شارك المقال
  • تم النسخ

موسم جني الزيتون.. مؤشرات تبعث على التفاؤل بالرغم من ظروف الجائحة الاستثنائية

يحاول عبد القادر، ما أمكن، أن لا يجرح أي ثمرةٍ أثناء قطفه للزيتون وإسقاطه على “الباش”، في حقله الصغير القريب من مدينة تارجيست، لأن أي شيء من هذا القبيل يمكنه أن يقلل من جودة المنتوجِ. يسعى ليكون ما يجنيه، مميزاً، وتكون الزيت الصادرة عنهُ، ذات مذاق يجعلُ الزبون يداوم على اقتنائها منه.

بالرغم من بردِ الشتاء القارس، إلا أن عبد القادر، يستيقظ منذ يومين في الساعة السادسة صباحاً، من أجل جني الزيتون، برفقة ثلاثة من العمال الذين يُشغلهم، ولا يفوت أي فرصة، من أجل تجديد التأكيد على التعامل بحذر مع كل حبة، والحرص على أن تسقط على “الباش”، دون أن تُرجح، أو يطأ عليها أحدهم بالخطأ.

يقول عبد القادر، الذي لا همّ له هذه الأيام سوى جني الزيتون بأحسن طريقة ممكنة، في حديثه لـ”بناصا”، إن الثمار جيدة، و”الغلة”، لن تكون الأفضل على الإطلاق، ولكنها بالنسبة لي، جيدة، لاسيما وأن الوضع خلال السنة الحالية، لم يكن على أحسن ما يُرام، في ظل تفشي فيروس كورونا المستجد، الذي أزم الوضعية المالية للعديد من الأسر.

أما سفيان، أحد العمّال الذين يجنون الزيتون في حقل عبد القادر الصغير، وهو من العائلة، غير أنه الآن، يشتغل للحصول على قوت يومه، فيقول لـ”بناصا”، بأن الأمور تُبشّر بالخير، لأن الثمارة جيدة، غير أنه، ونظرا لاشتغاله مؤخرا في عدة حقول، يؤكد بأن الأمر يختلف من منطقة لأخرى، حسب الظروف.

ويستقطع سفيان جزءاً من وقته، ليفصّل في الظروف التي تجعل الزيتون يختلف من منطقة لأخرى، مشيراً إلى أن العديد من الحقول هنا، “بل أغلبها، لا تعتمد على الريّ نهائيا، وتعوّل بشكل مطلق على ما تجود به السماء، ولأن الموسم كان جافّاً، فالمحصل حتما لن تكون بالحجم الجيد، إلى جانب أنه حتى الأشجار التي أثمرت، تكون حباتها صغيرة.

ويتابع المتحدث: “أما الحقول التي يتم ري أشجار الزيتون فيها عبر تقنية التنقيط، فإن ثمارها كبيرة، وكثيفة، وبإمكانها أن تؤتي أرباحاً كبيرةً لصاحبها، مع ضمان جودة زيت الزيتون الصادرة عنها”، مستدركاً: “والأماكن التي تعتمد على ري الزيتون في المنطقة، نادرةً جدّاً، أو لنقل شبه منعدمة، وهو ما يعني أن الغلة هنا، لا ترقى للمستوى المطلوب، ولكنها عموماً ونظرا لكورونا والجائحة، جيدة”.

وفي السياق نفسه، أوضح حميد صبري، رئيس الجمعية المغربية لمنتجي الزيتون والاقتصاد في الماء، بإقليم السراغنة، الذي يعتبر الأكبر من حيث إنتاج هذه الثمرة، بنسبة تصل إلى 27 في المائة من الإنتاج الوطني، بأن الأمور جيدة بالرغم من قلة التساقطات، والمعاصر والأسواق تعمل بشكل عادي، مع التزامها بالإجراءات الوقائية.

وأضاف المتحدث نفسه، في تصريح لجريدة “بناصا”، بأن مجموعة من الزبناء الذين يأتون من مختلف أنحاء المغرب، إلى قلعة السراغنة، من أجل الحصول على الزيت الممتازة من معاصرها وأسواقها، مستدركاً بأن السنوات المقبلة، ستعرف ارتفاع المنتوج بنسبة تقدر بـ 300 في المائة، نظرا لأن عدد الزيتون غير المنتج حالياً، أكبر من نظيره المُنتج.

وأوضح صبري بأن الجعية التي يسيرها تؤطر أكثر من 24 ألف فلاح في إقليم قلعة السراغنة، مع شركائها مثل البرنامج المثمر لخدمات القرب والمكتب الشريف للفوسفاط، الذي يوفر مهندسين أكفاء، وذلك بغية الحرص على مساعدة الفلاح في عمله، وتقديم الاستشارات الضرورية، من أجل أن يصل منتوجه في أفضل الظروف.

وبالإضافة إلى الاعتماد على الأيدي، في الجني، والذي يستغرق وقتاً طويلاً، وجهداً كبيراً، ويعتبر الأفضل، لأنه يحافظ على الثمار، هناك العديد من الوسائل الأخرى، من بينها القطف الآلي، الذي تُستخدم فيه آلة تهز الفرع الرئيسي للشجرة، إلى أن تبدأ حبات الزيتون في التساقط، غير أنها قد تتسبب في أضرار للشجرة، والثمار في الآن نفسه، عبر كسر فروع الأولى، وجرح الثانية.

وإلى جانب ذلك، هناك طريقة قطف كيميائية، تعتمد على رشّ مادة السول أو “اثريل”، على الأشجار، والحرص على وصولها لكافة الثمار، من أجل أن تضعف اتصال الزيتون بالشجرة، بعد بضعة أيام (6 أيام)، لتسقط على الأكياس البلاستيكية التي توضع تحت الأشجار، غير أن هذه الوسيلة، تحتاج إلى التأكد من حالة الطقس، وتفادي وضعها في حال كان الأسبوع سيعرف ريحاً أو أمطاراً.

وتوجد طريقة رابعة، يقوم خلالها الشخص باستعمال عصيّ وضرب فروع الشجرة من أجل أن تسقط الثمار على الأكياس البلاستيطية التي يتم وضعها، كما الوسائل السابقة، تحت الأشجار، غير أن هذا الأمر، يتسبب في أضرار جسيمة للشجرة والثمار، ووفق مجموعة من الفلاحين، فقد أوشكت هذه الطريقة على الانقراض، لأنها غير سليمة.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي