تسببت جائحة كورونا في تفاقم معاناة العديد من الشرائح المجتمعية، على رأسها الأشخاص الذين يعانون من أحد عوامل الاختطار، وأبرزها الأمراض المزمة، التي تجعل من فرص مقاومة الإنسان للفيروس التاجي، ضئيلة جدا، وهو الأمر الذي أكدته دراسات عديدة، إلى جانب إحصائيات الوفيات الناجمة عن “كوفيد-19”.
ومن بين أصحاب الأمراض المزمة، الأكثر معاناة، المصابون بالسرطان، الورم الذي يفتك بالآلاف من المغاربة سنويا، وذلك بسبب الإجراءات الوقائية التي أعلنت عنها الحكومة، منذ مارس الماضي، والهادفة للتصدي لجائحة كورونا المستجد، بعد أن صار الموت يتربص بهم من كل الاتجاهات، فالبقاء في البيت قد لا يختلف عن مغادرته بالنسبة لهذه الفئة، كما تأجلت أحلامهم بموافقة الحكومة على “عريضة الحياة”.
لا خروج من البيت مطلقا
قد يكون الخروج من المنزل، خلال مرحلة الحجر الصحي، مسموحا به بالنسبة للأشخاص الأصحاء، وذلك لقضاء الأغراض الخاصة وشراء المستلزمات الضرورية للبيت، لكن بالنسبة لمرضى السرطان، فإن أي خروج، قد يعني الهلاك، ففي حالة التقاط أحدهم لعدوى كورونا، ستكون فرص مقاومته للفيروس، قليلة جدا.
سمير (56 سنة) مصاب بسرطان البورستات، قال في تصريحه لـ”بناصا”: “لا أغادر المنزل إلا للمستشفى من أجل العلاج الكيميائي. وفي السيارة بين البيت والمستشفى، أتقيد بإجراءات وقائية صارمة، حيث أضع الكمامة وأحرص على تعقيم اليدين بشكل متكرر، من أجل تفادي أي احتمال لإصابتي بكورونا، خاصة أننا نحن، المصابون بالورم الخبيث، أكثر عرضة لهذا الفيروس ومن بين الأقل حظا في مقاومته”.
مناعة متهالكة
يتسبب العلاج الكيميائي الذي يخضع له مرضى السرطان، في تخفيض المناعة، الأمر الذي يجعلهم عرضة لمضاعفات كورونا حال أصيبوا به، لأنها (أي المناعة)، الجدار الأول، وأهم شيء في مواجهة “كوفيد-19″، في ظل عدم تمكن الأطباء والعلماء، لحدود اليوم، من العثور على دواء أو لقاح للفيروس التاجي.
وفي هذا الصدد، يقول الدكتور اللبناني طارق عاصي، في تصريح إعلامي سابق، إن مرحلة الخضوع للعلاج الكيميائي، يترتب عنها انخفاض طبيعي في المناعة، ولابد لمرضى السرطان أن يكونوا خلالها أكثر حرصا على “الوقاية من التقاط عدوى فيروس كورونا المستجد من الفئات الأخرى في المجتمع”.
مصابون بالسرطان ولا يعلمون
من ضمن الأمور التي نجمت عن فترة الحجر الصحي وتشديد القيود، المفروضة في المملكة للتصدي لجائحة كورونا، أن العديد من الأشخاص الذين أصيبوا بالسرطان، تأخر اكتشافهم له، بسبب عدم توجههم للطبيب، لمعرفة سبب ظهور بعض الأعراض التي يعانون منها، إما مخافة الإصابة بعدوى كوفيد حال خروجهم، أو بسبب بعد المستشفى، وعدم وجود أي وسيلة، ما ترتب عنه في بعض الحالات، الموت، دون حتى معرفة أن السبب هو “الورم الخبيث”.
وسبق لعدد من الأطباء في عدة دول، أن حذروا من زيادة عدد الوفيات بسبب الإصابة بالسرطان، خلال فترة الحجر الصحي، نظرا لأن العديد من الأشخاص، يعانون من أعراض أحد الأورام الخبيثة، ولكن لا يتم تشخيص إصابتهم، في ظل القيود التي فرضت، خاصة على النقل، كما أن بعضهم يتجنب التوجه للمستشفى مخافة انتقال عدوى الفيروس، فيما يصاب بعضهم بكورونا دون أن يدروا أنهم يعانون من “الكونسير”، ما يجعلهم أكثر عرضة للموت.
أحلام مؤجلةٌ
وينتظر مرضى السرطان بالمغرب، ما ستقرره الحكومة بخصوص عريضة الحياة، التي حملت أزيد من 40 ألف توقيع لمواطنين مغاربة مسجلين في اللوائح الانتخابية، طالبوا من خلالها بتخصيص حساب خاصة في الخزينة العامة للمملكة، لتغطية كافة المصاريف المتعلقة بمراحل علاجهم، لرفع جزء من المعاناة عن هذه الفئة.
وسلمت اللجنة المكلفة بالعريضة، في الـ 14 من شهر فبراير الماضي، _العريضة_، لرئاسة الحكومة، غير أنه، ولحدود اللحظة، وبعد مرور أكثر من 5 أشهر، لم يصدر أي قرار بخصوصها، وذلك راجع حسب كثير من المراقبين، إلى الظرفية الاستثنائية التي عرفتها المملكة منذ مارس الماضي، في ظل تفشي كورونا.
ويمني مرضى السرطان بالمغرب، أن تعجل الحكومة في حسم موقفها من عريضة الحياة، وألا تؤجل أحلامهم أكثر، خاصة أن الكثير من المواطنين المصابين بـ”الورم الخبيث”، والذين وقعوا على العريضة، وافتهم المنية، وغادروا العالم آملين أن يتحقق للآخرين ما لم يتحقق لهم، وأن ترفع السلطات بموافقتها على مطالب المواطنين، جزءاً مهما، من معاناة إحدى أكثر الفئات التي تذوق ويلات الحياة.
تعليقات الزوار ( 0 )