Share
  • Link copied

ملفات كبيرة حصد فيها ماكرون خسارة فادحة

حقق ماكرون خلال العقود الأخير فشلا ذريعا في عدة ملفات الداخلية منها و الخارجية, فرغم كون فرنسا ذات قوة اقتصادية و عسكرية و سياسية لم يحسن رئيس البلد استغلال هذه القوة لكي يحقق نتائج في زمن أصبحت فيه الحقيبة الديبلوماسية أهم من كل الحقائب في اللعبة السياسية. ماكرون و خلال مرحلة حكمة يحاول أن يفتح النار في عدة جبهات و يسارع لكي يكون هو السباق للزيارات و تفقد أماكن الأحداث الإنسانيّة . 

لكن في لغة السياسة, لا تبدأ بفتح أي جبهة إلا و أنت تعلم أن لك منها مكاسب اقتصادية أو سياسية و هذا ما لم يحسن ماكرون تقديره من خلال أغلب تحركاته الخارجية. 

يمكننا اعتبار أن ماكرون فشكل في عدة ملفات و هي كالتالي :

  • الملف الداخلي : 

على المستوى المحلي بفرنسا و تحديدا بسنة 2018 خرج ألاف المحتجين في عدة مدن فرنسية و في أشكال نضالية مختلفة عرفوا باسم السترات الصفراء. كانت البداية حينها محتجين على خطة ماكرون الإصلاحية من خلال ارتفاع أسعار الوقود وكذلك ارتفاع تكاليف المعيشة. المحتجين الذين أوقفوا نشاط العاصمة باريس في عدة مواقف زادوا من حدة الاحتجاجات و رفعوا سقف المطالب لتشملَ إسقاط الإصلاحات الضريبية ورفع الحد الأدنى للأجور فيما طالب العديد من المحتجين و النخب المتواجدة بالساحة حينها بتنحي ماكرون عن الحكم باعتباره رئيسا فشل في تدبير عدت ملفات داخلية. و قد كانت نسبة 75% من الفرنسيين داعمين للسترات الصفراء حسب استطلاع للرأي. على المستوى الداخلي لحكومة ماكرون فإن خروج السترات الصفراء شلت عدة مخططات استراتيجية داخلية للرئيس. و ترتب عنه انخفاض للعملة لمستويات حرجة. و في المقابل شكل هذا الملف خسارة سياسية كبيرة للحزب لأنه قد خسر كتلة مهمة من الناخبين و المتعاطفين مع الحزب. 

  • الملف الجزائري : 

عرفت الجزائر في السنين الأخيرة دينامية و حركة في الشارع العام, حيث خرج المحتجون في الساحات العمومية مطالبين بالإطاحة بالرئيس السابقة عبد العزيز بوتفليقة و إقامة نضام ديمقراطي تكون  فيه الكلمة للشعب و بالتالي حفظ كرامته و حريته. المحتجين و خلال حراكهم طالبو من بعض الدول أن تكف عن استغلال ثرواتها وترفع قيودها السياسية عن البلد, و قد كان اسم فرنسا حاضرا بقوة بين اللافتات و الشعارات. شكل حراك الجزائر حرجا كبيرا لدى حكومة ماكرون  لأنه كان مفاجئا لها وبالتالي كان يخشى من أن يخرج الشعب قيادة قادرة على التفاوض مما سيؤدي الى تهديد مصالحه و امتيازاته السياسية و الاقتصادية بالبلد.

  • الملف الليبي :

فشل الرئيس ماكرون في إقحام الخليفة حفتر في غرفة العمليات السياسية لدى الحكومة الوطنية بليبيا, جاء هذا بعد الخسائر التي تكبدها حفتر ميدانيا و فشله في الدخول الى طرابلس العاصمة الليبية رغم الدعم الذي تلقاه من فرنسا و دول أخرى. هذا الإخفاق جاء نتيجة للتدخل العسكري بتركيا حيث لعبة المسيرات التركية خلالها دورا مهما في كبح تقدم و ردع قوات حفتر. وقد حاول ماكرون أن يقوم باستقطاب لرئيس الحكومة الليبية الشرعية فائز السراج للجلوس مع حفتر لكن كل هذه الجهود لم تعطي نتيجة لماكرون الذي كان يطمح لتحييد تركيا من المشهد و إلغاء دورها بالبلد. أدت كل هذه الأمور الى أن تفشل تركيا كل مخططات الرئيس ماكرون.

  • الملف اللبناني :

بعد جولة قام بها ماكرون في لبنان و التقائه بعدة أطراف و ممثلين لأحزاب و نخب سياسية أخفق هذا الأخير في الوصول إلى أي حل سياسي للخروج بالبلد من أزمته المستفحلة. ماكرون سعى خلال الزيارة لكي يكون الراعي الرسمي للحل السياسي بالبلد إلا أنه فشل و عاد خاوي الوفاض بعد ما بذل كل الجهود. ماكرون حاول أن يستعطف الفرقاء بوعود من قبيل النهوض الاقتصادي و ملفات سياسية خارجية مهمة لكن كل هذا لم يشفع له لكي يكون هو الراعي الرسمي للحل في بلد يحكمه نضام طائفي متجدر. فشله هذا جعله يسجل تصريحا له حول القيادة اللبنانية فقال : طبقة سياسية فاسدة في لبنان فضلت مصلحتها على مصلحة البلاد.

  • الملف اليوناني :

على إثر توقيع الاتفاق الحدودي بين اليونان ومصر، عادت من جديد الخلافات بين تركيا و اليونان بشأن احتياطات الغاز الطبيعي المتواجد بالبحر الأبيض المتوسط، هذا الصراع كان يطمع ماكرون من خلاله أين يدخل تركيا في أزمة سياسية مع جيرانه و بالتالي الحصول على هذا الغاز، ازداد طموح هذا الأخير في توسيع دائرة الخلاف و جعلها عسكرية، حيث استطاع أن يقنع اليونان و يورطها في صفقة عسكرية  جد مكلفة  لبلد لا يمتلك اقتصادا قويا. حاول أيضا ماكرون بأن يكون راع رسمي للمفاوضات بين المتنافسين. إلا أن القيادة التركية قامت بتحييد ماكرون من المشهد الديبلوماسي و قامت بإلغاء دوره من كل وساطة للخروج بأي حل. يمكن القول بأن ماكرون قد أخطأ في تقديراته و دعمه لليونان, كما صرح بذلك المفكر والعالم السياسي الفرنسي، شارل سان برو.

  • الملف الأرميني :

رغم الإجماع الدولي المتفق مع حق الأذرييين في إقليم ناغورني قره باغ الحدودي، يخرج ماكرون و بدون حسابات أو تقديرات استراتيجية لكي يعلن و بشكل ملفت للغاية دعمه للأرمينيين في نزاعهم مع أذربيجان. إلا أن التقدم الحاصل ميدانيا من خلال المسيرات التركية –البيرقدار- شكل فارقا جد مهم في الساحة مما أدخل ماكرون في حرج كبير جعله يسارع بالاتصالات لكل من رئيس أذربيجان ومع رئيس وزراء أرمينيا من أجل الاتفاق لتسوية سلمية ووقف لإطلاق النار, إلا أن هذه الوساطة فشلت من جديد و استمرت المعارك الميدانية مخلفة بذلك خسائر جد ضخمة لحليف ماكرون. بدوره ماكرون يسارع الزمن ويطالب كل من أمريكا و روسيا الدخول في هذا الملف لكي يقصي تركيا من طاولة المفاوضات, من أجل إيجاد صيغة نهائية لحل يحفظ لحليفه الأرميني ما تبقى من الأراضي المحتلة. 

  • الملف التركي : 

لم يكن ماكرون على علم في مرحلة انتخابه أن الأيام المقبلة تخبأ له عدوا في منطقة الشرق الأوسط اسمه أردوغان. ماكرون لم يتخيل عدوا بهذه الحنكة السياسية و القوة التفاوضية و العسكرية. فدخول تركيا لنادي الدول ذات الاقتصاد القوي و حرصها على أن تصبح من بين الدول ذات القوة العسكرية و توسعاتها الجيوستراتيجية ناهيك عن حفظ أمنها القومي الداخلي بتخلصها من التنضيمات المسلحة و أخيرا كونها دولة ذات استقلال في القرارات و الإرادة, كل هذه الأمور شكلت حرجا لدى ماكرون الذي اعتاد أن يفكر بعقلية المستعمر و الذي يكتفي بإعطاء الأوامر دون نقاش معه. إلا أن تركيا قلبت المعادلة و أصبحت تفقده عدة محاور كان يسعى و يطمع فيها و الملف الليبي مثال على ذلك. ينضاف الى هذا بأن ماكرون لم يعد يستطيع التفوق في أي ملف ضد تركيا و بالتالي أصبح المتنفس الوحيد لديه إما أمريكا أو الاتحاد الأوروبي. ماكرون يسعى من خلال خطواته الى توريط فرنسا في مشاكل مع بلد صاعد يمكن أن يكون حليف استراتيجي مهم في منطقة الشرق الأوسط.

الخسارة على المستوى الديبلوماسي يعقبها حزمة من الانتقادات السياسية و قد تصل الى حد العقوبة الشعبية في الانتخابات, لكن أكثر وأكبر خسارة تتلقاها الدولة من هذا الفشل كونها ضيعت على نفسها فرصا كان بمقدورها أن تكون في حال أخر لو أحسنت التقدير خلالها. 

ماكرون, الرئيس الشاب الذي غلبه اندفاعه إلى اتخاذ خطوات لم تعد بأي نتيجة إيجابية, بل و قد كَوَّنَ لفرنسا دولا أعداء في الوقت الذي تبحث فيه الدول عن حلفاء بالمنطقة الشرق الأوسط. 

نختم القول بما صرح به سان برو، وهو مدير عام مرصد باريس للأبحاث الجيوسياسية، في حوار مع وكالة الأناضول :  “مواقف ماكرون في هذا الإطار تثير الضحك لدى واشنطن ولندن وبرلين. هذه عواصم هامة. والعالم الغربي لا يفهم طبيعة مواقف ماكرون.”

المصادر :

السترات الصفراء في عامها الأول.. سياسة كسر العظم تشتد مع ماكرون – موقع الجزيرة

Who are the gilets jaunes and what do they want? –  THE GUARDIAN

   عائد عميرة : حراك الجزائر يربك ماكرون ونظامه – نون بوسط

الحكومة الليبية تُفشل محاولة فرنسا استعمالها ضد تركيا – وكالة الأناضول

ماكرون يفشل في لبنان وأزمة سياسية جديدة في البلاد – مركز أبحاث كاتيخون

“ماكرون” يورّط اليونان.. أنهى صفقة السلاح وجاء يطلب مصالحة تركيا! – ترك برس

إخفاق مبادرة ماكرون وتحذير إيراني.. قوات أذربيجان تسيطر على معاقل لجيش أرمينيا وتحشد على طول الحدود – موقع الجزيرة

 باحث مغربي.

Share
  • Link copied
المقال التالي