تسببت أزمة فيروس كورونا المستجد، في إلحاق أضرارٍ جسيمةٍ، بمختلف القطاعات الاقتصادية والمهنية والتجارية، ما انعكس سلباً على القدرة الشرائية للمواطنين المغاربة، الذين لم يعد باستطاعتهم، مجاراة، الارتفاع الكبير في الأسعار، الذي عرفته فترة تفشي الجائحة، ما فرض على أرباب الأسر، البحث عن موردٍ جديد، بغيةَ توفير لقمة العيش للأهل والأبناء.
وجاء العاملون في القطاعات غير الميهكل على رأس المتأزمين من الوضعية الوبائية التي تمر بها المملكة، ومعهم، عددٌ كبير، من المشتغلين في بعض المهن، التي تأثرت بشكل كبير، من كورونا، وعلى رأسها المقاهي، التي اضطرت لإغلاق أبوابها في النصف الثاني من شهر مارس الماضي، قبل أن تسمح لها الحكومة بالعودة للعمل في يونيو، مع ضرورة التزامها بإجراءات صارمة.
وفي سياق الضرر الكبير الذي ألحقه الفيروس بالعاملين في المقاهي، قال حسن، الذي يشتغل نادلاً في مقهى، بإقليم الحسيمة، إنه لم يكن يتوقع في بداية السنة الجارية، أن تتحول الأمور، فجأةً، من اكتفاءٍ، إلى ضرورة البحث عن موردٍ إضافي للعيش، حيث يقول في تصريحه لجريدة “بناصا”: “قبل كورونا، كانت الأمور جيدة، صحيح ليست جيدة جداً، ولكن مناسبة لي ولأسرتي الصغيرة، وكنت مكتفياً، حيث كان أجري يزيد عن الـ 3000 درهماً”.
وأضاف المتحدث: “بعد كورونا، اضطررنا للإغلاق، صاحب المقهى دفع لنا أجرة شهر مارس، رغم أننا توقفنا قبل نهايته، وبعدها قررت الحكومة تخصيص دعم 2000 درهماً، للمنخرطين في صندوق الضمان الاجتماعي، وقد تحصلت على المبلغ، ولكن بعد عودتنا، تغير الوضع كثيراً، لدرجة أني خلال شهر الأول بعد استئناف العمل، لم يتجاوز مدخولي الـ 2500 درهما”.
وتابع حسن في التصريح ذاته، بأن “الإكراهات التي فرضتها الجائحة، وما ترتب عنها من ضرورة الالتزام بنسبة 50 في المائة، إضافة إلى منع نقل المباريات، التي ما تزال مستمرةً في بعض الأقاليم التي تشهد ارتفاعاً في الإصابات، مثل إقليم الحسيمة الذي ننتمي إليه، إلى جانب أن العديد من الزبناء، فرض عليهم الوضع المادي، عدم المجيء إلى المقهى، كلّ هذا كان سبباً في تراجع مدخولي الشهري”.
ونبه الشخص ذاته، إلى أنه يشتغل في مقهى جيد، “أي أن هناك أشخاص كثر يعملون ندُلاً، يمكن ألا يصل مدخولهم الشهري لهذا الرقم الذي ذكرته، فمثلا، أجري القارّ هو 1600 درهما، مع حصولي على درهم واحد عن كلّ طلبية، فيما هناك آخرون يعملون بأقل من هذا الثمن، في مقاهي لا يقصدها الكثير من الزبناء، وهم أكثر تضرراً من الوضع القائم”.
وأشار حسن في حديثه للجريدة، بأنه اضطر، خلال فترة الحجر الصحي التي كان متوقفاً فيها للبحث عن مصدرٍ إضافي للعيش، في ظل أنه متبوعٌ بمصاريف المواد الغذائية الضرورية له ولزوجته ولأبنائه الثلاثة، إلى جانب الكراء، وفواتير الماء والكهرباء، الأمر الذي جعل من المستحيل أن تكفيه 2000 درهما، المقدمة من CNSS، مردفاً: “كنت أبيع الخضر والفواكه، وأحياناً السمك”.
عثمان، نادل آخر بإقليم الحسيمة، اشتغل قبل كورونا، في أحد المقاهي الشعبية، لم يكن منخرطاً في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، لأن صاحب المقهى، لم يسجله، أوضح لـ”بناصا”: “عملتُ لسنوات من دون الانخراط في CNSS، وقبل كورونا، توقف المقهى عن العمل، دفع أجر الأيام التي فتحنا فيها فقط من شهر مارس، وبعدها أجبرت على البحث عن عمل جديد”.
وذكر المتحدث بأنه لجأ، كغيره من المتوقفين عن العمل، إلى أسهل وأكثر مهنة متاحة، وهي عرض السلع والبضائع في الشارع “فَرّاشْ”، “حيث كنت أبيع الخضر والفواكه والسمك وأيضا أعرض بعض سماعات الأذن وبطاريات الهاتف التي كانت في منزلي واضطررت لبيعها، إلى جانب أنه لدي بطاقة الراميد وخمسة أبناء، وحظيت بمبلغ 1200 درهماً في الشهور الثلاثة الأولى”.
وأبرز عثمان، بأنه، بعد الرفع التدريجي للحجر الصحي، عثر على عمل في مقهى آخر، ومجدداً من دون أن يُسجل في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، مشيراً إلى أن “الوضع بعد الحجر مغايرٌ تماماً، فقد وجدت نفسي مجبرا على الاستمرار في بيع الخضر والفواكه بعد نهاية عملي في المقهى، أو قبل بدايته، لأني أشتغل إما من السادسة صباحاً إلى الثالثة زوالاً، أو من الثالثة إلى الحادية عشرَ ليلاً”.
واستدرك المتحدث: “هذا التوقيت، كان قبل فرض الإجراءات الجديدة في إقليم الحسيمة، بسبب ارتفاع عدد الإصابات اليومية، أما الآن، فإني أشتغل إما من السابعة صباحاً، للثانية زوالاً، أو من الثانية زوالاً، إلى غاية الثامنة ليلاً، مع أجرٍ أقل طبعاً، وهو ما دفعني إلى البحث عن موردٍ إضافي، ومثلي عدد كبير من الندل في الحسيمة والمدن المجاورة لها، بل في المغرب كله”.
تعليقات الزوار ( 0 )