أكدت معلومات استخبارتية غربية، صحة التقارير المغربية في عدد من المحطات الدولية، لاسيما في جلسات الأمم المتحدة، بشأن إرسال إيران ممثلين عسكريين إلى جبهة البوليساريو الانفصالية ومدها بالأسلحة وتدريبها على حرب العصابات.
ونشرت كريستين كنش، مراسلة صحيفة “دي فيلت” الألمانية في الشرق الأوسط، مقالا بعنوان “كيف تقوم إيران بإنشاء شبكة إرهابية عالمية” تقدم فيه تفاصيل عديدة عن تورط جبهة البوليساريو الإنفصالية مع مليشيات حزب الله.
وأبرزت اليومية الألمانية الواسعة الانتشار، أنه وقبل عدة أشهر، انطلقت العديد من الإنذارات عندما ظهرت أنباء عن قيام إيران بتزويد جبهة البوليساريو بطائرات بدون طيار لاستخدامها ضد المغرب الذي عزز بشكل ملحوظ علاقاته بإسرائيل في جميع القطاعات.
وفي هذه الاستراتيجية المتمثلة في بسط نفوذه في مختلف أنحاء المنطقة بأساليب إرهابية لزعزعة الاستقرار، يستخدم نظام آيات الله، وبنتائج ملحوظة، سرايا القدس، الفرع الدولي لحراس الثورة الذي يعمل منذ سنوات في غزة مع حماس.
وبحسب المصادر ذاتها، فإنه تم تدريب العديد من أعضاء حركة حماس الذين شاركوا في عملية “طوفان الأقصى” في 7 أكتوبر في أحد معسكرات التدريب في سوريا، باستخدام أساليب بربرية واستعراضية.
وأشارت القصاصة ذاتها، إلى أن الهجمات الأخيرة التي نفذتها جبهة البوليساريو قبل ما يزيد قليلا عن أسبوع ضد مدينة السمارة، في الصحراء المغربية، والتي أعلنت مسؤوليتها عنها في بيان غامض إلى حد ما، زادت من القلق بشأن الخوف من استراتيجية الإرهاب العالمية، وتسليح وتلقين أعضاء جبهة البوليساريو.
الإستراتيجية الإيرانية في الصحراء
تشير مقالة كريستين كينشي في صحيفة “دي فيلت” إلى أن البرلمان في الجزائر صوت بالإجماع على دعم الحرب ضد إسرائيل في أعقاب السياسة المتعنتة لجبهة التحرير الوطني الجزائرية والقيادة العسكرية التي تسيطر على السلطة، وتدعم مليشيات البوليساريو.
وكشفت الصحيفة، أن إيران تقف وراء كل هذه الأنشطة، حيث قام النظام الشيعي بنسج شبكة عالمية من الميليشيات، التي يدعمها بالسلاح والمال والتدريب، وفي المقابل يستخدمها في استراتيجيته الإرهابية ضد الغرب ككل وضد الولايات المتحدة وإسرائيل على وجه الخصوص.
وكما تظهر التقارير الواردة من أجهزة الاستخبارات الغربية والمحققين الماليين، والتي تمكنت مجلة WELT من استشارتها حصريًا، فإن طهران تعمل على توسيع شبكتها منذ عدة سنوات، مشيرة إلى أن “إيران لم تعد تدعم فقط المنظمات الشيعية والسنية، بل حتى تلك التي ليس لها أي نقاط اتصال مع إسرائيل والإسلام الأصولي”.
وتكتب كينشي أن الطريق يؤدي إلى الصحراء، وأن من الأمثلة الجيدة على نهج طهران هي جبهة البوليساريو، وهي ميليشيا اشتراكية متمركزة في ما يسمى بمخيمات تندوف للاجئين في جنوب الجزائر.
وفي نونبر 2020، خرقت جبهة البوليساريو هدنة 1991 مع المغرب بطريقة استفزازية تمثلت في قطع الطريق التي تربط الصحراء بموريتانيا بالكركرات، والتي فككها الجيش المغربي بعد 14 يوما من الحصار.
ومع استئناف الأعمال العدائية، تعتزم جبهة البوليساريو تقويد النجاحات الدبلوماسية الملحوظة للمغرب، والتي حققتها مع العديد من البلدان ذات الصلة مثل الولايات المتحدة وألمانيا وإسبانيا والإمارات العربية المتحدة والعديد من الدول الأخرى في أفريقيا.
وتضمن اعتراف واشنطن بالسيادة المغربية على الصحراء إقامة علاقات دبلوماسية بين المغرب وإسرائيل، مما يضفي الطابع الرسمي على حالة من التبادلات التجارية لسنوات عديدة بسبب التأثير المتعالي لليهود المغاربة.
وقبل ذلك بعامين، قطع المغرب علاقاته مع إيران، وهو ما ندد به وزير الخارجية ناصر بوريطة، بسبب الدعم الذي قدمه حزب الله لجبهة البوليساريو بتزويد الأسلحة والتدريب على حرب العصابات في المناطق الحضرية.
ويشير المقال المنشور في مجلة “دي فيلت” إلى أن “طهران زودت أعضاء جبهة البوليساريو في الصحراء بصواريخ أرض جو وطائرات بدون طيار، وكان حزب الله، حليف إيران، قد أنشأ معسكرات في الجزائر حيث قام بتدريب مقاتلي البوليساريو.
ورغم أن قادة جبهة البوليساريو وحزب الله نفوا هذه الاتهامات، إلا أن المغرب ذكر أن لديه أرشيفا كبيرا يضم تقارير مفصلة وصورا لاجتماعات بين ممثلي حزب الله والبوليساريو في الجزائر.
وزعم المغرب أن إيران ساعدت أيضا في تنظيم لقاءات بين جبهة البوليساريو وحزب الله من خلال سفارتها في الجزائر، وزعم ممثل لجبهة البوليساريو العام الماضي أن إيران، عبر وساطة جزائرية، تزودهم بطائرات بدون طيار من طراز “كاميكازي” لاستخدامها ضد المغرب.
وتؤكد التقارير الاستخباراتية الجديدة، التي اطلعت عليها WELT الآن، ما أشار إليه المغرب، وعلى سبيل المثال، تمكنت الصحيفة من الوصول إلى تسجيلات ونصوص المحادثات الهاتفية بين ممثلي البوليساريو وعميل يتظاهر بأنه جهة اتصال لحزب الله من ساحل العاج. وبالتالي فإن مصطفى محمد الأمين هو ضابط اتصال البوليساريو في سوريا والمسؤول عن منطقة الشرق الأوسط.
وتستمر المعلومات من كريستين كينشي: “في محادثة مسجلة في 23 أكتوبر، بعد حوالي أسبوعين من “طوفان الأقصى” الذي أودى إلى مقتل 1400 إسرائيلي، سأل العميل لمين الكتاب عن الوضع، ورد رجل البوليساريو: “الحمد لله، الأولاد متشجعون بانتصار المقاومة والأعمال ضد اليهود والانتصار عليهم في كل مكان”.
ويتابع: “أرى أن المقاومة تشتعل في كل مكان، لقد انتشرت في غزة، ويمكن أن تنفجر في الجولان (…) وفي الجنوب (في لبنان، المحرر) وفي مزارع شبعا، وسوف تنفجر أيضاً في الصحراء الغربية، وستكون هناك مقاومة موحدة، كل واحد سيطلق النار من مكان مختلف”.
وفي وقت لاحق من المحادثة، تحدث ممثل حزب الله المفترض ومبعوث البوليساريو عن هجمات مشتركة محتملة ضد إسرائيل مع حماس وحزب الله والجزائر وإيران.
وعرض لمين الكتاب، دعم جبهة البوليساريو، لكنه يؤكد أن مواردها ليست كافية حتى الآن لمهاجمة مكتب الاتصال الإسرائيلي في المغرب، على سبيل المثال، وفي محادثات أخرى، دعا إلى مزيد من الدعم من حزب الله وإيران”.
وفي بداية العام، اكتشفت الصحيفة الألمانية شبكة حوالات تعمل من إسبانيا ومخيمات تندوف (الجزائر) وتحافظ على اتصالات وثيقة مع جبهة البوليساريو وإيران ولبنان وحزب الله، والحوالة هي وسيلة قديمة لتحويل الأموال دون اللجوء إلى البنوك القانونية.
وأشارت الصحيفة الألمانية ذاتها، إلى أن إيران تخفي مساعداتها المالية لحزب الله وحماس، وربما أيضًا لجبهة البوليساريو، بمساعدة شبكات الحوالة التي يكاد يكون من المستحيل السيطرة على تدفقاتها النقدية.
تعليقات الزوار ( 0 )