في خطوة وصفت بـ”التاريخية”، شهدت مدينة سبتة المحتلة أول يوم أمس (الثلاثاء) افتتاح أول جمركة تجارية مع المغرب، مما يمثل تطورًا كبيرًا في مسار تطبيع العلاقات بين الجارين.
وفي هذا السياق، عبّرت كريستينا بيريز، المندوبة الحكومية في سبتة، عن سعادتها الغامرة بهذا الإنجاز، مؤكدة أن هذه الخطوة تُعد جزءًا من خارطة الطريق المتفق عليها بين البلدين لتعزيز التعاون الاقتصادي وتسهيل التبادل التجاري.
وتم افتتاح الجمركة التجارية بشكل فعلي مع عبور أول شاحنة محملة بمنتجات سيارات من سبتة إلى المغرب، وذلك وفقًا للاتفاقيات المبرمة بين الجمارك المغربية والإسبانية.
وأوضحت بيريز أن هذه العملية تمت تحت مظلة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، وبالتعاون مع الوسطاء التجاريين وممثلي الحكومة ورجال الأعمال.
وأكدت المندوبة الحكومية أن هذه الخطوة هي مجرد البداية، قائلة: “هذه أول عملية، وقد واجهنا بعض العقبات الإجرائية، لكننا نجحنا في عبور الشاحنة. هذا هو بداية العديد من العمليات، ولن نتوقف هنا”.
ومن المقرر أن تعقد السلطات الإسبانية الأسبوع المقبل اجتماعًا مع ممثلي غرفة التجارة والاتحاد العام للشركات الإسبانية (CECE) لتوضيح الإجراءات اللازمة لاستيراد وتصدير البضائع.
وأشارت بيريز إلى أن دور الحكومة سيكون ثانويًا في هذه المرحلة، حيث يتعين على رجال الأعمال اتخاذ زمام المبادرة في العمليات التجارية، كما هو الحال في أي حدود دولية أخرى.
وأضافت: “سنزودهم بالوثائق اللازمة، ومن ثم ستكون المبادرة منهم. لن نتخلى عنهم، وسنظل دائمًا موجودين لتقديم الدعم في أي إجراءات حكومية أو على مستوى العلاقات مع المغرب، لكننا لن نكون في موقع الوصاية كما كان الحال سابقًا”.
وكشفت بيريز أيضًا عن خطط لاستيراد المنتجات الطازجة من المغرب، بما في ذلك الأسماك والخضروات، إلى جانب الصادرات الإسبانية.
وأكدت أن الجمركة التجارية ستسمح بتبادل السلع في كلا الاتجاهين، مما يعزز التعاون الاقتصادي بين البلدين.
وقالت: “لن نقتصر على التصدير فقط، بل سنقوم أيضًا بالاستيراد. سنعمل على جلب المنتجات الطازجة، وسنواصل التعاون مع الجهات القادرة على تنفيذ هذه العمليات”.
وفي المرحلة الأولى، ركزت الجمركة على تصدير منتجات الإلكترونيات والأجهزة المنزلية ومنتجات التنظيف وقطع غيار السيارات، استجابة لاحتياجات رجال الأعمال في سبتة. ومع ذلك، أشارت بيريز إلى إمكانية توسيع قائمة المنتجات بناءً على المتطلبات المستقبلية.
وأضافت: “نحن نعمل حاليًا وفق هذه القائمة، لكننا مستعدون للتفاوض حول إدراج منتجات أخرى. هذه عمليات بين أطراف خاصة، ونحن نسعى إلى تحقيق نظام حدودي منظم يخضع للقوانين المعمول بها”.
وستعمل الجمركة من الاثنين إلى الجمعة، دون أوقات محددة، مع السماح بعبور الشاحنات في كلا الاتجاهين. كما لن تكون هناك قيود على كمية البضائع، حيث يمكن للشركات استيراد أو تصدير الكميات التي تراها مناسبة.
ويُعد افتتاح الجمركة التجارية بين سبتة والمغرب خطوة مهمة نحو تعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين، مع إشارات إيجابية على استمرار التعاون في المستقبل.
وقد عبّرت السلطات الإسبانية عن تفاؤلها بهذا التطور، معتبرة إياه بداية لعصر جديد من التبادل التجاري والشراكة الاقتصادية بين سبتة والمغرب.
تعليقات الزوار ( 0 )