عقيد له صلات رفيعة المستوى بالكرملين، متعقب “للخونة” متخصص في البيانات الضخمة، هي بعض هويات الدبلوماسيين الروس الثمانية الذين طردهم حلف شمالي الأطلسي (ناتو) في أكتوبر/تشرين الأول2021 بتهمة التجسس، ولكن الحلف لم يعلن أبدا عن أسماء المطرودين، ليفعل ذلك تحقيق استقصائي أوروبي نشر مؤخرا.
قال الأمين العام للناتو ينس ستولتنبرغ، إبان إعلان قرار الطرد، إن الأشخاص الثمانية، الذين قالت روسيا إنهم دبلوماسيون في بعثتها لدى الناتو بالعاصمة البلجيكية بروكسل، كانوا في الواقع “ضباط استخبارات غير معلنين” ويقومون “بأنشطة لا تتماشى مع اعتمادهم الدبلوماسي”.
لم يكشف الناتو عن أسماء الجواسيس الروس المطرودين، مما يعني أنه يمكنهم العودة بهدوء إلى ديارهم، والعمل في مواقع دبلوماسية أخرى غير تابعة للدول الأعضاء في حلف الناتو.
موسكو، وفي رد فعل انتقامي على قرار الناتو، أغلقت بعثتها لدى الحلف.
وتكشف السير الذاتية للدبلوماسيين المطرودين حساسة مناصبهم في خدمة أجهزة المخابرات الروسية، إذ تم إرسالهم إلى بروكسل لاستهداف الناتو ومؤسسات الاتحاد الأوروبي والمؤسسات البلجيكية.
ويتعلق الأمر بكل من سيرجي تشيسنوكوف، أوليغ ديميكين، فاسيلي إبيشكين، ديمتري فيليبينوك، إيغور كوفاليف، ناديزدا أوبوخوفا، ألكسندر سموشكو، ستانيسلاف تيليغين. وذلك وفقا للمعلومات التي كشف عنها تحقيق صحفي مشترك أجراه “دوسير سنتر” (Dossier Center) وهو منظمة غير حكومية مقرها بريطانيا، وموقع “إي يو أوبزيرفر” (EUobserver) الإخباري الأوروبي.
اسم بارز
وضمن أسماء المطرودين، يبقى سموشكو أكثرها اتصالا بالدوائر العليا في موسكو، فقد تخرج من كلية اللغات والمعلومات العسكرية الأجنبية بالجامعة العسكرية التابعة لوزارة الدفاع الروسية، ليصبح مقدما ونائبا لرئيس قسم بالجامعة، وفي مرحلة ما انضم أيضا إلى جهاز المخابرات العسكرية الروسية “جي آر يو” (GRU).
وقبل مجيء سموشكو إلى بروكسل، عمل مترجما شخصيا لوزير الدفاع سيرغي شويغو، ولقائد القوات المسلحة فاليري جيراسيموف، ولوزير الدفاع السابق أناتولي سيرديوكوف.
وأما فيليبينوك فربما أرسلته موسكو إلى بروكسل للتجسس على الروس أنفسهم في بلجيكا، فلدى موسكو قرابة 200 دبلوماسي ومسؤول قنصلي في بعثات مختلفة في أنتويرب ثانية أكبر مدينة في بلجيكا.
ويشير ملفه الشخصي على موقع “لينكد إن” (Linkedin) إلى أن فيليبينوك كان رسمياً بمنصب سكرتير أول في بعثة روسيا لدى حلف الناتو، ويظهر فحص سجلات الهاتف الروسية أن فيليبينوك عضو بالوحدة رقم 55297 داخل جهاز الأمن القومي “إف إس بي” (FSB) وهي وحدة متخصصة بمكافحة التجسس العسكري.
ويبدو أن إبيشكين، الذي طرده الناتو أيضا، كان مهتما بما يفعله الغرب في مجال البيانات الضخمة (Big Data) فقد تخرج برتبة ملازم احتياطي في قسم 609 بمعهد موسكو للطيران “إم إيه آي” (MAI) حيث درس المعلوماتية التطبيقية لبرمجيات النظام، أنظمة اتصالات الحاسوب، الرياضيات التطبيقية، الذكاء الاصطناعي، معالجة البيانات الضخمة.
وفي مرحلة ما، انضم إبيشكين إلى جهاز المخابرات الخارجية الروسي “إس في آر” (SVR).
وكان تشيسنوكوف أحد الجواسيس الروس الثمانية الذين طردهم الناتو، وهو ينتمي لنفس مجال تخصص إبيشكين، فقبل وصوله إلى بروكسل، عمل في شركة “Antaris-TP” الروسية الحكومية، والتي تعنى بإنشاء قواعد بيانات لوزارة الدفاع وجهاز الأمن القومي.
طرد الناتو للدبلوماسيين الروس في أكتوبر/تشرين الأول الماضي كان حلقة ضمن سلسلة عمليات طرد للجواسيس الروس السنوات الماضية، إذ بدأت عمليات الطرد عام 2009
يُعرف كل من معهد موسكو للطيران والجامعة العسكرية، حيث درس سموشكو وإبيشكين، بأنهما مركزا تجنيد معروفان للمخابرات الروسية. وكذلك الحال مع معهد موسكو الحكومي للعلاقات الدولية، حيث درس تيليغين ودميكين، اللذان طردهما الناتو.
عمليات الطرد
كان طرد الناتو للدبلوماسيين الروس في أكتوبر/تشرين الأول الماضي حلقة ضمن سلسلة عمليات طرد للجواسيس الروس السنوات الماضية، إذ بدأت عمليات الطرد عام 2009، عندما أقال الحلف فاسيلي تشيزوف، نجل فلاديمير تشيزوف سفير روسيا آنذاك والحالي بالاتحاد الأوروبي، وكذلك دبلوماسيا روسيا آخر اسمه فيكتور كوتشوكوف، بتهمة التجسس.
وقد سجل عام 2015، طرد الناتو لقرابة 30 روسيا كرد فعل على استيلاء موسكو على شبه جزيرة القرم الأوكرانية.
وطرد الناتو 7 آخرين من الروس عام 2018 بعد أن حاولت موسكو اغتيال أحد جواسيسها السابقين سيرغي سكريبال، باستخدام سلاح كيميائي في المملكة المتحدة.
ورغم كل ذلك، لا يزال يعتقد بأن لدى روسيا الكثير من عملائها الناشطين في بلجيكا، فحسب تقديرات الاستخبارات الغربية فإن ما لا يقل عن نصف الدبلوماسيين الروس المعتمدين بهذا البلد الأوروبي (قرابة 100) من ضباط الاستخبارات الروسية، في حين يعمل 100 أو نحو ذلك من الجواسيس الروس تحت غطاء غير دبلوماسي بالشركات، المؤسسات الفكرية، المنظمات غير الحكومية في بلجيكا.
عن الجزيرة
تعليقات الزوار ( 0 )