وضعت الجمعية المغربية لحماية المال العام، أمس الأربعاء، شكاية لدى الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء، بخصوص الاختلالات المالية والإدارية والقانونية، التي عرفتها جماعة المحمدية، خلال سنتي 2016 و2017.
وقال الفرع في شكايته التي توصلت “بناصا” بنسخة منه، إن التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات برسم سنتي 2016 و2017، وتقرير المجلس الجهوي للحسابات لجهة الدار البيضاء سطات، سجلت وجود مجموعة من الاختلالات المالية والقانونية والتدبيرية التي شابت تسيير جماعة المحمدية، خلال الفترة المعنية.
واستعرض فرع الجمعية المغربية لحماية المال العام، في شكايته، بعضا من هذه الاختلالات، ومن ضمنها، عدم تفعيل الإدارة الجبائية للجماعة، لـ”آلية حق الاطلاع اتجاه مثلا مصلحة الضرائب ووكالة المحافظة العقارية ووزارة السياحة والموثقين”، وهو ما يتعين عليها القيام به.
وأوضحت شكاية الهيئة المذكورة، التي وقعها رئيس المكتب الجهوي، محمد مشكور، أنه من ضمن هذه الاختلالات أيضا، “عدم أداء رسم السكن ورسم الخدمات من طرف 2694 ملزم من سنة 2013 إلى سنة 2016 بما فيها بعض الشركات (شركة “ماب”، شركة “ماك”، شركة “أمر”) مما فوت على الجماعة مداخيل مهمة”.
كما جرى، حسب المصدر، “تضخم في مبالغ الباقي استخلاصه بالنسبة لرسم السكن ورسم الخدمات الجماعية والرسم المهني (أنظر الجدول الثاني الصفحة 36) علما أنه لم يتم اتخاد ايه مبادرة ملموسة لحل هذا المشكل”، و”عدم خضوع وعاء عقاري ‘جمالي مكون من 546 هكتار لأداء ضريبة الرسم على الأراضي الحضرية غير المبنية”.
ونبهت الجمعية المغربية لحماية المال العام، إلى أن هذا الأمر، “فوت على الجماعة دخلا بمبلغ 54,6 مليون درهم سنويا، أي ما يعادل 218,4 مليون درهم في أربع سنوات حسب دائما المعطيات التي تتوفر عليها المحافظة العقارية – دون احتساب الأراضي الحضرية الغير المحفظة كالأرض المسماة ارض “ع” بمساحة قدرها 74.135 متر مربع والتي قد تنتج ضريبة إضافية بقيمة 7,6 مليون درهم خلال أريع سنوات”.
كما فوتت الجماعة، حسب المصدر، “مداخيل بقيمة 3,5 مليون درهم تقريبا وذلك عندما طبقت أسعار ضريبية غير صحيحة (الأراضي الخاضعة للضريبة) أسعار غير موافقة لطبيعة الأراضي الخاضعة لها (أنظروا الجدول الصفحة 38)”، مسترسلةً أنه تم أيضا “تقليص مصلحة الوعاء بدون موجب حق لمساحة الأراضي المعنية بالضريبة (الأراضي الخاضعة للضريبة) وبالتالي فقد ثم تفويت مبلغ 2.23 مليون درهم على الجماعة -وهي مداخيل مهمة – لملفات 3 شركات عقارية وهي شركة أ.م. وشركة ” ب. ر.” وشركة “ك. و.””.
وسجلت الجمعية، بناء على تقريري المجلس الأعلى للحسابات، وجود “خرق المادة 155 من القانون رقم 47.06 وضياع مبالغ مالة مهمة على خزينة الجماعة “القانون المتعلق بالجبايات المحلية “”، مشيرةً إلى أنه “قبل سنة 2016 لم تعرف سداد هذه الرسوم والتي بلغت برسم السنوات من 2013 إلى 2016 بالنسبة لشركة (م. أ.) فقط ما مجموعه 381.244،00 درهم (الرسم المفروض على شغل الأملاك الجماعية العامة مؤقتا)”.
وأشارت الهيئة، إلى أن التقارير سالفة الذكر، سجلت “عدم خضوع بعض الفنادق والرياضات والقرى السياحية لأداء أي رسم، كما هو الحال بالنسبة للفندقين “س. ب” و “س. أ” وللناديين الخاصين “م” و “ص”، كما أنه تم رصد “عدم أداء المكترين ما بذمتهم من أكرية مما نتج عنه تراكم متأخرات فاقت مليون درهم في حدود سنة 2015ّ.
وخلصت الجمعية، إلى أن هناك استنكافا “عن استخلاص الضريبة على الأراضي الحضرية غير المبينة والتلاعب في مساحتها، وذلك بتقليصها بشكل كبير لفائدة بعض الشركات والأشخاص والتي استفادت ماديا على حساب الجماعة، فضلا عن التغاضي دون وجه حق عن إحصاء بعض الملزمين بأدء الرسوم”.
وأردفت أن الجماعة، لم تسلك “المساطر لاستخلاص الرسوم الأخرى كتلك المفروضة على السكن والاحتلال المؤقت والأنشطة المهنية والتجارية وغيرها، ومحاباة شركات بعدم أداء ما عليها من مستحقات لفائدة الجماعة واستخلاص مبالغ ورسوم ضريبية أقل من تلك المصرح بها لفائدة مصلحة إدارة الضرائب”.
وشددت على أن “كل ذلك فوت على جماعة المحمدية مبالغ مالية كبيرة تقدر بملايير الدراهم، باستغلال مواقع المسؤولية لخدمة أهداف غير واضحة، ومخالفة للقانون يشكل من حيث الوصف الجنائي جناية تبديد أموال عمومية المعاقب عليها بمقتضى الفصل 241 من مجموعة القانون الجنائي”.
هذا، ونبه الفرع الجهوي لـ”حماة المال العام”، أن “التغاضي عن استخلاص مبالغ مالية كبيرة من شركات بعينها ومحلات تجارية محددة يطرح تساؤلا مشروعا حول العلاقة المفترضة بين أصحاب هذه الشركات والمحلات، بمسؤولي جماعات المحمدية، ومن شأنه أن يرجح وجود شبهات مصالح ومنافع بين ممثلي هذه الأشخاص المعنوية وبين بعض المسؤولين، خاصة وأن المبالغ المبددة تعد كبيرة مع اتسام سلوك مسؤولي جماعة المحمدية بالتغاضي المستمر عن المطالبة بتحصيل تلك المبالغ، وهو ما فوت على ميزانية الجماعة مبالغ وأموال مهمة”.
واعتبرت الهيئة، أن “هذا السلوك يشكل فعلا جرميا مخالف لمقتضيات الفصل 244 من القانون الجنائي المغربي والذي نتج عنه تبديد للمال العام”، مشيراً إلى أن “العمل القضائي المغربي اعتبر توافر سوء النية عنصرا أساسيا في جرائم تبديد الأموال العمومية، وكذلك الفرنسي سار في اتجاه إدانة مثل هذه الأفعال المشار إليها سلفا” إذ اعتبر أنه تنطبق توقعات الفصل 432/10 الفقرة 2 من القانون الجنائي الفرنسي التي تعاقب على جريمة (الغدر)”، على إقدام العمدة بـ”إعفاء المشتري الذي يشغل أرض جماعية من أداء ثمن هذه الأخيرة، ممتنعا عن ذلك بشكل إرادي من إتمام عملية البيع المرخص بها من طرف المجلس البلدي، وذلك خرقا للمادة 2122/21 الفقرة 7 من المدونة العامة للجماعات الترابية نقض جنائي 10 أكتوبر 2012″.
وبعد استعراض هذه الاختلالات، أكد الفرع الجهوي للجمعية المغربية لحماية المال العام بالدار البيضاء – الوسط، أن هذه الأمور، “تشكل خطورة من الناحية الجنائية، وتوصف بأفعال جرمية يمكن أن تكيف حسب الأحوال جنايات تبديد أموال عمومية والغدر وغيرها”، ملتمساً من الوكيل العام للملك، “إعطاء تعليماته للشرطة القضائية المختصة، من أجل الاستماع إلى إفادات حسن عنترة، بصفته الرئيس الأسبق لمجلس جماعة المحمدية، وباقي المستشارين، وكل من له علاقة بالوقائع الواردة بتقرير المجلس الجهوي للحسابات موضوع هذه الشكاية”.
هذا، وطلبت الجمعية، أيضا، الاستماع لكل من ممثلي الشركات بشأن الوقائع المسطرة بهذه الشكاية، وللموظفين المعنيين، ولكل شخص قد يفيد في الوصول إلى الحقيقة، مطالبة بـ”اتخاذ كافة الإجراءات القانونية لضمان استرجاع الأموال المبددة بما في ذلك الحجز التحفظي على ممتلكات المتورطين في وقائع هذه الشكاية، والتي بدت عليهم مظاهر الثراء الفاحش بالمقارنة مع دخلهم ووظيفتهم”.
تعليقات الزوار ( 0 )