استنكار عام في مواقع التواصل الاجتماعي لفيلم أصحاب ولا أعز الأكثر مشاهدة ، على منصة نتفليكس الأمريكية من بطولة منى زكي الذي يثير الجدل حاليا في العالم العربي بين الرفض والقبول، لأنه يبشر بأخلاقيات جديدة ، تجد فيه الام الواقي بحقيقة ابنتها فتخبر الاب الليبرالي المتحرر الذي لا يحتج أو يستنكر ذلك بل إنه يجد الأمر عاديا ويشجع بشكل مقزز ابنته القاصر في اتصال هاتفي على ضرورة الوفاء بعهدها، بمعاشره صديقها، وعلى موافقة الرجل العربي لزوجته على أنشاء علاقة جنسية مع صديقه،برضاه وموافقته وتطبيع الزوجة مع شذوذ زوجها ورضاها بعلاقته المثلية مع رجل آخر.
ويحتج المؤيدون للفيلم، بكون محكياته وقائع وقصص موجودة بالفعل ، فالفساد والخيانة والشذوذ ، والزنا واقع لا يجب نكرانه ، لكن المشكلة لا تكمن في وجود الشر فهو موجود منذ خلق الله العالم ، وبه يعرف ويتميز الخير فالأشياء بأضدادها تعرف ، فاللواطية والسحاقية موجودة كممارسات بشرية وحيوانية انحرافية عن الطبيعة ،والفطرة باعتبار أن غاية الجنس استمرار النوع ، وان اللذة والشهوانية ، دافع الرغبة في ممارسة الجنس ، وليس غاية في حد ذاته ، فاللذة إنما هي طعم وفخ الإرادة المطلقة العمياء، الموجودة الكامنة في كل الكائنات الحية التي تطمح في الحياة والبقاء ، بدءا من الذباب الى النحل الى البشر.
ليس المشكل في وجود هذه الانحرافات في السلوك البشري تاريخيا ، ولكن المشكل يتمثل في التطبيع معها والدعوة إليها واعتبارها أمرا عاديا ومقبولا ، لقد وجدت اللواطية والسحاقية كانحراف جنسي في سائر الحضارات القديمة مثل الحضارة الرومانية وكذلك الامر في تاريخنا الاسلامي فقد عجت المدونات والحوليات التاريخية كتاريخ الطبري والموسوعات الأدبية ككتاب الأغاني للأصبهاني وقصص ألف ليلة وليلة ، ممثلة في بعض رموزها كابي نواس وما جاء من حكايات عن الغلمان ، ولكن وجود المثلية كواقع لا يعني شرعنتها والتطبيع معها فقد ذمها الدين وحرمها، وعاقب الله مرتكبيها بالهلاك والخراب ، وجعل عالي أهلها سافلها.
إن الخيانة والفساد والزنا والشذوذ يصبح في هذا النوع من الأفلام ، عنوان التحضر ، والليبرالية ،وان التمسك بالإخلاق الدينية عنوان التشدد والارهاب والتخلف ، تلك هي الرسالة التي تتبناها نتفليكس ، فليس القضية في حرية الإبداع والفن ، وان السينما إنما هي انعكاس للواقع ، الذي يضم ويحتضن الشر والخير والعنف والقتل ، ولكن المشكلة تكمن في الرسالة التي يحاول الفيلم ، أن يوصلها لنا ،وهي أن نتخلص من عقدنا ،النفسية التاريخية الكلاسيكية ، وان نترك ديننا وراء ظهورنا وأن نطلق العنان لغرائزنا ، الفطرية الطبيعية ، وان كل واحد منا حر في جسده وفعله وسلوكه ، وان ممارسة الجنس قبل الزواج او بعده سيان ، وعادية ، وان الشذوذ الجنسي أو المثلية ليس مرضا نفسيا ، وإنما هو اختيار حر. للفرد ، لا يمنع ان يكون معه الشاذ افضلهم ، وارقاهم سلوكا وأمانة وإتقانا.
إن الفيلم يقول لنا انظروا ها هو المثلي رجل أنيق متزوج وبلحية ومثقف وأمين ، فماذا تعيبون عليه إن سلوكه العمومي أحسن وأفضل من غيره فما شأنكم بسلوكه الخاص إنها حريته وجسده، ولذلك فإنه لا يبقى للحرام والحلال ،من معنى ، ورغم كل هذه الهالة الإعلامية يبقى هذا النوع من المجتمع أقلية الأقلية ، إنه مجتمعهم هم ،مجتمع الخيانة ، حيث تختلط أنسابهم فلا يعرف الأبن أباه أن هذا الفيلم مقتبس حرفيا من فيلم إيطالي لا يمث لثقافتنا بصلة إنه محاولة نشر للفن العفن الوسخ ، وتطبيع مع الرذيلة والديوثية ،وهذا الفيلم من ناحية أخرى يحاول ان يصرف نظر الناس على مقاربة المشاكل الحقيقية التي يعيشها العالم العربي من انعدام للديموقراطية وحقوق الانسان ، وشيوع للجهل والأمية والتفاهة ،والضحالة وانحدار مستوى الذوق العام وانحطاط الاخلاق، وانتشار الفقر والعنف.
تعليقات الزوار ( 0 )