسع لنحو ثلاثين ألف عامل ، ينتج حوالي مليون طن من الصلب والحديد سنويا، فاحتل المعمل بعد إنشاءه المرتبة الأولى افريقيا والرابعة على الصعيد العالمي بعد أمريكا وكندا والسويد، لكن صارت الأمور عكس المأمول، وبدأت الإنتاجية في التراجع نتيجة الاستهتار وانعدام الحكامة.

وبسبب معاملة العمال بالوضاعة والاستصغار، فتوقف المنجم عن العمل وتحول إلى أطلال تبعث عن الكآبة والحسرة، حسب حسن نبيل رئيس مركز ويكسان للبحث والتنمية وإعادة تهيئة مناجم الحديد.

Share
  • Link copied
المقال التالي