شارك المقال
  • تم النسخ

نونيز فييخو أو “تربيع الدّائرة”.. كيف يمكن لإسبانيا أن تتصالح مع الجزائر دون إثارة أزمة مع المغرب؟

سلط الصحفي الإسباني إغناسيو سيمبريرو، الضوء على المشكل الذي سيعترض نونيز فييخو، زعيم حزب الشعب، في حال فوزه في الانتخابات العامة المقبلة، والمتعلق بالخروج من الأزمة مع الجزائر، دون دخول أخرى مع المغرب.

وقال سيمبريرو، في مقال نشرته صحيفة “elconfidencial”، إن فييخو، لا يعرف، حتى اليوم، ما سيفعله فيما يتعلق بالمغرب، إذا استقر به المطاف في مونكلوا بعد الـ 23 من يوليوز الجاري.

وأضاف أن “آخر ما يريده رئيس الوزراء الجديد، الذي يفتقر أيضا إلى الخبرة الدولية، هو تولي المنصب في سياق وجود مواجهة مباشرة مع الدولة الجاورة، وبالتالي سيكون زعيم الحزب الشعبي أكثر حكمة من المعتاد”.

فييخو يُلوّح بجهله

وتابع الصحفي الإسباني: قبل الحملة الانتخابية وفي بدايتها، كان فييخو غامضا على الأقل (…) حيث لوح بجهله بما اتفق عليه الرئيس بيدرو سانشيز مع الملك محمد السادس في أبريل 2022، بعد أن أرسل تلك الرسالة التي أيد فيها الحل الذي اقترحته الرباط لحل نزاع الصحراء”.

واسترسل أن هذه الرسالة، تم الإعلان عنها من قبل القصر الملكي المغربي في 18 مارس 2022، ولم تسلمها الحكومة الإسبانية للصحافة، رغم طلب مجلس الشفافية ذلك، ولا إلى الكونغرس، ولا إلى شركاء التحالف. مبرزاً أن بياتريس بريرز رودريغيز، مديرة قسم التنسيق الفني والقانوني في مونكلوا، اعترفت في 16 يونيو، بعدم وجود أي سجل لمن أو كيف أو متى تم إرسال هذه الرسالة.

مواقف فييخو لا ترضي المغرب

في الـ 4 من يوليوز، يضيف سيمبريرو، عاد فييخو، ليعد بكشف “الأسباب غير المبررة”، لهذا التحول في قضية الصحراء، لأنه لا يرى “فائدة لإسبانيا من سياستها مع المغرب”، والعبارة الأخيرة، قالها في كلمة له بمجلس الشيوخ، في الـ 31 من يناير الماضي، بحضور سانشيز.

ونبه الصحفي نفسه، إلى أن فييخو، كان له كلمات لطيفة تجاه المغرب في السنة الماضية، بعد لقائه في روتردام برئيس الوزراء المغربي عزيز أخنوش، حيث أكد أن “تحالفنا مع المغرب لا جدال فيه”، مهاجماً استقبال حكومة بلاده لزعيم البوليساريو إبراهيم غالي، للاستشفاء في مستشفى لاريوخا، بعد إصابته بكورونا.

تعاطف مع المغرب قبل سنة.. ولكن!

هذا التعاطف مع المغرب الذي أظهره في لقائه بأخنوش، يتعارض مع رسائل أخرى، ما يجعله في نظر الدبلوماسية المغربية، حسب سيمبريرو، أقل مصداقية، وهو ما يشرحه مسؤول مغربي كبير متقاعد، متسائلاً: “كيف يمكنه إصلاح العلاقات مع الجزائر، وهي الأولوية التي كررها في تصريحاته، دون إزعاج بلدي؟”.

البرنامج الانتخابي لحزب الشعب، لا يبدو مرضيا للرباط أيضا، حسب ما قاله المسؤول المغربي الذي لم يذكر سيمبريرو اسمه، حيث أبرز أنه “لأكثر من 40 سنة من الديمقراطية، تمكنت الحكومات المختلفة من الحفاظ على توازن معقول بين المغرب والجزائر دون أن ننسى مسؤولياتنا تجاه الشعب الصحراوي”.

فييخو يدعو ضمنيا للعودة إلى “المسافة المتساوية”

وأشار البرنامج الانتخابي الشعبي، إلى أن الحزب سيعمل “على تعزيز علاقة متوازن مع البلدان المغاربية”، وهو ما يعني دعوة ضمنية إلى العودة إلى مسافات متساوية بين جميع الدول كما كان عليه الوضع سابقا، دون أن يذكر نهائيا مقترح الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب لحل نزاع الصحراء.

وزير الخارجية الإسباني، خوسيه مانويل ألباريس، يرى في هذا الأمر، “انزلاقا” من الحزب الشعبي نحو “المواقف المعادية للمغرب”. كما ذكر الصحفي أن سيرة فييخو هي الأخرى لا ترضي الرباط، لأنه في 2011، حين فضحت السلطات المغربية مخيم أكديم إزيك، أعلن أن الأمر يتعلق بـ”هجوم مباشر على حقوق الإنسان”.

ويرى سيبمريرو، أن الصحافة المغربية، تمتنع حاليا عن مهاجمة فييخو، لكنها تفعل ذلك بقوة ضد زعيم “فوكس”، سانتياغو أباسكال، وزعيمة “سومار” يولاندا دياز. مبرزاً أن ارتفاع أرقام الهجرة مؤخرا، ووقائع التنسيق في عمليات الإنقاذ، بمثابة رسائل مباشرة من الرباط، التي تعتبر أن صفحة سانشيز قد طويت، إلى خلفعه، لإطلاعه بما ينتظره إن خرج عن الاتفاق الموقع بين البلدين في أبريل 2022.

المستشارون.. الورقة الحاسمة في موقف الرئيس الجديد

من جانب آخر، قال سيمبريرو، إن أي رئيس عديم الخبرة السياسية الخارجية، سيعتمد في قراراته على مستشاريه، على رأسهم إستيبان غونزاليس بونس، عضو البرلمان الأوروبي ونائب الأمين العام لحزب الشعب، الذي عُرف بلغته الشديدة مع المغرب، لكن أيضا، بكونه “عمليا أكثر”، ومنحازا لـ”المساومة”. إضافة إلى الدبلوماسي رامون جيل كاساريس، الذي يملك معرفة جيدة بشمال إفريقيا ونزاع الصحراء، وكان مديرا لإدارة الشؤون الدولية في عهد الريئس خوسيه ماريا أزنار بين 1996 و2002، ثم وزير الدولة للشؤون الخارجية حتى سنة 2004.

الدبلوماسي الثاني، يعتبر، وفق سيبمريرو، عدوا في الرباط، لأنه ارتبط بالرئيس السابق أزنار، والأزمة التي قامت بين البلدين خلال حقبته (جزيرة ليلى)، كما أنه يؤيد اتخاذ موقف متشدد ضد الجار الجنوبي، ونصح فييخو بذلك، وكرر مرارا: “سنواجه مشاكل في الجنوب إذا لم يظهر موقف قوي” من الحكومة الجديدة.

المستشار الثالث، هو إلديفونسو كاسترو، وهو قريب من جيل كاساريس، وسبق له أن شغل منصب مدير مجلس الوزراء الدولي بين سنة 2013 و2017، خلال حقبة الريس ماريانو راخوي، إضافة إلى توليه منصب وزير الدولة للشؤون الخارجية إلى غاية منتصف سنة 2018.

غياب الإجماع بشأن القرار.. الوقت المناسب، وإغلاق أزمة لدخول أخرى؟

واعتبر سيمبريرو، أن مستشاري فييخو، ليسوا مجمعين على الخطوة المتعلقة بإلغاء قرار سانشيز من عدمه، وفي حال قرروا، فإنه يتعين عليهم اختيار اللحظة المناسبة، الأخيرة التي يرى الصحافي الإسباني أنها لن تأتي قبل بداية 2024، وبالضبط مع صدور الحكم الاستئنافي لمحكمة العدل الأوروبية بخصوص اتفاقية الصيد بين بروكسيل والرباط.

وأكد الصحفي، أن هذا الوقت سيكون “مناسبا” للعودة إلى ما يسميه بـ”المسافة المتساوية”، وهو ما يعني تمهيد تطبيع العلاقات مع الجزائر، غير أن الأمر قد يفتح أزمة كبيرة مع المغرب. مشيراً إلى أن الرباط ترى أن مدريد لديها الكثير لتقوله في نزاع الصحراء، لأنها القوة الاستعمارية السابقة، ويتطلع البعض لتتبع خطتها، وهو بالفعل ما قامت به بعض الدول، من لوكسمبورغ إلى لاهاي.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي