في ظل الجدل المتصاعد حول جدوى عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، يبرز المغرب كنموذج لدولة تدعو إلى إعادة تقييم المهام التي لم تحقق نتائج ملموسة، خصوصًا فيما يتعلق بقضية الصحراء المغربية.
ورقة بحثية حديثة لمعهد “إنتربرايز الأمريكي للأبحاث السياسية العامة” تؤكد أن بعض هذه العمليات لم تؤدِّ إلا إلى إطالة أمد النزاعات بدلًا من حلها، مما يستوجب مراجعة جذرية لهذه الاستراتيجيات المكلفة وغير الفعالة.
الصحراء المغربية: بعثة بلا أفق؟
ومنذ عام 1991، أنشأت الأمم المتحدة بعثة “مينورسو” لمراقبة وقف إطلاق النار في الصحراء المغربية وتنظيم استفتاء حول تقرير المصير. لكن وبعد 34 عامًا وإنفاق مليارات الدولارات، لم تُجرِ البعثة حتى تعدادًا رسميًا لسكان المنطقة، فضلًا عن عدم إحراز أي تقدم يذكر في تنفيذ مهمتها الأصلية.
ويرى التقرير أن استمرار تمويل هذه البعثة يعد إهدارًا للموارد، خصوصًا في ظل الاعتراف الأمريكي بسيادة المغرب على الصحراء، وهو ما يعزز شرعية مطالب المملكة بإنهاء هذا النزاع المفتعل.
وتؤكد معطيات ميدانية أن جبهة “البوليساريو”، المدعومة من الجزائر، تمنع سكان مخيمات تندوف من العودة إلى المغرب، حيث يُستخدم اللاجئون كوسيلة ضغط سياسي.
ومن خلال استمرار بعثة “مينورسو”، يسهم المجتمع الدولي في إطالة أمد هذا الوضع غير الإنساني، بدلًا من إيجاد حلول مستدامة تُنهي معاناة آلاف الصحراويين المحتجزين في ظروف مأساوية.
إصلاح الأمم المتحدة: ضرورة مغربية ودولية
وبحسب الورقة البحثية ، فإن استمرار عمليات حفظ السلام التي لا تحقق أهدافها لا يخدم استقرار الدول المعنية فحسب، بل يشكل عبئًا ماليًا على المجتمع الدولي.
ويدعو المغرب، إلى جانب دول أخرى، إلى إعادة النظر في هذه المهام واستبدالها بحلول أكثر فاعلية، مثل دعم مبادرات التنمية والاستقرار السياسي، بدلًا من الإبقاء على بعثات تستهلك موارد هائلة دون نتائج ملموسة.
ومن هذا المنطلق، ينبغي للأمم المتحدة أن تتبنى مقاربة جديدة تقوم على مبدأ “عشر سنوات أو الخروج”، حيث تُمنح البعثات فترة زمنية محددة لتنفيذ مهامها، وإن لم تحقق أهدافها، تُلغى لصالح آليات أكثر فاعلية.
كما يمكن التفكير في منح أدوار أكبر للاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي في بعض المناطق التي تتطلب حلولًا أكثر خصوصية ومرونة.
المغرب: شريك موثوق من أجل السلام
وأكد التقرير أن المغرب يظل نموذجًا للدولة التي تدافع عن السلام والاستقرار الإقليمي، حيث انخرط في العديد من المبادرات الدولية لتعزيز الأمن والتنمية في إفريقيا.
ومع الاعتراف الدولي المتزايد بموقفه من قضية الصحراء، بات من الضروري إنهاء المهام الأممية غير المجدية التي تعرقل تطور المنطقة بدلًا من المساهمة في حل النزاعات.
وفي ظل التحولات العالمية، يبدو أن إعادة هيكلة عمليات حفظ السلام أصبحت ضرورة حتمية، خاصة في القضايا التي أظهرت العقود الماضية فشلها في تحقيق أي تقدم يُذكر.
والمغرب، من موقعه، يطالب بإنهاء التسيب في هذه العمليات، والبحث عن حلول حقيقية تضع مصالح الشعوب فوق الحسابات السياسية الضيقة.
تعليقات الزوار ( 0 )