إن الناظر في وضعية الطلبة الباحثين بسلك الدكتوراه بمختلف الجامعات المغربية، من المُتفرغين طبعا، سيشده شغفهم العالي بمجال البحث العلمي، وسيُثير إعجابه لا محالة، حجم التضحيات التي يبذلونها، من أجل التتويج في الأخير بلقب “دكتور”.
وغالبا ما سيعتقد هذا الناظر، خاصة إن لم يكن قد عرف واحدا قبل، أن طالب الدكتوراه بالمغرب يستفيد من جملة امتيازات، ما يفوق ربما ما يحصل عليه نواب ومستشارو المؤسسة التشريعية، وأن حياته وردية، لا وجود فيها إطلاقا، ولو لنقطة سوداء يُمكن أن تُعاب.
لكن الواقع شيء آخر، وكما أن أهل مكة أدرى بشعابها، فإن طلبة الدكتوراه هم أدرى بواقعهم “الصعب” الذي يعيشونه، وبالإشكالات الكثيرة التي يتخبطون فيها، من جميع النواحي، الأكاديمية والاجتماعية والمهنية.
قيمة المنحة.. 33 درهما في اليوم
في حديث أجرته جريدة بناصا مع محمد.ع، طالب باحث بسلك الدكتوراه بكلية الحقوق أكدال، أكد فيه الوضعية الصعبة التي يتخبط فيها طلبة الدكتوراه المتفرغون، خاصة في شقها المالي، الذي ظل يؤرق بال هذه الفئة، وما يزال.
كيف لمنحة هزيلة تُقدر حوالي بـ 33 درهما في اليوم أن تسد احتياجات طالب بهذا السلك؟ تساءل المتحدث ذاته، ليُجيب بعدها مباشرة بالقول”في نظري، إن أول خطوة للارتقاء بالبحث العلمي، تنطلق من الاهتمام بطلبة الدكتوراه، خاصة الحوافز المادية” مُشددا على ضرورة إعادة النظر في قيمة المنحة.
وأضاف أيضا “المُضحك أحيانا، هو أن نظرة الآخر لنا كطلبة بهذا السلك تكون مليئة بالمُغالطات” ومن بينها ذكر محمد حادثة وقعت معه كانت “أنا شي أفراد من العائلة كيصحابوني وليت أحسن من لي خدامين، حيث كنوجد الدكتوراه”.
ما بعد الدكتوراه.. ضبابية المشهد
بعد مدة من الدراسة في السلك، تتراوح في الطبيعي بين ثلاث إلى ست سنوات، يجد الباحث في نهاية المطاف نفسه، أمام باب شبه مسدود، لا تشفع لفتحه، لا شهادة الدكتوراه ولا لقب دكتور، الذي أمضى في سبيل نيله من السنين الكثير.
محمد.ع، أجاب عن سؤال بناصا حول مستقبل الحاملين للشهادة بالمغرب، بـ”لا أعلم ما هو الحال بالضبط في تخصصات أخرى، لكن في تخصصي الذي هو القانون العام والعلوم السياسية، فسيكون من الصعب جدا، الحصول على عمل بالدكتوراه، من غير وظيفة أستاذ جامعي”.
وتابع في السياق ذاته “عكس العديد من الدول الأجنبية، يجد حامل الشهادة نفسه في المغرب أمام خيارين، يُمكن الجمع بينهما، أولهما انتظار مباراة التعليم الجامعي، وثانيهما الاشتغال بالقطاع الخاص بعيدا عن تخصصه، أو التقدم لمباريات الوظيفة العمومية، بشهادة الماستر، أو حتى الإجازة أحيانا”.
ليختم حديثه عن الموضوع بالقول “حاجة الدكاترة لالتفاتة حقيقية اليوم، صارت أكثر من أي وقت مضى، التفاتة أقل ما يمكنه أن تمنحه للدكتور، هو أن تمنعه من التفكير، ولو لثانية، أن مصيره بعد كل ما عاناه لسنوات، سيكون البطالة”.
تعليقات الزوار ( 0 )