شارك المقال
  • تم النسخ

“نعيمة” كانت منهم.. “الأطفال الزهريون” بين الثقافة الشعبية والحقيقة العلمية

كانت “زوهرية” يقول والد الطفلة “نعيمة طالروحي”، لموقع “بناصا”، التي وجدت مقتولة بعد اختفاء استمر لأكثر من شهر بمنطقة أكدز بالجنوب الشرقي. هي عبارة لطالما ترددت على مسامعنا، اختلفت الحكايات والقصص التي رويت عن عوالم استخراج الكنوز وعلاقتها “بالطفل الزهري” والتي اختلطت فيها الحقيقة بالخرافة. وفي ظل هذا التداخل يشهد المغرب تنامي ظاهرة اختطاف الأطفال ما يخلف عددا مخيفا من الضحايا الأبرياء الذين يتم استدراجهم وسفك دمائهم بشكل مستمر لاستخراج «الخزاين»… حالات كثيرة شهدها مجتمعنا المغربي خصوصا في القرى والمناطق النائية.

اختطاف الأطفال هذا لا يطال فقط الذكور بل حتى الإناث منهم، لأنه بالنسبة للمختطف، “الزهري” لا يتحدد بجنسه بل بعلامات تميزه عن غيره من الأطفال العاديين. خط مستقيم يقطع يده اليمنى، لسان مقسوم بخط طولي، عيون ذات بريق خاص تتميز بنظرة العين اليمنى التي تصب في العين اليسرى شريطة أن يكون الطفل لم يصل بعد لسن البلوغ بحكم طهارتهم حسب اعتقاد السحرة والمشعوذين.

ولتفسير هذا الطرح قال المعالج الروحاني والمختص في الرقية الشرعية “أيوب المهداوي” في تصريح لجريدة “بناصا”:”إن الله عز وجل خلقنا أصنافا مختلفة في قوله: “كنا طرائق قددا”، أي أن لكل شخص فصيلة دم معينة، بمعنى أن دم الشخص الزهري يختلف عن باقي الدماء الأخرى لأن هذا الأخير ينتج عن مشاركة الجن للزوجين اللذان غفلا عن ذكر اسم الله قبل بداية الجماع، ما ينتج عنه خليط متجانس بين الإنس والجن كما قال الله تعالى: “وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ وَعِدْهُمْ ۚ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا”، أو أنه في بعض الحالات الأخرى يكون أحد الوالدين به مس شيطاني أو سحر ما يؤدي إلى ولادة هذا الطفل الزهري”.

وفي إجابته عن سؤال “لماذا يذبح الأطفال الزهريين بحثا عن الكنز”، يجيب المهداوي: “يبحث المشعوذون والسحرة بشكل دائم عن مادة روحانية تسمى الزئبق الأحمر، وهي غالية الثمن ونادرة جدا، تساعدهم في أعمالهم الشيطانية ويحصلون عليها إلى جانب الأموال والكنوز عن طريق تقديم قرابين لملوك الجن، شريطة أن يكون هذا القربان ذو منفعة كبيرة له، وهو ما يدفعهم لاختطاف وقتل الأطفال الزهريين لأن دمائهم تعيد القوة والطاقة للجن كما أن للزهري قدرة خاصة على التواصل مع العالم الآخر”.

واسترسل القول: “نحن نصادف كل يوم حالات عديدة في مجال الرقية الشرعية لأشخاص زهريين مصابين بمس شيطاني يؤكدون لنا حقيقة حب الجن لدم الزهري، لقوته في أعمال السحر ومد الجن بالطاقة”، مردفاً: “إن حقيقة أن هذا الموضوع دائما ما يتم تكذيبه ما هي إلا خطة من المشعوذين أنفسهم للتستر على هذا السر حتى لا يتم الاستيلاء على الزئبق الأحمر، الذي هم دائما يبذلون مجهودات كبيرة للبحث عنه”.

من جانبه يصف الأخصائي النفسي “كرم الفطواكي” اختطاف الأطفال الزهريين أو كما وصفهم “الأطفال ذوي الحظ”، بكونه انتهاكا لحقوق هذا الطفل في الأمان والعيش الكريم، مؤكدا أنه في نظر علم النفس يصنف هذا الاختطاف كجريمة أخلاقية، إنسانية واجتماعية ينبغي أن يطبق على مرتكبيها أشد العقوبات.

ويضيف الفطواكي “أنه من الناحية العلمية لازال هناك شرخ كبير وغياب لدراسة ذهنية وسلوكية للأطفال الذين يوصفون بالزهريين لاكتشاف حقيقة قدراتهم وكفاءتهم، وبالتالي فإن هذا الفراغ العلمي بخصوص موضوع الزهرية ينجم عنه اعتقادات سلبية وتخوفات مجتمعية تدفع الآباء إلى إخفاء أطفالهم والتستر على قدراتهم التي بالعكس قد تساعد في اكتشاف أطفال نوابغ وتوظيف قدراتهم إن وجدت فيما هو مفيد، حماية لهم من الاختطافات التي تطالهم”.

واستطرد بأن:” في علم النفس هذه الجريمة الإنسانية هي سلوك نابع من الجانب الإدراكي المرتبط بالمعتقدات السائدة في المجتمع المغربي، والمتجلية في الصفات المميزة للطفل الزهري وقدرته على استخراج الكنوز والتي في نهاية المطاف يكون المتضرر الأول والأخير منها هو ذلك الطفل البريء، الذي من واجب على المجتمع والإعلام حفاظا على حياته التنديد بهذا الموضوع، وأيضا على المختبرات العلمية المهتمة بدراسة الإنسان وسلوكياته أن تقوم بدورها للحد من هذا الفراغ الفكري والأكاديمي لتوعية أفراد المجتمع والحد من تفاقم هذه الآفة الخطيرة”.

أذى جسدي جسيم وجروح نفسية قد يصل الوضع في غالب الأحيان إلى قتل موحش يتعرض له الأطفال الذين يوصفون بالزهريين كل يوم، ما هو إلا انتهاك سيء لبراءة هؤلاء الأطفال ومس بحريتهم وحقوقهم، سواء من الناحية الشرعية أو من الناحية القانونية. جريمة تتطلب وعيا جماعيا لأفراد المجتمع ومجهودات علمية وأكاديمية لحماية أطفالنا من هذا الخطر الذي يتربص بهم يوميا.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي