عقب تفشي فيروس كورونا المستجد في المغرب، شهر مارس الماضي، اضطرت الحكومة لإعلان حالة الطوارئ، وفرض حجر صحي على كامل التراب الوطني، وإصدار قرارات بإيقاف مجموعة من الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية والمهنية والثقافية، إلى جانب تعليق الدراسة الحضورية، واعتماد التعليم عن بعد، كخيار فرضته الأزمة.
ومباشرة بعد بدء تجربة التعليم عن بعد، لأول مرة في تاريخ التعليم المغربي، طفت على السطح مجموعة من المشاكل التي اعترضت إنجاح العملية، من بينها الفوارق الطبقية التي صعبت على الأسر الفقيرة مسايرة الوضع وتوفير هواتف أول لوحات إلكترونية، وتعبئة رصيد الإنترنت بشكل مستمر، والفوارق المجالية، التي عانى معها ملايين التلاميذ من ضعف صبيب الإنترنت.
ومن بين المشاكل التي عانتها عملية التعليم عن بعد أيضا، التفاوتات المعرفية لدى الأسر، والتي تنعكس سلبا على تلقي التلاميذ في العملية التعليمية، بحيث أن العديد من أولياء الأمور، وخاصة في المجال القروي، لم يدرسوا بالشكل الذي يمنحهم إمكانية مساعدة أبنائهم، كما أن فئة أخرى، رغم دراستها، إلا أنها تعاني من “أمية معلوماتية”.
وطالب نشطاء وأساتذة باحثون، بضرورة عمل الوزارة على إحداث دروس موجهة لأمهات وآباء وأولياء أمور التلاميذ، من أجل أن يتمكنوا من مصاحبة ومراقبة أبنائهم، خلال عملية التعليم عن بعد، بالنسبة للأسر التي اختارت هذه الصيغة التربوية، وحتى للفئة التي فضلت التعليم الحضوري، لتأهيلها لأي طارئ يفرض العودة لهذا النوع التربوي، في بعض المناطق التي يمكن أن تعرف تطورا سلبيا في الوضع الوبائي.
ويرى النشطاء، بأن التفاوتات المعرفية التي يعانيها أولياء الأمور، تصعب مهمة فئة من التلاميذ، فيما تتوفر لفئة أخرى ظروف أفضل بكثير، وهو الأمر الذي يفرض على الوزارة، بث دروس موجهة للآباء، من أجل الحرص، على مبدأ تكافؤ الفرص ما أمكن، بالرغم من أن الأمر لا يمكن أن يعالج المشكل، ولكنه، حسبهم، سيساعد على تخفيفه.
وفي هذا السياق قال خالد بكاري، وهو أستاذ في المركز الجهوي للتربية والتكوين بالدار البيضاء، بأن عدم تكافؤ الفرص لا يقتصر على المستوى المادي واللوجيستيكي للأسر، بل أيضا يهم المستوى الثقافي، لأن هناك أر قادر على مرافقة أبنائها أثناء التعلم عن بعد، وهناك من لا يملك القدرة الثقافية ولا البيداغوجية لمرافثة أبنائه
ودعا البكاري، خلال الندوة التفاعلية التي نظمتها “بناصا”، حول “الدخول المدرسي في زمن كورونا”، الوزارة لإحداث دروس موجهة للآباء، وتراعي نسب الأمية الموجودة في المفرب، تمنحهم الحد الأدنى من التعامل مع الأبناء خلال تلقيهم الدروس عن بعد، لأن وجود متدخل ثالث، ليس له عدة بيداغوجية وثقافية، يمكن أن يؤثر بشكل سلبي على العملية التربوية.
وإلى جانب المصاحبة أثناء عملية التعلم، فإن الدروس التي يجب أن توجه لأولياء الأمور، لابد من أن تتضمن المخاطر المحتملة من عملية التعلم عن بعد، وعلى رأسها الشبكات الإجرامية التي تنشط في مواقع الإنترنت، ومنها من يستهدف الأطفال والمراهقين، وذلك بهدف حماية الأسر المغربية وأبنائها.
تعليقات الزوار ( 0 )