نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” تقريراً أعدته هيلين كوبر وإريك شميدت قالا فيه إن الرصيف الأمريكي العائم قرب غزة يفشل، وربما يتم تفكيكه قريباً.
وأوضح التقرير أن الرصيف العائم المؤقت، الذي أُنشئ بكلفة 250 مليون دولار، وبناه الجيش الأمريكي بسرعة، فشلَ في مهمته، وربما أوقف عملياته في غضون أسابيع، وقبل الوقت المتوقع.
ومنذ الإعلان عن تشغيله، قبل شهر، لم يعمل سوى عشرة أيام، أما بقية الأيام فقد تم إصلاحه نظراً للأمواج الصعبة في البحر التي كسرت أجزاء منه، وتم فصله عن الشاطئ، أو توقف بسبب المخاطر الأمنية.
ولم يقصد من بناء الرصيف العائم إلا أن يكون إجراء مؤقتاً، حيث ضغطت إدارة بايدن على إسرائيل لكي تسمح بمرور المزيد من الإمدادات إلى غزة عبر المعابر البرية، والتي تعتبر أكثر فعالية لإيصال المساعدات الإنسانية.
ويرى مسؤولون أمريكيون أن الرصيف لن يحقق حتى الأهداف المتواضعة منه.
وجاء التفكير بالرصيف العائم في وقت حذرت فيه السلطات الصحية من أن القطاع يقف على شفير مجاعة. وفي الوقت الذي سمحت فيه إسرائيل لمنظمات الإغاثة، في الأسابيع الماضية، بإدخال مزيد من المساعدات، إلا أن الوضع لا يزال خطيراً، كما تقول هذه المنظمات.
وتوقعت إدارة بايدن توقّف الرصيف عن العمل بحلول سبتمبر، حيث لن تسمح الظروف البحرية باستمرار عمله. ولكن المسؤولين العسكريين يقولون الآن إن المشروع قد يفكك في موعد قريب من الشهر المقبل، وهو موعد يأمل الأمريكيون بأنه يزيد من الضغط على إسرائيل كي تفتح المزيد من المعابر البرية.
وأمر الرئيس بايدن الجيش الأمريكي بالعمل على بناء الرصيف، في مارس، وفي وقت تعرّض فيه لانتقادات حادة لأنه لم يقم بالمزيد من أجل الضغط على الجيش الإسرائيلي للحدّ من إفراطه بالرد على هجمات “حماس” في 7 أكتوبر.
وبدأ الرصيف بالعمل في 17 ماي، ولكن المشروع عانى من مشاكل فنية، في وقت عاش فيه الكثير من الغزيين أوضاع الجوع والعوز، حسب المنظمات الإنسانية.
وفي ضربة جديدة لجهود الإغاثة قال الجيش الأمريكي، يوم الجمعة، إنه سيقوم بتحريك الرصيف لمنع الضرر بسبب الأمواج العالية.
وفي منشور على منصات التواصل الاجتماعي، قالت القيادة المركزية إن القرار “لم يتخذ بنوع من الاستخفاف، ولكنه كان ضرورياً من أجل مواصلة تقديم الرصيف العائم خدماته في المستقبل”، وإن الرصيف سيجر إلى إسرائيل.
وقالت صابرينا سينغ، المتحدثة باسم البنتاغون، يوم الإثنين، إن الرصيف سيُعاد ربطه ليستأنف عمليات الإغاثة هذا الأسبوع.
وكتب ستيفن سيملر، المؤسس المشارك لمعهد إصلاح سياسة الأمن، مقالاً في نشرية “ريسبونسبل ستيت كرافت”، التي ينشرها معهد كوينسي أن الرصيف “ليس مفيداً، على الأقل للفلسطينيين”.
وناقش سيلمر قائلاً إن الرصيف العائم نجح فقط في “تقديم غطاء إنساني” لسياسة إدارة بايدن الداعمة لإسرائيل وقصفها المستمر لغزة.
وقال المسؤولون الأمريكيون إن الرصيف العائم، إلى جانب نقله المساعدات، ركّز الانتباه على الحاجة الماسة للمساعدة، وتوفير المزيد من الدعم الإنساني في غزة. إلا أن التحديات التي واجهت المشروع تسبّبت بإحباط بين مسؤولي إدارة بايدن.
ورغم المشاكل المتعلقة بالجو، لم يتعرض الرصيف لهجوم عسكري. وفي بداية الشهر، رفض البنتاغون مزاعم أن الرصيف العائم استُخدم في الهجوم على مخيم النصيرات، الذي قامت من خلاله وحدات إسرائيلية خاصة بتحرير أسرى وقتل مئات الفلسطينيين.
وانتشر في الساعات التي تبعت العملية فيديو يظهر مروحية إسرائيلية وهي تقلع من الشاطئ، وبدا خلفها الرصيف العائم. ونفت القيادة المركزية، في بيان، إذ قالت إن “معدات وعاملين فيه وأرصدة [الرصيف العائم] لم تستخدم في العملية لإنقاذ الرهائن اليوم في غزة”.
وكان المسؤولون الأمريكيون قلقين من إمكانية تعرّض الرصيف لهجمات نظراً لتقارير تحدثت عن تقديم الولايات المتحدة معلومات أمنية حول مكان الأسرى قبل العملية.
وفي الأسبوع الماضي، شجب المسؤول الإعلامي للبنتاغون الجنرال باتريك أس رايدر ما وصفها “المزاعم غير الدقيقة على منصات التواصل الاجتماعي”، وأن الرصيف كان جزءاً من عملية الإنقاذ، ولكنه اعترف بوجود “نشاطات لمروحية” قرب الرصيف أثناء العملية.
ويقول أرلان فولر، مدير الرد السريع في “بروجيكت هوب”، إن صورة “المروحية وهي تقلع من الشاطئ تتعارض حقاً مع الاستخدام للمجال الإنساني”، مضيفاً أن الصورة “عكّرت الأجواء”، وربما عرّضت عمال الإغاثة الإنسانية للخطر الكبير.
وإضافة إلى هذا، فقد تزامن إعلان القيادة المركزية عن عودة الرصيف للعمل، بعد توقف أسبوعين لإصلاحه، مع عملية الإنقاذ. وبعد يوم أعلن برنامج الغذاء العالمي أنه أوقف عمليات توزيع المساعدات من الرصيف بسبب مخاوف أمنية.
وفاجأ بايدن البنتاغون عندما أعلن عن بناء الرصيف في خطابه عن حالة الاتحاد، وأشرف عليه المهندسون العسكريون، وشارك حوالي 1,000 جندي أمريكي في أجزاء من المشروع.
وتوقّعَ المسؤولون الأمريكيون توزيع مليوني وجبة يومياً للغزيين. وأطلق البنتاغون عليه “اللوجيستيك المشترك على الشاطئ”، وهي عمليات استخدمت سابقاً في الصومال والكويت وهاييتي.
وفي الأيام القليلة التي عمل فيها الرصيف، ساهم بنقل آلاف الأطنان من الأغذية.
وقال نائب قائد القيادة المركزية نائب الأدميرال براد كوبر إن مشكلة الرصيف “نابعة من مشاكل جوية غير متوقعة”. وعادة ما تكون المياه حول شاطئ غزة هادئة في فصلي الربيع والصيف.
وانتقد عددٌ من المشرعين الجمهوريين المشروع، لأنه يعرّض حياة الجنود الأمريكيين للخطر. وعلّق السيناتور الجمهوري عن ولاية ميسيسبي، والعضو الجمهوري البارز في لجنة القوات المسلحة، “هذه التجربة غير المسؤولة والمكلفة وتتحدى المنطق باستثناء التفسير السياسي”.
ويقول عمال الإغاثة بأن عملية نقل المساعدات تباطأت بسبب الاختناقات على المعابر البرية الناجمة عن التفتيش الإسرائيلي، ومحدودية ساعات العمل، ومحاولات إسرائيليين منع وصول الشاحنات إلى غزة.
وأعلنت القيادة المركزية، يوم الجمعة، أن الرصيف استخدم، منذ بدء تشغيله في 17 ماي، لنقل 3,500 طن. إلا أن معظم المساعدات التي تصل إلى غزة لا تفيد الغزيين بسبب الموضوعات اللوجيستية والأمنية والنهب.
ويرى عمال الإغاثة أن حمولة سبع شاحنات يومياً عبر الرصيف العائم، هي أقل من حاجة القطاع إلى 150 شاحنة في اليوم. وقال ستيفن موريسون، مدير سياسة الصحة العالمية في مركز الدراسات الإستراتيحية والدولية إن “الحجم لا قيمة له”، و”ستصبح البحار صعبة جداً”.
تعليقات الزوار ( 0 )