يحاول سكان المناطق الجبلية في إقليم ميدلت، المعروف بانخفاض درجة الحرارة في فصل الشتاء، التأقلم مع الأوضاع التي يفرضها التغير المناخي الذي يؤسس لعادات اجتماعية واقتصادية مغايرة للأيام العادية.
ويعتبر إقليم ميدلت من المناطق المعرضة كل سنة لموجات البرد والتساقطات الثلجية الكثيفة، مما يحتم اتخاذ العديد من التدابير على المستوى المحلي من أجل مواجهة التداعيات الاجتماعية والاقتصادية على السكان، لاسيما في المناطق الجبلية.
السيدة ماما بوعلاف، التي تقطن في منطقة جبلية بضواحي ميدلت، تشدد على أن هذه الظروف المناخية التي تؤثر على الحياة اليومية للقرويين والفلاحين، تفرض القيام باستعدادات مسبقة لكي تمر بدون خسائر.
وأكدت السيدة بوعلاف، وهي ترحب بكل من يسأل عن أحوالها والفرح يعلو محياها رغم قساوة الظروف المناخية، أنه حينما يتم سماع توقعات مصالح الأحوال الجوية حول احتمال تسجيل تساقطات ثلجية في المنطقة، يتم البدء في تجميع الحطب للتدفئة.
وأشارت بوعلاف، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، إلى أنها تقوم رفقة أفراد أسرتها والجيران بتجميع كل المؤن والحاجيات الغذائية التي يحتاجون إليها في هذه الفترة من السنة، معبرة عن رضاها بالإجراءات التي تقوم بها السلطات من أجل مساعدة السكان على مواجهة تداعيات موجات البرد القارس في المنطقة التي تقطنها.
ولا تحول الظروف المناخية دون أن تعمل ماما بوعلاف على تسويق منتجاتها المجالية، حيث أبرزت أنها تحاول أن تبيع منتجاتها لكل العابرين من منطقة سكناها، ولزوار إحدى العيون القريبة من مقر سكناها في إقليم ميدلت الذي يقع على ارتفاع 1521 مترا ويتوفر على مساحات شاسعة من أشجار الأرز والأشجار المثمرة والغطاء النباتي المحلي.
وترى أن المساعدات، التي تقدمها السلطات المحلية في هذه المرحلة من السنة، تساهم في التغلب على تداعيات التساقطات الثلجية التي تؤدي إلى قطع الطرق والمسالك المسهلة لنقل البضائع والحاجيات الأساسية للسكان.
وبالقرب من منزلها البسيط في منطقة جبلية يغلب الرعي على نشاط سكانها، يقطن حميد غزيرو، الذي يمارس الرعي وتربية الماشية، إذ يرى أن التساقطات المطرية والثلجية الكثيفة في المنطقة لها وقع إيجابي على الفرشة المائية والغطاء النباتي.
وأوضح غزيرو، في تصريح مماثل، أن المنطقة تتوفر على مجموعة من أشجار الأرز وتعرف تساقطات ثلجية كثيفة، لاسيما في فترة الشتاء من كل سنة.
وأضاف أن من بين المشاكل التي ينبغي التغلب عليها في هذه المرحلة قلة الأعلاف، لاسيما أن أغلب السكان يعتمدون على تربية الماشية لكسب معيشهم اليومي، ولكون قساوة الطقس في فصل الشتاء تحول دون توفير العلف للماشية، منبها إلى ضرورة حل مشكل بعد المسافة بين المدارس وسكن التلاميذ.
وتعمل المصالح المختصة في إقليم ميدلت على معالجة العديد من هذه المشاكل في الدواوير المعرضة لموجة البرد (يبلغ عددها نحو 217 دوارا)، وهي موزعة على 24 جماعة ترابية، في وقت يقدر فيه عدد الأسر المعرضة لموجة البرد بنحو على 22 ألف و956 أسرة.
وتبدأ باتخاذ مجموعة من التدابير والإجراءات الاستباقية لفائدة ساكنة المناطق المستهدفة، من حيث تفعيل عمل اللجنة الإقليمية لليقظة وتتبع المخاطر الناتجة عن موجة البرد، وتحديد المناطق المعرضة لموجة البرد، والتعبئة الشاملة لجميع الوسائل اللوجستيكية، وكذا الموارد البشرية.
وتهم هذه الإجراءات، التي تطبق في إقليم يضم 29 جماعة ترابية مع ساكنة تقدر بنحو 289 ألف و337 نسمة، تعبئة آليات إزالة الثلوج، وتحديد النساء الحوامل والتكفل بهن، وكذا الأشخاص الذين يعانون من القصور الكلوي والحالات الحرجة، وإحصاء الرحل وأماكن تنقلهم، والتزويد بحطب التدفئة، وإيواء الأشخاص بدون مأوى وتزويد مربي الماشية بالكميات الكافية من الشعير.
كما يتم تحديد الحاجيات من الأغطية بالداخليات ودور الطالب ودور الولادة ومراكز المسنين، وتحديد أماكن هبوط المروحيات بنفوذ الجماعات المعنية بموجة البرد بتنسيق مع مصالح الدرك الملكي، مع العمل على إصلاح آليات إزالة الثلوج، وتوفير اللوحات التشويرية، وإحصاء المقاطع الحساسة ونقط انقطاع الطرق بسبب الثلوج، وتعبئة الموارد البشرية والمادية الطبية، في إطار عملية “رعاية” التي تهدف إلى ضمان التغطية الصحية للسكان في المناطق المتضررة من موجة البرد وتساقط الثلوج.
تعليقات الزوار ( 0 )