هو عنوان كتاب لمؤلفه روي جاكسون وهو أستاذ بريطاني محاضر في الفلسفة والدين في عدة جامعات، مثل جامعة دورهام وروهامبتون. حاصل على الدكتوراه من جامعة كينت
وقد ناقش في كتابه نيتشه والإسلام الصادرة ترجمته عن دار جداول قضايا عديدة حاول من خلالها الإجابة عن أسباب اهتمام نيتشه بالإسلام وميله لأنْ يكون سمحًا تجاه التراث الإسلامي، رغم أنه كان نقديًّا تجاه المسيحية الغربية؟ – والتساؤل عن مركزية الدين في رؤى نيتشه حول قضايا مثل الفلسفة الأخلاقية والسياسية، وكيف يمكن لهذا الأمر أنْ يساعد على فهم الردّ الإسلامي على الحداثة؟ –
وكيف يمكن لرؤية نيتشه المميزة وميثودولوجيته أن تحدث زحزحة في الفكر الغربي تجاه الإسلام؟
يقدم كتاب روي جاكسون نظرة أصيلة وجديدة في توجهات نيتشه الفكرية حول الدين، ويدلل على أنّ فلسفته يمكن أن تُقدّم مساهمةً مهمة لما اعتبر بارادايمات الإسلام الجوهرية.
المعروف والشائع عن الفيلسوف الألماني أنه المنظر الأول للفلسفة الإلحادية عندما أعلن عن موت الإله في كتابه الأساسي هكذا تكلم زرادشت وذلك حين قابل القديس العجوز في الغابة وعندما اختلى زرادشت بنفسه قال: هل هذا ممكن؟ هذا القديس العجوز لم يسمع في غابته أن الإله قد مات؟ ونحن الذين قتلناه» وفي كتاب «العلم المَرِح» الذي نُشِر عام 1882، ، قال نيتشه : «لقد مات الإله. ونحن الذين قتلناه. كيف لنا أن نعزي أنفسنا ونحن قتلة؟ مَن كان أكثر قداسة وعظمة في العالم نزف حتى الموت بسبب خناجرنا. من ذا الذي يمسح الدماء من على أيدينا؟ أي مياه تكفي لتطهير أرواحنا؟ أي طقوس تطهير مقدسة يجب أن نمارسها؟ أليس عظمة هذا الفعل كبيرة علينا؟ أيجب علينا أن نصبح آلهه فقط لنكون مستحقين لذلك؟».لكن يلاحظ من خلال هذا النص أن نتشه يستنكر فعل قتل الإله، ويصفه بالفعلة الشنيعة التي تحتاج إلى مياه كثيرة للتطهير، ولعله قصد بموت الإله الرب يسوع فوالد نيتشه كان راهبًا بروتستانتيًّا، ومات عندما كان نتشه في سن الرابعة، ونشأ في أسرة متدينه تسيطر عليها التقوى اللوثرية الكئيبة من وجهة نظره، برفقة أمه وشقيقته إليزابيث . لذلك كان إعلانه موت الإله تمردًا على هذا العالم المظلم للمواعظ المسيحية التي سيطرت على حياته. ولم يكن تمردا على الإله في صيغته الابراهيمية وقد تأثر إعلان نيتشه في مسألة موت الإله بالثورة التي أحدثها عصر التنوير في أوروبا، حين طُرِحَت فكرة أن الكون محكوم بقوانين الفيزياء، وليس من خلال قوة الإله. قتل الفلاسفة الإله من خلال رؤيتهم الواسعة للكون والنظريات العلمية الحديثة وتصاعد العلمانية في أوروبا. ،. رأى نيتشه أن أوروبا لا تحتاج إلإله المسيحي ليكون مصدرًا للأخلاق والمعرفة والقيمة.
. ونيتشه قبل توجهه لدراسة الفلسفة سبق له أن تخلى عن دراسة اللاهوت بمدينة بون.
أما عن موقفه من الرسول محمد ص فقد عبر عنه في رسالة له وهو في الحادية والعشرين من عمره إلى اليزابيث نيتشه سنة 1865 قال فيها :(لا يزال هناك سؤال حاسم واحد، إذا اعتقدنا منذ صغرنا فصاعدا أن جل خلاصنا نابع من شخص آخر غير المسيح، من محمد على سبيل المثال، أليس من غير المؤكد أنه كان ينبغي لنا أن نشعر بالبركات ذاتها؟
وفي رسالة مكتوبة من طرف نيتشه في علم 1881 إلى صديقه كوزيليتز جاء فيها : أسأل رفيقي القديم غيرسدوف إن كان يريد الذهاب معي إلى تونس لقضاء عام أو عامين هناك، أرغب في العيش لفترة من الوقت بين المسلمين، وعلاوة على ذلك، في أماكن حيث يكون الإيمان أكثر ورعا، بهذه الطريقة يتم شحذ نظرتي وحكمي على كل شيء أوروبي،
ومن خلال هذا النص يتبين مدى افتتان نتشه بالإسلام ورغبته في تجربة العيش وسط أهله.
وعلى نحو غير متوقع يقول نيتشه في خاتمة كتابه (EL ANTICRISTO) عدو المسيح , أي قبل وفاته بسنتين: « الإسلام دين يتطلب الرجال» و «يشتمل على غرائز رجولية» تنتصر للحياة, فيه من الغنى النادر على نحو ما في الحضارة الاندلسية، وكان الآحرى بالصليبين أن ينحنوا أمامه على التراب،
وفي إطار تمجيد نتشه للإسلام يتوج رؤيته بأبرز نص على الإطلاق في الفقرة 60 من كتايه عدو المسيح :لقد حرمتنا المسيحية من ثمار الحضارة القديمة، وفيما بعد حرمتنا من ثمار حضارة الإسلام، العالم الغرائبي لحضارة الموريسكيين في اسبانيا والذي هو في الأساس أكثر قربا إلينا من الرومان واليونان ويتناسب مع شعورنا وذوقنا،
ولذلك سيتأكد أن نتشه ينظر للإسلام كمخلص للثقافة الأوروبية من القيم المسيحية الضحلة ، ويؤكد ذلك إسان ألموند في كتايه تاريخ الإسلام في الفكر الألماني : الإسلام لدى نيتشه بعبارة أخرى هو مصدر لحرية الآرواح، ولذلك يقول سيغفريد ماندل في كتابه نيتشه واليهود أن نتشه في مفاضلته بين اليهود والعرب وبين الإسلام والمسيحية قد اختار العرب والإسلام.
تعليقات الزوار ( 0 )