تتصاعد حدة التنافس بين عملاقي شمال إفريقيا، المغرب والجزائر، في ساحة جديدة تشهد صراعاً محتدماً على النفوذ والتأثير، فبعد عقود من التنافس التاريخي، يعود البلدان مجدداً إلى الواجهة، وهذه المرة في قلب منطقة الساحل، حيث تتشابك المصالح الإقليمية والدولية.
وفي هذا الصدد، قالت مجلة “جون أفريك” في تقرير لها، إنه وفي ظل التطورات الجيوسياسية المتسارعة في منطقة الساحل الإفريقي، أصبحت هذه المنطقة ساحة جديدة للتنافس بين المغرب والجزائر، حيث تسعى كل منهما لتعزيز نفوذها وتأثيرها في هذه المنطقة الحيوية.
وأوضحت المجلة الفرنسية، أن هذا التنافس يأتي في سياق تحولات عميقة تشهدها منطقة الساحل، من انقلابات عسكرية إلى تراجع النفوذ الفرنسي وصعود دور روسيا، مما يفتح الباب أمام لاعبين إقليميين لملء الفراغ.
السياق الجيوسياسي للساحل
وتشهد منطقة الساحل، التي تمتد من موريتانيا إلى تشاد، أزمات متعددة الأبعاد، بما في ذلك التهديدات الأمنية من الجماعات الإرهابية، والاضطرابات السياسية، والتحديات الاقتصادية.
وقد أدى تراجع النفوذ الفرنسي، الذي كان مهيمنًا لعقود، إلى فراغ استراتيجي تسعى دول مثل المغرب والجزائر لملئه، كما أن صعود روسيا، من خلال مجموعات مثل “فاغنر”، أضاف طبقة جديدة من التعقيد إلى المشهد الإقليمي19.
المغرب: استراتيجية التوسع والاندماج
وأطلق المغرب مبادرات عدة لتعزيز حضوره في منطقة الساحل، أبرزها “مبادرة الولوج إلى المحيط الأطلسي”، التي تهدف إلى ربط دول الساحل بالمحيط عبر البنية التحتية المغربية.
وهذه المبادرة، التي أعلنها الملك محمد السادس في نوفمبر 2023، تهدف إلى تعزيز التجارة والأمن الإقليمي، وتشمل مشاريع في مجالات الزراعة المتقدمة والطاقة الشمسية والتعليم.
وبحسب المجلة، فقد عزز المغرب شراكاته مع دول مثل مالي والنيجر وبوركينا فاسو، من خلال الاستثمارات والدعم الأمني.
من جهتها، تسعى الجزائر إلى الحفاظ على دورها التقليدي كوسيط إقليمي، خاصة في ملفات مثل الأزمة الليبية والصراع في مالي.
ومع ذلك، فإن تراجع نفوذها في المنطقة، خاصة بعد انقلابات عسكرية في مالي والنيجر، أضعف موقعها. كما أن الجزائر تواجه تحديات داخلية، بما في ذلك الاعتماد المفرط على عائدات النفط والغاز، مما يحد من قدرتها على المنافسة مع المغرب في الساحة الإفريقية.
التنافس المغربي-الجزائري: أبعاد متعددة
واستنادا إلى التقرير ذاته، فإن التنافس بين المغرب والجزائر يتجاوز الجوانب الاقتصادية والأمنية، ليشمل أيضًا البعد الدبلوماسي.
فبينما يعتمد المغرب على شراكات متعددة الأطراف، بما في ذلك العلاقات مع الولايات المتحدة ودول الخليج، تركز الجزائر على تحالفات تقليدية مع روسيا والصين.
كما أن قضية الصحراء الغربية المغربية تظل نقطة خلاف رئيسية بين البلدين، حيث تدعم الجزائر جبهة البوليساريو، بينما تسعى المغرب إلى تعزيز سيادتها على المنطقة.
وفي ظل التحديات المتزايدة في منطقة الساحل، يظل التنافس بين المغرب والجزائر عاملاً رئيسيًا في تشكيل مستقبل المنطقة.
وأشار التقرير إلى أنه وبينما يسعى المغرب إلى توسيع نفوذه من خلال مبادرات اقتصادية وأمنية، فإن النظام العسكري الجزائر يفتقد إلى الرؤية والاستراتيجية والتأثير في منطقة الساحل، وذلك من خلال تورطه في دعم الجماعات المتطرفة.
تعليقات الزوار ( 0 )