أعلن النظام العسكري الجزائري عن اتخاذ قرار بتشديد إجراءات الدخول إلى أراضيه، حيث سيفرض تأشيرة دخول على جميع المواطنين المغاربة، وقد بررت السلطات الجزائرية هذا القرار بما وصفته بـ”حاولة الرباط استغلال تسهيلات الدخول السابقة لزعزعة الأمن والاستقرار في الجزائر”.
وفي هذا الصدد، أكد الأكاديمي المغربي الخبير في العلاقات الدولية هشام معتضد في تصريح لجريدة “بناصا”، أن إعلان الجزائر إعادة فرض تأشيرة الدخول على الرعايا المغاربة يعكس نهجًا تصعيديًا يعمق الأزمة الثنائية بين البلدين ويضع عقبات إضافية أمام إمكانية تحسين العلاقات.
وبحسبه، فإن هذا القرار، الذي يأتي في سياق أمني بحسب السلطات الجزائرية، يعكس افتقار الجزائر لمنهج تدبير حكيم ومتوازن في معالجة التحديات الثنائية، حيث يتم تغليب المقاربة الأمنية المتشددة على حساب الحوار السياسي والتعاون الإقليمي.
وشدد الخبير في العلاقات الدولية، أنه من الناحية القانونية، يعتبر هذا القرار انتهاكًا لأسس حرية التنقل بين دول الجوار، وهو ما يتعارض مع المبادئ التي تحكم العلاقات الدولية في إطار حسن الجوار واحترام السيادة الوطنية.
خطوة نحو تعزيز حالة الانقسام داخل الاتحاد المغاربي
كما أن مثل هذه الخطوات قد تعزز حالة الانقسام داخل الاتحاد المغاربي وتزيد من تعقيد الجهود المبذولة لتحقيق تكامل إقليمي فعّال، خاصة وأن المغرب والجزائر يعانيان من توترات متصاعدة منذ عقود.
وأوضح، أن استراتيجية الجزائر في تدبير ملف العلاقات مع المغرب تتسم بنهج استباقي يعزز الانعزال ويضع الحواجز أمام مسار الحلول السلمية والتفاوضية، وبدلًا من تبني سياسات تعاونية تركز على تعزيز الأمن الجماعي وتطوير التعاون الاقتصادي، تلجأ الجزائر إلى التصعيد الأمني الذي يقوّض فرص تحقيق استقرار دائم في المنطقة.
واعتبر المصدر ذاته، أن هذه السياسات تُظهر انحرافًا واضحًا عن النهج العقلاني، وتعمق حالة العداء بين الشعبين، مما ينعكس سلبًا على المصالح الوطنية لكلا البلدين.
بالإضافة إلى ذلك، يمثل هذا القرار تهديدًا مباشرًا لعلاقات الشعبين المغربي والجزائري التي لطالما اعتمدت على التبادل الإنساني والثقافي، مما يؤثر على حياة آلاف المواطنين الذين يعيشون أو يعملون في الجانبين. التدابير التي تعتمدها الجزائر لا تأخذ بعين الاعتبار التأثير الإنساني والاجتماعي لهذه الخطوة، وهو ما يبرز غياب الرؤية الشاملة والمستدامة في إدارة هذه الملفات الحساسة.
النظام الجزائري يتجه نحو مزيد من العزلة الإقليمية والدولية
ومن منظور استراتيجي، يعكس هذا القرار توجهًا جزائريًا نحو مزيد من العزلة الإقليمية والدولية. في وقت يشهد العالم تزايدًا في التعاون الأمني والدبلوماسي بين الدول المتجاورة لمواجهة التحديات المشتركة، تتجه الجزائر نحو نهج متصلب يزيد من تعقيد الوضع الإقليمي، ويخلق حالة من عدم الاستقرار الأمني الذي قد يؤدي إلى تداعيات خطيرة على المستوى المغاربي والإفريقي.
وأضاف معتضد، أن التوجه الجزائري الحالي في إدارة علاقاتها مع المغرب ينم عن افتقاد للإدارة الاستراتيجية الحكيمة، حيث تغيب المقاربات السياسية المتوازنة والحلول السلمية القائمة على الحوار والتفاوض. بدلاً من ذلك، يتم التركيز على الحلول الأمنية المتشددة التي لا تساهم في تحقيق الاستقرار الدائم، بل تعمق الأزمات وتزيد من التوترات الإقليمية.
وأشار المتحدث عينه، إلى أن الجزائر تتبنى سياسة تصعيدية تتناقض مع المبادئ الدبلوماسية التي تهدف إلى الحفاظ على السلم والاستقرار بين الدول، وأن هذا القرار سيؤدي بلا شك إلى زيادة العداء بين البلدين ويعزز حالة الجمود السياسي التي تعاني منها المنطقة، مما يحتم ضرورة إعادة النظر في هذه السياسات واعتماد مقاربة عقلانية تركز على المصالح المشتركة للشعبين وتحقق الأمن والاستقرار للجميع.
تعليقات الزوار ( 0 )