تعتزم القوات المسلحة الملكية، تنفيذ مناورات عسكرية ضخمة مع جيش الولايات المتحدة الأمريكية، الحليف العريق للمملكة، في إطار ما يسمى بمناورة الأسد الإفريقي، وذلك مابين 7 و18 يونيو المقبل، وتحديدا في منطقة المحبس الحدودية.
وتحمل المناورات العسكرية المشتركة، التي دأب البلدين على تنفيذها منذ سنوات، حسب خبراء، دلالات ورسائل معدة مسبقا وبدقة إلى الجهات المستهدفة، ومن جهة ثانية، تهدف هذه المناورات إلى تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدان المشاركة، واختبار القدرات الحربية للملكة.
الدكتور فؤاد أعلوان، أستاذ العلاقات الدولية بكلية الحقوق بفاس، أكد أن مناورات “الأسد الإفريقي”، التي ستجرى جزء منها بمنطقة “المحبس” على مقربة من المنطقة العازلة، ليست فقط منعطفا هاما في مجال التعاون العسكري المغربي الأمريكي، ولكن أيضا تعتبر حدثا بارزا يندرج في إطار “السيادة النشيطة” التي بدأ المغرب في ممارستها تعزيزا للأمر الواقع في منطقة الصحراء المغربية.
وأضاف أعلوان في تصريح لـ”بناصا” أن تنظيم مناورات عسكرية بين المغرب والولايات المتحدة الأمريكية، أمر طبيعي، ويندرج في إطار التعاون الثنائي بين البلدين الذي رسخته اتفاقية تعزيز التعاون العسكري والأمني الموقعة في الثاني من أكتوبر 2020 والسارية المفعول لمدة عشر سنوات.
وأوضح المصدر ذاته، أن السبب الأول يرتبط بحجم هذه المناورات؛ حيث أن هذه المناورات المزمع تنظيمها في يونيو القادم، تعد مختلفة تماما عن سابقاتها كمناورات “مصافحة البرق” التي جرى تنظيمها في مارس 2021.
ومن المتوقع أن تكون الأضخم على مستوى القارة الإفريقية، حيث ستعرف توظيف معدات عائلة وتكنولوجيا متطورة، كما ستتميز بمشاركة حوالي ثمانية آلاف جندي وضابط من سلاح البحر والجو والمشاة من القارتين الإفريقية والأوروبية فضلا عن قوات المارينز والقوات المسلحة المغربية.
أما السبب الثاني، يضيف أعلوان، فيعد بمثابة رسالة مبطنة للجزائر، وهو يتعلق بسيناريو المناورات وطبيعة تمارينها؛ حيث أكدت القيادة العسكرية الأمريكية في إفريقيا “أفريكوم” على أن جانبا من المناورات جرى تصميمه لمحاكاة سيناريو التصدي لقوة شبه عسكرية تدعمها دولة أخرى، وهو ما ينطبق تماما على البوليساريو وراعيتها الجزائر.
وتتضمن مناورات “الأسد الإفريقي” تمارين مكثفة ومعقدة تشمل التخطيط المسرحي واللوجستيكي، إطلاق النار من البحرية، المناورات الجوية المباغثة، تزويد الطائرات العسكرية بالوقود وهي في الجو، إضافة إلى تمارين للتصدي والرد على التهديدات الكيميائية والبيولوجية، وتمارين ميدانية أخرى تخص المظليين وقوات العمليات الخاصة.
وأبرز أستاذ العلاقات الدولية بكلية الحقوق بفاس، أن هذا الأمر يظهر بوضوح من خلال نوعية وطبيعة تمارين المناورات، وهي سعي القوات المسلحة الملكية للرفع من القدرات القتالية لأفرادها والاستعداد الفعلي والجدي لصد أي اعتداء محتمل تكون الجزائر طرفا فيه.
ويعد السبب الثالث المرتبط بمنطقة المناورات حاسما في جعل مناورات “الأسد الافريقي 2021” استثنائية بكل المقاييس، حيث سينظم جزء منها في منطقة “المحبس” التي تعد موقعا عسكريا استراتيجيا هاما لا يبعد إلا ببضعة كيلومترات عن الحدود الجزائرية.
وأضاف، أنه من المؤكد أن تنظيم مناورات مشتركة ضخمة في منطقة عسكرية حساسة على مقربة من تندوف الحاضنة لجبهة البوليساريو يحمل أكثر من دلالة؛ فمن جهة تعد هذه المناورات ردا مباشرا على المناورات العسكرية الجزائرية الجوية والبرية التي نظمت بشكل أحادي في يناير الماضي بالقرب من تندوف باستخدام الذخيرة الحية.
موضحا، أن العملية اكتست طابعا عدائيا –يظهر من خلال تسميتها غير البريئة “الحزم”- بعد ما صاحبها من تسويق إعلامي كبير من قبل الإعلام الجزائري، ومن تصريحات استفزازية وردت على لسان رئيس أركان الجيش الجزائري “السعيد شنقريحة” الذي أكد أن مناورات الجزائرية نظمت بغرض “تحسين الآداء القتالي للجيش الجزائري.. حتى تبقى الجزائر عصية على أعداء الأمس واليوم” في إشارة واضحة للمغرب.
ومن جهة ثانية يعد إقناع الولايات المتحدة الأمريكية وعدة دول إفريقية وأوروبية بالمشاركة في هذه المناورات، المزمع تنظيمها في مناطق طانطان والمحبس والداخلة، نصرا كبيرا للدبلوماسية المغربية الهجومية التي تكون بذلك قد نجحت في تعزيز الموقف المغربي وتثبيت سيادته على الإقليم.
وخلص فؤاد أعلوان، أستاذ العلاقات الدولية بكلية الحقوق بفاس، إلى أنه إضافة إلى ما سلف ذكره، فإن تنظيم مناورات “الأسد الإفريقي” – بلا شك – سيشكل تأكيدا للموقف الأمريكي من قضية الصحراء، وسيعد تجسيدا ميدانيا للاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء.
تعليقات الزوار ( 0 )