هاجم الشيخ السلفي، الحسن بن علي الكتاني، مرة أخرى، الأمازيغية، عبر استنكاره الشديد، لوجود أحد أسمائها، في كتاب التربية الإسلامية، للسنة الثانية ابتدائي، ومعتبراً بأن الأمر، هو زجّ بالقومية في الدروس، ما يهدد استقرار المغرب، وينذر بتقسيمه.
وكتب الكتاني على حسابه الشخصي بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”: “هذه الصورة في كتاب التربية الإسلامية لابنتي الصغيرة السنة الابتدائية الثانية. ما معنى إقحام اسم (نوميديا)؟؟؟ وهل سمعتم بهذا الاسم في المغرب بعد الإسلام؟ وما معنى إقحام القومية وسط درس التربية الإسلامية؟؟
وشدد الكتاني، على أن وجود الأسماء الأمازيغية في كتاب التربية الإسلامية هو “تكريس لتقسيم المغرب، سيكون لهذا التقسيم عواقب وخيمة في المستقبل وما دمر الدولة العثمانية إلا النفخ في القوميات”، علما أن الصورة التي علق عليها الشيخ السلفي، تضمن حواراً بين أب وبانته، حيث قالت الأخير لوالدها: إن لها زميلةً لا تصلي، ليرد عليها بـ”ادعي لها بالهداية يا نوميديا”.
تدوينة الكتاني، أثارت الكثير من الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث اعتبرها نشطاء، معاداةً صريحةً للأمازيغية، التي “تنبع من الأرض المغربية التي نعيش فيها، ومن تاريخها الطويلة”، مدينين ما يقوم به عدد من الشيوخ السلفيين، فيما اختار البعض نشر صورته مع ابنته، أو ابنه، المسمى باسم أمازيغي، معلقين فوقها: “ادعي له بالهداية يا بنيتي (بني)”.
ومن جهته، قال الناشط المرتضى إعمراشا، على حسابه بـ “فيسبوك”، ردّاً على الكتاني: “تغيير الأسماء بعد اعتناق الإسلام بدعة محدثة لا أساس لها، فأسماء الصحابة رضي الله عنهم عمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير وزينب وشيماءـ وغيرهم هي أسماء سماها كفار قريش قبل الإسلام لأبنائهم وحين أسلموا لم يغير الدين أسماءهم، لذلك من الجميل أن يسمي الناس اليوم أبناءهم بأسماء ٱمازيغية كنوميديا وبويا وماسين، وغيرها فهذا احياء لسنة النبي صلى الله عليه وسلم ومقاومة لبدعة التعريب كما فيه انتصارا للحريات العامة”.
وردّاً على ما جاء في تدوينة الكتاني، قال الباحث في التراث الإسلامي، محمد ابن الأزرق الأنجري، إنه “من حق كل شعب التمسك بأسماء أسلافه. الأمازيغي يحق له التسمي بأسماء لغته كالتركي والفارسي والأوروبي…”، مشدداً على أن “الأسماء العربية ليست فريضة ولا شرطاً في الإيمان”.
وتابع الأنجري: “وعلى فرض أن النبي (ص) استحسن بعض الأسماء؛ فإنه لم يمنع غيرها ما لم يتضمن معنى قبيحا”، مردفاً بأن “الذين يعارضون الأسماء الأمازيغية مخطئون، فإن دعموا معارضتهم بالدين كانوا مفتئتين”، منبهاً إلى أنه لم يثبت “في سيرة الرسول أو خلفائه فرض الأسماء العربية على المنتطق المفتوحة. كان كل قوم يحتفظون بأسمائهم القومية”.
وفي السياق نفسه، الباحث في التراث الإسلامي ذاته، في تصريحٍ لجريدة “بناصا”، بأن الصحابة احتفظوا بالأسماء التي أطلقت عليهم في الجاهلية، “ولم يغير النبي صلى الله عليه وسلم إلا أسماءً قلة شاذة تحمل معاني تتعارض مع التوحيد كعبد العزى الذي يستلزم تأليه صنم العزى، أحد أوثان الجاهلية”، مسترسلاً بأنه حتى الأسماء التي أحدثها الدين، مثل محمد وأحمد والمصطفى، لم تفرض.
وأبرز الأنجري بأن الحكام العرب، أيام الأمويين والعباسيين، حاولوا تعميم عاداتهم وثقافاتهم ولغتهم على الشعوب الأعجمية، وقد نجحوا إلى حد كبير، سيما في شمال إفريقيا والشام، وقد أسهم الفقهاء والمحدثون، “من خلال اختلاق أحاديث وروايات في إلحاق الأسماء العربية بالدين والإيمان، وهم على الدين مفتئتون، وللقومية العربية ناصرون”.
وأوضح الأنجري بأن هناك مجموعة من الأسماء العربية، التي تحمل معاني متوحشة وحيوانية، مثل صقر وغضنفر وليث وكُليب، غير أن الفقهاء تقبلوها، في حين أنهم لا يستسيغون أسماء أمازيغية، تحمل معاني جميلة، بل هي مفردات تطابق أسماء موجودة في العربية، مثل تايري، والتي تعني محبة، وتومرت؛ الفرحة والسعادة، وميرا الذي يقابله اسم مريم في العربية.
ونبه إلى أن المشكلة ليست في انتشار الأسماء العربية، بل في استكثار من أسماهم بـ”المتأسلمين”، على الأمازيغ التمسك بأسماء لغتهم، واتهامهم في دينهم وإيمانهم، إن هم سموا أبناءهم بأسماء الأسلاف، مشدداً لهجته: “إنهم يصدون الناس عن دين الله، ويقومون بدور إبليس في تبغيضه لشريحة من الأمازيغ المحبة لعادات أجدادها”.
وذكر الباحث في التراث الإسلامي، بأن الأمازيغي حين يسمع من “الشيوخ المتأسلمين أن تسمية أولاده نوميديا أو كسيلة أو تيمومت، نقصان في الإيمان وضعف في التدين، وأن التسمي بأسماء العرب مستحب دينا وبرهان على صحة الإسلام، فإنه قد يكفر بالدين القومي العنصري جملةً وتفصيلاً”، متسائلا: “إذا كان الإسلام رسالة الله للعالمين، فالعالَمون عرب أقلية وعجم أكثرية، فكيف يُعلي ثقافة مجموعة بشرية قليلة على ثقافات شتى وشعوب متنوعة؟”.
تعليقات الزوار ( 0 )