في ظلمات أرض التنين ولدت، وفي كهوفها ترعرعت، ولم تكن تسمع سوى وط الخفافيش وصوت تقاطر الماء على الأرض الموحلة. في يوم من الأيام ارتد إلى مسامعها رعد قوي، فتزحزت من جحرها. خارجا، كان الجو باردا، والرياح قد اشتدت حدتها. سحابة كثيفة غطت جزءا من السماء، فبدأ الظلام يزحف رويدا رويدا. ساد الصمت فجأة ولم يعد يسمع سوى وقع خطواتها القادمة.
بالرغم من سمنتها، كانت رشيقة في مشيتها وكلها حيوية. كانت قد بالغت في تزيين وجهها بالأصباغ والمساحيق وبدت كأنها تضع قناعا.
من بعيد كان يراقبها واللعاب يتقاطر من بين فكيه. تقدم نحوها بخطى ثابتة وهو يحرك أذنية الحادتين حتى لفت انتباهها، فبادرها بالسؤال:
– سيدتي، هل تسمحين لي بالدنو منك أكثر؟
كانت عيناه تشعان احمرارا ككلب مسعور.
أجابته وعلى شفتيها المكتنزتين ابتسامة ملؤها التهكم:
– تفضل ايها الجريء علّ شجاعتك تعديني، مع انك قبيح الوجه ورائحتك كريهة.
حرك ذيله وقد اجتاحته نوبة من الغرور، فبدأ يدور حول نفسه وبدا سعيدا.
– سيدتي، إعجابي بك كبير وعشقي لك أكبر، فاسمعي نثري وأشعاري.
– سأعيد كتابة التاريخ من أجلك، لأمجد ماضيك وأرفع مقامك.
– سأجعل من سيدات العالم خادمات لك، وخيرة الرجال عبيدا لنزواتك.
– سأعبر المالح، وبالحرير سأكسيك، ومن كل النياشين والأوسمة سأوشحك.
– سأ قدم لك التاج والصولجان وأُقِرُّ بك ملكة، وللعالمين أعلن حبي وولائي لك.
دوت قهقهتها في كل أركان المعمورة تزامنا مع وقع البرق والرعد، ووسط حشود من الضحايا تدحرجت مندفعة الى الامام وهي تأتي على الأخضر واليابس.
تعليقات الزوار ( 0 )