بناصا _ أسامة بوكرين
فعّل المغاربة مؤخراً آليةً دستورية للمشاركة في صناعة القرار السياسي والتعبير عن مجموعة من الرغبات والاحتياجات التي “فشلت” السياسات العمومية المتعاقبة في تلبيتها، وذلك عبر جمع التوقيعات لتأسيس العرائض وارسالها الى رئيس الحكومة الذي يحولّها بدوره الى لجنة العرائض للبث في مصيرها.
وساهم اطلاق عريضة للمطالبة بإنهاء ظاهرة “الاعتقال السياسي” في المغرب بتاريخ 11 يناير الذي يتزامن مع ذكرى تقديم وثيقة الاستقلال، في اثارة جدلِِ كبير، خصوصا بعد انتهاء فترة جمع التوقيعات لعريضة “إنشاء صندوق لدعم مرضى السرطان” التي لاقت اقبالاً كبيرا مِن المواطنين .
تتَالِي اطلاق عريضة “2020 بدون اعتقال سياسي” مع عملية جمع التوقيعات لعريضة مكافحة السرطان أخرج نقاشا ًجديداً للمجتمع حول ماهِية العرائض ومدى فاعليتها في تغيير القوانين والتصورات العام للدولة من خلال جس نبض الشارع حيال قضية ما انطلاقا من عدد التوقيعات التي تحصدها العريض .
عريضة الحياة “أول الغيث قطرة”
تجاوزت “عريضة الحياة” الخاصة بجمع التوقيعات لتأسيس صندوق مكافحة السرطان، سقف الـ50 ألف توقيع في الوقت الذي كان اصحاب الحملة يطمحون لجمع 5000 توقيع كي يخول لهم القانون ارسال العريضة لرئيس الحكومة بمقتضى الفصل 15 من الدستور والقانون التنظيمي رقم 44/14 المتعلق بالعرائض الوطنية .
ساهم في جمع التوقيعات لعريضة الحياة أزيد من 1000 منسق في مختلف الأقاليم والمدن، تحت اشراف اللجنة الوطنية التي يرأسها عمر الشرقاوي، استاذ العلوم السياسية بجامعة الحسن الثاني، الذي كان وراء اطلاق الحملة منذ البداية .
يقول عمر الشرقاوي، عن مصير التوقيعات والعريضة، وهو المنسق الوطني للحملة، ان بعد انتهاء مهلة جمع التوقيعات، تبدأ مرحلة معالجة اللوائح المتوصل بها والتحقق من مدى احترامها للشروط القانونية الواردة في القانون التنظيمي للعرائض .
ويضيف أستاذ العلوم السياسية بجامعة المحمدية، ان ايداع العريضة بين يدي رئيس الحكومة يلزمه بالرد في حد أقصاه 75 يوما على وكيل العريضة، ويضيف الشرقاوي ان الجهة المكلفة بدراسة العريضة من الناحية التقنية والإجابة عنها بالرفض أو القبول هي لجنة العرائض التي تشتغل الى جانب رئيس الحكومة .
وقد تجاوزت عريضة الحياة، المخصصة لانشاء صندوق وطني لدعم مرضى السرطان، حدود الوطن لتنتقل الى مجموعة من المدن الاوروبية التي تأسّست فيها تنسيقيات مصغرة تسعى لجمع توقيعات مغاربة الخارج، في تعبير واضح عن التفاف المغاربة وراء حق مرضى السرطان في العلاج المجاني .
وبأمر ملكي، تم اقرار العلاج مجانا للأطفال دون الخامسة، مباشرة بعد انطلاق الحملة المطالبة بدعم مرضى السرطان، وبعد انتشار فيديو شابة مغربية مصابة بالسرطان وهي على متن قارب للهجرة السرية متجهة لجزر الكناري لتلقي العلاج، لتوافيها المنية بعد وصولها بأيام .
للإعتقال السياسي نصيبه أيضا
أطلقت اللجنة الوطنية التي كانت قد أسِّسَت عقب اعتقال الصحفي عمر الراضي، المتابع حاليا في حالة سراح، على خلفية تدوينة له على موقع تويتر حول الأحكام الصادرة في حق معقتلي الريف استئنافيا، مبادرة تحت شعار “2020 مغرب بدون اعتقال سياسي ومعتقلي الرأي” .
انطلقت حملة جمع التوقيعات للعريضة من مقر الجمعية المغربية لحقوق الانسان الذي انعقد اول لقاء تشاوري لوضع الأسس الاولى لاصدار هذه العريضة فيه، وتكونت اللجنة على أطلال هذا اللقاء الذي شاركت فيه لجنة “غسان بوذا” ولجنة البيضاء عن معتقلي “أكال” وبعض أعضاء عائلات المعتقلين السياسيين والحقوقيين .
خالد البكاري، منسق الحملة، وأول الموقعين عليها الى جانب أسماء سياسية وحقوقية كخديجة الرياضي ونبيلة منيب وعمر بلافريج وهاجر الريسوني وأخرون، قال في تدوينة له على مواقع التواصل الاجتماعي ان “اللجنة الوطنية تعتمد أساسا على توقيعات المواطنين في كل الأقاليم لجمع العدد الكافي الذي يضمن قانونية العريض”.
وأضاف بكاري، الناشط الحقوقي، ان عريضة الاعتقال السياسي تتوفر فيها عدالة القضية والتمرين على العمل الجماعي كما تسعى لإشراك الجميع وتحتاج مساهمة الجميع” وليصيف المتحدث نفسه ان “النجاح في عريضة الاعتقال السياسي يضمن التغلب على تحديات أخرى”.
وتفاعلا مع بعض الأصوات التي ربطت خروج العريضة للوجود في تزامن تاريخي مع تقديم وثيقة الاستقلال وحملت العريضة تأويلا يرمي التنافسية مع حملة “انشاء صندوق لمكافكة السرطان” عاد البكاري ليرد بطريقته على هذه الادعاءات مؤكدا ان “حملات التشكيك ستنطلق، وسيبدأ زرع الاحباط ومحاولة ضرب الثقة بين ابناء الشعب” ليضيف معقبا “لكن ما دام ان المبادرات كلها لا تقوم على حسابات سياسية ضيقة او حزبي فوالله ما يديو باش ينقيو سنانهم”.
بلغت عريضة “2020 بدون اعتقال سياسي ولا معتقلي الرأي” الى حدود الساعة حوالي 2000 توقيع حسب ما كشفت عنه الصفحة الرسمية للجنة الوطنية المكلفة بجمع التوقيعات المعنْونَة ب”الحرية للجميع”.
تعليقات الزوار ( 0 )