شارك المقال
  • تم النسخ

ندوة حول تفويض السلطات القضائية في مناطق الحكم الذاتي

نظمت البعثة الدائمة للمغرب لدى الأمم المتحدة في نيويورك، أمس الجمعة، ندوة دولية افتراضية حول موضوع: “ضمان نجاح أنظمة الحكم الذاتي الترابي: تفويض السلطات القضائية”، تميزت بمشاركة مجموعة من الخبراء والباحثين والأكاديميين رفيعي المستوى.

وشكلت هذه الندوة السنوية فرصة لعرض تجارب تتعلق بتفويض السلطات القضائية في أنظمة الحكم الذاتي الترابي عبر أنحاء العالم وإجراء تحليلات مقارنة مع المبادرة المغربية للحكم الذاتي لجهة الصحراء.

وأتاحت هذه الندوة الفرصة لخبراء دوليين من سويسرا وإسبانيا والكاميرون وكندا وماليزيا لتناول العديد من الأمثلة عن تفويض السلطات القضائية مع مقارنتها بالمبادرة المغربية للحكم الذاتي التي تعد من النماذج “النادرة” في العالم التي تتجاوز المجالين السياسي والتشريعي من خلال التنصيص على تفويض حقيقي للسلطات القضائية للجهة.

وترأس الندوة مارك فينو، كبير المستشارين في “مركز السياسة الأمنية بجنيف”، الذي ركز بهذه المناسبة على الأحكام المتعلقة بتفويض السلطات القضائية ضمن المبادرة المغربية للحكم الذاتي لجهة الصحراء.

وفي هذا الصدد، ذكر السيد فينو بأن المملكة المغربية قدمت يوم 11 أبريل 2007 إلى الأمين العام للأمم المتحدة مبادرتها للتفاوض بشأن نظام للحكم الذاتي لجهة الصحراء من أجل الخروج من مأزق المفاوضات حول النزاع الإقليمي بشأن الصحراء، مشيرا إلى أن مجلس الأمن وصف هذه المبادرة في ثلاثة عشر قرارا متتاليا بأنها “جادة وذات مصداقية”.

وفي معرض تطرقه لموضوع السلطات القضائية المدرجة في بنود المبادرة المغربية، أبرز الخبير السويسري أن “الحكم الذاتي لجهة الصحراء سيكون تاما، ويشمل الفروع الثلاثة للحكم ويتمتع بقضاء حصري”.

وأضاف أن المبادرة المغربية للحكم الذاتي لجهة الصحراء تتضمن عدة أحكام “قد تتجاوز ما عليه الحال في أي نظام لتفويض السلطات القضائية” في العالم.

واعتبر أن “كون المحاكم الجهوية ستصدر قراراتها “باسم الملك” لا ينبغي أن يُنظر إليه على أنه قيد، بل على العكس، كمصدر للشرعية التي ستمنحها القوة القانونية الكاملة في كافة أرجاء المملكة”.

ومن جهته، قدم خوان جوزيب فالبي، الأستاذ المشارك في العلوم السياسية بجامعة برشلونة، تحليلا مقارنا بين اللامركزية القضائية في أوروبا والمبادرة المغربية للحكم الذاتي لجهة الصحراء، مسجلا أنه على خلاف السلطتين التشريعية والتنفيذية، فإن “السلطة القضائية مازالت أمرا نادرا بالنسبة للأقاليم”.

واعتبر الأستاذ فالبي، الذي وضع “مؤشرا للسلطة القضائية” ضمن تحليله المقارن، أن جهة الصحراء المغربية ستحصل على “درجة عالية” بحسب هذا المؤشر المتعلق بالسلطة القضائية الذاتية، في ضوء مختلف الأحكام ذات الصلة الواردة في المقترح المغربي.

وأضاف أن مبادرة الحكم الذاتي المغربية تلمح أيضا إلى إمكانية أن تكون الجهة نفسها مسؤولة عن توظيف وتعيين الأطر القضائية المحلية، وهو ما يمثل “سمة متقدمة من اللامركزية القضائية”.

وفضلا عن ذلك، قال إن المقترح المغربي ينص أيضا على اختصاصات لجهة الصحراء في ما يتعلق بالميزانية والضرائب، والتي ستمنحها، إلى جانب صلاحيات السلطة القضائية الذاتية، “درجات عالية” في مجال الحكم الذاتي الاقتصادي.

ومن جانبها، قدمت الأستاذة لورا ستيلا إينونشونغ، من جامعة دي مونفورت البريطانية، تحليلا لنظام تفويض السلطات القضائية في مناطق الحكم الذاتي في شمال غرب وجنوب غرب الكاميرون، مع تقديم مقارنة ضمن المناقشة حول المبادرة المغربية للحكم الذاتي لجهة الصحراء.

وأشارت إلى أن المبادرة المغربية للحكم الذاتي، التي تنص على تفويض للسلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، تنص أيضا على أنه يمكن إحداث محاكم من قبل البرلمان الجهوي، وتنص على إحداث محكمة جهوية عليا تمثل آخر هيئة للبت في تفسير تشريعات الجهة.

وسجلت أن المبادرة المغربية تنص على أن القوانين وقرارات القضاء الصادرة عن المحاكم الجهوية ينبغي أن تتوافق مع وضعية الحكم الذاتي للجهة ودستور المملكة. وخلصت في هذا الصدد، إلى أن المبادرة المغربية للحكم الذاتي “متقدمة جدا” مقارنة بأحكام نظام الحكم الذاتي في الكاميرون.

وتطرقت إيفون تيو، أستاذة القانون الدستوري بالجامعة الأمريكية في جورجتاون، إلى تفويض السلطة القضائية في شرق ماليزيا، وقامت بتحليل مقارن مع مقترح الحكم الذاتي المغربي لجهة الصحراء.

وأشارت في هذا الصدد، إلى أهمية إحداث سلطة قضائية نهائية لتحديد امتداد الحكم الذاتي على صعيد الممارسة من قبل النظام القضائي.

وأضافت أنه من “المشجع” الملاحظة أن مقترح الحكم الذاتي المغربي يتضمن “ضمانات نصية صريحة”، مثل المادة 29 التي تنص على أن الدستور المغربي سيعدل لإدراج وضع الحكم الذاتي فيه لضمان استدامته وإظهار مكانته الفريدة في الهندسة القانونية الوطنية للبلاد.

وتابعت أن المادة 25 تنص على أن سكان جهة الصحراء سيستفيدون من كافة الضمانات التي يوفرها الدستور المغربي في ما يتعلق بحقوق الإنسان كما هو متعارف عليها عالميا.

ومن جهته، قدم جان لويس روا، الرئيس والمدير العام لمنظمة “الشراكة الدولية” التي يوجد مقرها في مونتريال، تحليلا مقارنا حول النظام القضائي في كندا ومقترح الحكم الذاتي المغربي للصحراء، معتبرا أن المبادرة تقدم “جوابا رائعا” من أجل حل نهائي للنزاع المصطنع حول الصحراء المغربية.

وأشار أيضا إلى أنه إذا كانت أصول وتاريخ النظام القضائي في كندا والمبادرة المغربية للحكم الذاتي في الصحراء “فردية”، فإن ذلك لا يمنع من تسجيل “تقارب” مبادئهما.

وقال إنه “في ما يتعلق بالمسائل الأساسية، وبغض النظر عن التنظيم، فإن النظامين يستوحيان من مبادئ أساسية متقاربة”، مشيرا إلى أن المبادرة المغربية للحكم الذاتي تمنح لمنطقة الصحراء اختصاصات خاصة في المجال القضائي.

وأشار أيضا إلى أن المقترح المغربي ينص على “هامش حقيقي للحكم الذاتي للمحاكم في الصحراء، في إطار وحدة النظام القضائي للبلاد”.

وأبرز السفير الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة، السيد عمر هلال، في تدخله في نهاية الندوة، أن “العدالة، ضمن مفهومها الشامل، هي الأساس في كل عيش مشترك، وهي أساس الديمقراطية والحكامة واقتصاد مزدهر، ومن أجل جلب الاستثمارات الأجنبية، وكذا من أجل المصالحة الوطنية”.

وأضاف أن “تحقيق تطور للسلطات القضائية في الصحراء المغربية هو أحد الركائز الأساسية لتطبيق الحكم الذاتي”، مشيرا إلى أن المقاربة المغربية تمثلت دوما في السعى إلى التقارب مع التجارب والممارسات الناجحة الأخرى في جميع أنحاء العالم.

وأوضح أن الهدف هو الحصول على “مبادرة متطورة ومنفتحة على التفاوض”، مؤكدا أن الحكم الذاتي هو الحل الوحيد الذي يمكن أن يتيح التسوية النهائية والدائمة لهذا النزاع الإقليمي.

وخلص إلى القول “إننا نريد أن تكون العدالة وتفويض السلطة القضائية في الصحراء المغربية هي الأفضل من خلال استلهام أفضل الأنظمة في العالم”.

كلمات دلالية
شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي