دارت معارك عنيفة تزامناً مع قصف إسرائيلي مكثف، السبت، في مخيم جباليا بشمال قطاع غزة ومدينة رفح بأقصى جنوبه، التي نزح منها 800 ألف فلسطيني، حسب الأمم المتحدة.
قال الجيش الإسرائيلي، السبت، إن قواته الجوية “قصفت أكثر من 70 هدفاً” في أنحاء القطاع خلال الـ24 ساعة الماضية.
كذلك، أعلن “القضاء على نحو خمسين” مسلحاً فلسطينياً، و”العثور على عشرات فتحات الأنفاق” بشرق المدينة.
وبحسب صحافيي وكالة فرانس برس، يتواصل القصف المدفعي والغارات الجوية في شرق رفح وشمال شرقها.
وقال المستشفى الكويتي في المدينة إن ضربةً أدت إلى مقتل شخصين في مخيم للنازحين.
وأكدت “سرايا القدس”، الجناح العسكري لحركة “الجهاد الإسلامي” الفلسطينية، وقوع قتال عنيف في شرق المدينة مع القوات الإسرائيلية التي دخلت هذه المنطقة في 7 ماي.
بدورها، أعلنت “كتائب القسام”، الجناح العسكري لـ “حماس”، استهداف عدد من المركبات الإسرائيلية في رفح بقذائف مضادة للدروع، وقصف القوات الإسرائيلية في معبر رفح بقذائف الهاون.
أوامر إخلاء جديدة في الشمال
في شمال قطاع غزة، أفاد مراسلو فرانس برس وشهود وأطباء بأن اشتباكات عنيفة اندلعت، ليل الجمعة السبت، في مخيم جباليا.
وكان الجيش الإسرائيلي أعلن، في بداية يناير، أنه “أكمل تفكيك البنية العسكرية لحماس في شمال قطاع غزة”، لكنه عاد وصرح، الجمعة، لفرانس برس بأن “حماس كانت تسيطر بالكامل على جباليا حتى وصولنا، قبل بضعة أيام”.
وأكدت “حماس” في بيان “ارتقاء العشرات وإصابة المئات من المواطنين” في مخيم جباليا، متهمة الجيش الإسرائيلي بـ “تدمير مربعات سكنية كاملة على رؤوس أهلها، واستهداف المدارس ومراكز الإيواء”.
وأكدت سرايا القدس أنها قصفت بقذائف الهاون “تجمعاً لآليات وجنود العدو” في جباليا، واستهدفت مدينة عسقلان برشقة صاروخية.
في شمال القطاع أيضاً، أفاد شهود عيان بوقوع غارات جوية قرب مستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا، السبت.
وقال مدير المستشفى حسام أبو صفية، الجمعة، إن المؤسسة استقبلت “أعداداً كبيرة” من المصابين من جباليا المجاورة فيما بدأت الإمدادات تنفد.
وصرح أبو صفية لفرانس برس بأن مساعدات الوقود التي وصلت إلى المستشفى “لا تكاد تكفي لبضعة أيام”.
ومساء السبت، أصدر الجيش الإسرائيلي أمر إخلاء جديداً لأحياء في شمال غزة، قائلاً إنها شهدت إطلاق صواريخ على إسرائيل.
وقال الجيش في أمر الإخلاء: “إلى الموجودين في أحياء الكرامة، مشروع عامر، العطاطرة والسلاطين… عليكم الإخلاء فوراً إلى المآوي بغرب مدينة غزة”.
تفاقم الأزمة الإنسانية الحادة
تؤكد منظمات الإغاثة أن التوغل الإسرائيلي في رفح، الذي بدأ رغم المعارضة الدولية الواسعة، وبينما كان الوسطاء يأملون في تحقيق انفراجة في محادثات الهدنة المتوقفة، قد أدى إلى تفاقم الأزمة الإنسانية الحادة.
والسبت، أكد المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) أن 800 ألف شخص “أجبروا على الفرار” من رفح في أقصى جنوب قطاع غزة منذ بدء العمليات العسكرية الإسرائيلية في المدينة هذا الشهر.
وقال إن الناس يفرون إلى مناطق تفتقر إلى إمدادات المياه والصرف الصحي.
تعهدت إسرائيل إلحاق الهزيمة بما تبقى من قوات “حماس” في رفح التي تقول إنها المعقل الأخير للحركة.
وقالت مصادر فلسطينية في رفح إن القوات الإسرائيلية تعمل في حي السلام والجنينة بالمدينة وعلى طريق فيلادلفيا على طول الحدود المصرية.
وقال مصدر أمني إن “القوات تتقدم وتتراجع حول هذه المناطق”.
في سياق عملياته، أعلن الجيش الإسرائيلي، السبت، أنه أعاد جثمان إسرائيلي عثر عليه في قطاع غزة، حيث نقلته “حماس” في أكتوبر الماضي، بعد مقتله في الهجوم الذي نفذته الحركة الفلسطينية في جنوب إسرائيل.
وقال المتحدث باسم الجيش دانيال هاغاري إنه عثر على جثة رون بنيامين (53 عاماً) مع جثث الرهائن الثلاث- شاني لوك وعميت بوسكيلا وإسحق غلرانتر- الذين أعلِن عن إعادة جثثهم الجمعة.
من جهته، قال المتحدث باسم “كتائب القسام” أبو عبيدة إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين “نتانياهو يفضل قتل جنوده خلال البحث عن رفات وجثامين، على الذهاب لصفقة تبادل لا تخدم مصالحه السياسية والشخصية”.
الميناء العائم يبدأ العمل
في ظل إغلاق المعابر البرية الرئيسة، أو عملها بقدرة محدودة بسبب القتال، بدأ بعض إمدادات الإغاثة يتدفق إلى غزة عبر رصيف عائم مؤقت أنشأته الولايات المتحدة.
وقال الجيش الإسرائيلي إن 310 منصات تحميل بدأت في التحرك إلى الشاطئ في “أول دخول للمساعدات الإنسانية عبر الرصيف العائم”.
وأظهرت صور أقمار اصطناعية التقطت السبت أكثر من اثنتي عشرة شاحنة تصطف على الطريق المؤدي إلى الرصيف.
في الأيام المقبلة، يُتوقع تسليم نحو 500 طن مساعدات إلى غزة عبر الرصيف، وفق القيادة العسكرية المركزية الأمريكية (سنتكوم).
لكن وكالات إنسانية وأخرى تابعة للأمم المتحدة تؤكد أن المساعدات التي ترسل بحراً أو جواً لا يمكن أن تحل محل دخول الشاحنات إلى غزة، لأن هذا يُعتبر أكثر فاعلية.
ورحب الاتحاد الأوروبي بالشحنة الأولى من قبرص إلى رصيف غزة العائم، لكنه دعا إسرائيل إلى “توسيع نطاق عمليات التسليم عن طريق البر وفتح معابر إضافية فوراً”.
وأُغلِق معبر رفح، الحيوي لإدخال المساعدات الإنسانية، مذ بدأت إسرائيل عمليتها في المدينة، الأسبوع الماضي.
وتحذر الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية بانتظام من خطر المجاعة في قطاع غزة، حيث يعيش نحو 2,4 مليون نسمة، نزح 70% منهم منذ بدء الحرب في 7 أكتوبر.
وفي ذلك اليوم، نفذت حركة “حماس” هجوماً على جنوب إسرائيل، أسفر عن مقتل أكثر من 1170 شخصاً غالبيتهم مدنيون، وفق تعداد لوكالة فرانس برس يستند إلى أرقام رسمية إسرائيلية. وخطف خلال الهجوم أكثر من 250 شخصاً، ما زال 125 منهم محتجزين في غزة قضى 37 منهم، وفق مسؤولين إسرائيليين.
رداً على الهجوم، ينفّذ الجيش الإسرائيلي حملة قصف مدمّرة وعمليات برية في قطاع غزة، حيث استشهد حتى الآن 35386 شخصاً، غالبيتهم مدنيون، حسب آخر حصيلة أوردتها وزارة الصحة التابعة لـ “حماس”، السبت.
وقالت الوزارة، في بيان، إنه تم إحصاء 83 شهيداً على الأقل خلال 24 ساعة.
جهود دبلوماسية
دبلوماسياً، أعلن البيت الأبيض، الجمعة، أن مستشار الأمن القومي الأمريكي جايك ساليفان يزور السعودية، السبت، ثم إسرائيل، الأحد، لإجراء محادثات حول الحرب في غزة.
في الأثناء، هدد الوزير في حكومة الحرب الإسرائيلية بيني غانتس، السبت، بالاستقالة، ما لم يصادق نتنياهو على خطة لفترة ما بعد الحرب في غزة.
وقال غانتس، في خطاب متلفز: “يجب على حكومة الحرب أن تصوغ وتوافق، بحلول 8 يونيو، على خطة عمل تؤدي إلى تحقيق ستة أهداف إستراتيجية ذات أهمية وطنية… (أو) سنضطر إلى الاستقالة من الحكومة”.
ورد نتنياهو على تهديد غانتس منتقداً مطالب الوزير، وقائلاً إن “معناها واضح: نهاية الحرب وهزيمة إسرائيل، والتخلي عن معظم الرهائن، وترك حماس سليمة، وإقامة دولة فلسطينية”.
في الضفة الغربية المحتلة، قتل قيادي في حركة “الجهاد الإسلامي”، بضربة جوية إسرائيلية طالت مخيم جنين، وفق الحركة الفلسطينية والجيش الإسرائيلي.
وتشهد مختلف مناطق الضفة الغربية، التي تحتلها إسرائيل منذ 1967، تصاعداً في أعمال العنف في أعقاب اندلاع الحرب في غزة.
منذ 7 أكتوبر، استشهد 492 فلسطينياً على الأقل بنيران القوات والمستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية، وفق مصادر رسمية فلسطينية.
إقليمياً، أصيبت ناقلة نفط يونانية بصاروخ أطلقه الحوثيون قبالة سواحل اليمن، وفق ما أفاد الجيش الأمريكي، السبت.
يأتي ذلك في ظل هجمات يشنّها الحوثيون، منذ نوفمبر، على خلفية الحرب في غزة، ويقولون إنها تأتي تضامناً منهم مع الفلسطينيين في القطاع.
تعليقات الزوار ( 0 )