شارك المقال
  • تم النسخ

ملف القمح يفضح المستور.. هكذا تروج الجزائر لـ”عقوبات وهمية” ضد فرنسا رغم عدم قدرتها على التصعيد

أفادت وكالة “رويترز”، مؤخرا، نقلاً عن مصادر تجارية جزائرية، أن الأخيرة، قررت استبعاد الشركات الفرنسية من مناقصة لاستيراد القمح، وهو ما اعتبرت أنه يندرج ضمن “تجدد التوتر الدبلوماسي بين البلدين”، نتيجة اعتراف باريس بمغربية الصحراء.

وقال موقع “الجزيرة” في تطرقه للأمر، إن قرار فرنسا دعم مقترح الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية لإنهاء نزاع الصحراء، “أثار غضب الجزائر”، التي تدعم جبهة “البوليساريو” الانفصالية، وهي الأطروحة التي حاولت بعض وسائل الإعلام الجزائرية ترويجها أيضا، من خلال ربطها لـ”حظر القمح الفرنسي”، بدعم باريس للرباط في النزاع الإقليمي.

“قصر المرادية لا يملك الجرأة السياسية”

وتسعى الجزائر عبر محاولة ربط القرار، بـ”التصعيد” ضد فرنسا بسبب دعمها للمغرب في نزاع الصحراء، إلى تكذيب الأنباء التي تتحدث عن غياب الجرأة السياسية لدى قصر المرادية، لاتخاذ قرارات ضد مصالح فرنسا، إذ أوضح المصدر، أن منع الشركات من إستيراد منتجات فرنسية، تم شكل شفهي.

وكان موقع “algeriepart” قد كشف، في تقرير نشره في الـ 4 من شهر أكتوبر الجاري، إن السلطات اتخذت أساليب مختلفة عن تلك التي استعملتها عقب دعم إسبانيا لمقترح الحكم الذاتي لتسوية نزاع الصحراء، بحيث لجأت إلى “الحصار الضمني” على الواردات والمنتجات الزراعية والصناعية الفرنسية، ولكن عبر إعطاء “تعليمات غير مكتوبة”.

وأوضح المصدر، أن هذه التعليمات، أصدرتها دوائر مؤثرة في السلطة، لمؤسسات مثل مديرية وقاية النباتات والمراقبة الفنية، وكذلك الشركة الجزائرية لتأمين وضمان الصادرات، والبنوك، بهدف “منع تصاريح الاستيراد والإعفاءات وكذلك الديون المصرفية المباشرة للمنتجات ذات المنشأ الفرنسي، أو القادمة من فرنسا”.

وذكر المصدر وقتها، أن الفاعلين الاقتصاديين الجزائريين، ظلوا في “الظلام”، بسبب غياب أي رد رسمي أو مبرر واضح، وهو ما خلق “حالة من الارتباك للجهات الاقتصادية الفاعلية، التي يتم رفض تراخيص الاستيراد دون تفسير”، مبرزاً أنه في الوقت الذي أعلن فيه الاتحاد الأوروبي عن منع استيراد منتجات جزائرية، لأسيباب صحية، يفضل قصر المرادية “العمل خلف الكواليس”.

جبن برداء الشجاعة

وبالرغم من قرارها غير المعلن من لدن مصالح الحكومة، والذي طفا على السطح بعد كشفه من قبل الشركات المتضررة، إلا أن قصر المرادية، الذي اكتفى بتحريض صحفه على تناقل الموضوع باعتباره “عقاباً ضد فرنسا”، لم يكن في واقع الأمر بالشجاعة الكافية لاتخاذ قرارات في هذا الصدد، بحيث إن خطوته، ليس لها أي أثر.

ويرجع سبب ذلك، إلى تخفيض فرنسا بشكل إرادي لصادراتها من القمح، بسبب التراجع الكبير في الإنتاج، الذي بلغ أدنى مستوياته منذ حوالي 40 سنة، وفق ما أعلن عنه جهاز الإحصاءات في وزارة الزراعة الفرنسية (أغريست)، في 9 غشت الماضي، حيث قال إن إنتاج الموسم الفلاحي الحالي، سيكون “من أضعف المحاصيل خلال السنوات الأربعين الأخيرة”.

وقبل ذلك، أعلن المكتب الفرنسي للمنتجات الفلاحية والبحرية، وهو مؤسسة رسمية، عن توجه الدولة الأوروبية، إلى تخفيض صادراتها من القمح نحو البلدان خارج تكتل القارة العجوز، بسبب تراجع الإنتاج، وهو نهج بدأته باريس قبل بضع سنوات، جراء موجة الجفاف التي أثرت على المحاصيل بشكل كبير.

ويرجح مراقبون، أن تكون السلطات الجزائرية، قد استفادت من تجربة إسبانيا، التي قامت بإعلان مجموعة من القرارات الاقتصادية ضدها، وظلت تقوم بالتصعيد لعدة شهور، دون أي تراجع من حكومة مدريد، لتقرر بعدها، ودون سابق إنذار، رفع كافة “العقوبات” وإعادة العلاقات الاقتصادية والسياسية مع المملكة الإيبيرية، كما كانت.

وتخشى الجزائر، المضي في تصعيدها ضد فرنسا، ثم تكرار ما وقع مع إسبانيا، من خلال تشبث باريس بموقفها، واضطرار “قصر المرادية”، بسبب حاجته للبلد الأوروبي، للتراجع عن قراراته، وهو ما سيظهر، مرة أخرى، “بلد المليون شهيد”، أمام دول العالم، وأيضا أمام الجزائريين، بلباس البلد الضعيف غير القادر على ممارسة الضغوط ضد الدول التي تقف ضد مصالحه.

كلمات دلالية
شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي