قبل أيام قليلة من مباراة إقصائيات كأس العالم، التي خاضها الجمعة 25 مارس 2022، منتخب المغرب والكونغو الديمقراطية، تسرّب خبر إبعاد مصطفى حجي عن الطاقم الفني للمنتخب، بطلب من المدرب وحيد خليلوزيتش.
وكشفت مصادر “عربي بوست” أن “المدرب ليس هو السبب في إبعاد مصطفى حجي، ولكن هذا الأخير “تذمر” من حملات انتقاده، وقرّر الانسحاب طوعاً من طاقم المنتخب الأول، قبل أيام من خوض مباراة المغرب والكونغو الديمقراطية”.
وحاول “عربي بوست” الاستفسار من حجي عن حقيقة ما يقال وينشر حوله، غير أنه اعتذر ورفض الخوض في الموضوع، مؤجِّلاً الحديث إلى موعد لاحق بعد إسدال الستار على التصفيات المؤهلة للمونديال، حتى لا يُتهم بالتشويش.
وقرر حجي، حسب المصادر نفسها، تقديم استقالته بشكل نهائي للاتحاد المغربي، غير أن الرئيس فوزي لقجع تشبث به وطالبه بالاستمرار رفقة الإدارة الفنية المغربية.
ورجحت مصادر “عربي بوست” أنه “من المنتظر أن يتم تكليف حجي بمنصب آخر، وأن يكون منصباً فنياً داخل المنتخب الأولمبي، المقبل على خوض التصفيات المؤهلة إلى نهائيات كأس إفريقيا لأقل من 23 سنة، والمؤهلة بدورها إلى أولمبياد باريس 2024”.
ولم يعلن الاتحاد المغربي عن ذلك بشكل رسمي، إذ لم يتأكد الخبر إلا بعد غيابه عن التدريبات، حيث يفتقد كرسي بدلاء المنتخب المغربي لمساعد المدرب حجي، لأول مرة منذ حوالي ثماني سنوات.
من جهتها، أوضحت مصادر “عربي بوست” داخل الاتحاد المغربي لكرة القدم، أن الفرنسي ستيفان جيلي هو المساعد الأول لمدرب منتخب المغرب بدلاً من حجي.
قصة مصطفى حجي
شكَّل مصطفى حجي، اللاعب الدولي السابق، وآخر المتوجين بالكرة الذهبية الإفريقية في تاريخ المغرب، مادةً دسمة لوسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، في السنوات الأخيرة.
وتحوّل حب المغاربة لمصطفى حجي إلى احتجاجات ضده، بعد توالي الإخفاقات في جميع مشاركات المنتخب المغربي في نهائيات كأس إفريقيا للأمم، منذ انضمامه في العام 2014 إلى الطاقم الفني كمساعد للمدرب بادو الزاكي.
ومنذ إخفاق المنتخب المغربي في كأس إفريقيا بالكاميرون ارتفعت مطالب استبعاد مصطفى حجي من المنتخب، الذي ظل ثابتاً رغم تغيير المدربين، وبراتب شهري يصل إلى حوالي 30 ألف دولار.
واستند منتقدو حجي إلى تصريحات سابقة لبادو الزاكي، أطلقها بعد إقالته من منصبه مدرباً للمنتخب، وصف خلالها مساعده بـ”الأفعى”، وعلى تقارير إعلامية تقول إن حجي يتسبب في سوء العلاقة مع بعض اللاعبين، كالعميد السابق للمنتخب المغربي مهدي بن عطية، وحمد الله، هداف الاتحاد السعودي، والنجمين حكيم زياش لاعب تشيلسي الإنجليزي، ونصير المزراوي لاعب أياكس الهولندي.
صراع حجي والزاكي
في نهاية العام 2013، خلف فوزي لقجع، علي الفاسي الفهري في رئاسة الاتحاد المغربي لكرة القدم، بعد مشاركة المغرب في نهائيات كأس إفريقيا للأمم التي جرت بجنوب إفريقيا.
وبعدها بأشهر قليلة، عيَّن الاتحاد المغربي بادو الزاكي مدرباً للمنتخب، ومصطفى حجي مساعداً له، كأول طاقم فني في عهد المكتب التنفيذي الجديد لاتحاد الكرة، الذي اختار “كرتين ذهبيتين” لقيادة الأسود.
لكن سرعان ما انقطع حبل الود بين الرجلين، وانتهى الصراع بينهما، الذي دام لأشهر معدودات، بإقالة الزاكي والحفاظ على حجي، الذي كان له دور كبير في اختيار المدرب اللاحق الفرنسي هيرفي رونار، الذي يشرف حالياً على تدريب المنتخب السعودي.
بعدها خرج بادو الزاكي، بعد سنوات من الصمت ليقول إن حجي “أفعى حاربني من الداخل”، وهو الأمر الذي رفضته مصادر “عربي بوست” داخل الاتحاد المغربي.
مصادر “عربي بوست” قالت إن ما قام به حجي رفقة ناصر لارغيت، المسؤول السابق عن المنتخبات الوطنية الصغرى، ولقاءهم بهيرفي رونار في السنغال لمفاوضته بإمكانية تدريبه للمنتخب المغربي، ما هو إلا تنفيذ لقرار الاتحاد المغربي.
واعتبرت المصادر نفسها أن فوزي لقجع هو الذي يعد المهندس الأول لاستبعاد بادو الزاكي من تدريب المنتخب المغربي، وتعويضه بالمدرب الفرنسي، وحجي كان فقط يُنفذ الأوامر.
هل تدعم جهات عليا مصطفى حجي؟
بعدها رحل هيرفي رونار عن المنتخب المغربي بعد مونديال روسيا 2018، ليحل مكانه وحيد خليلوزيتش، ظلَّ حجي ثابثاً في منصبه، الأمر الذي دعا الكثيرين للتساؤل: “من أين يستمد حجي قوته؟ وكيف يتعاقب المدربون ويقالون أو يستقيلون بينما ينجو هو؟!
ربطت العديد من المصادر وجود الدولي السابق مصطفى حجي، أحد نجوم المغرب في مونديال فرنسا 1998، في الطاقم الفني للمنتخب المغربي، بعلاقة صداقة مع “جهات عليا” في المغرب داخل الأسرة الملكية.
وانتشرت هذه المزاعم بقوة مع مرور السنوات وبقاء مصطفى حجي في منصبه رغم الانتقادات اللاذعة من فئة لا يُستهان بها من الجمهور المغربي، رغم وجود فئة ثانية تدافع عنه.
مصادر “عربي بوست” داخل الاتحاد المغربي نفت ذلك جملة وتفصيلاً، وقالت إن العديد من اللاعبين والنجوم السابقين، الذين كانوا بصفوف المنتخب المغربي سابقاً، تربطهم علاقات صداقات مع “جهات عليا في البلاد”، فلماذا لم يتم فرضهم أيضاً للعمل في الاتحاد المغربي أو في المنتخبات الوطنية.
وقالت المصادر نفسها إن الاتحاد المغربي يعرف تماماً حقيقة جميع الادعاءات التي يتم ترويجها عن حجي، ويقف خلفها أشخاص لهم حسابات شخصية معه، ويستغلون الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي من أجل ترويج المغالطات حوله.
وأشارت المصادر نفسها أن من يُهاجمون حجي على مواقع التواصل الاجتماعي يستندون إلى تصريح مفبرك، نشرته العديد من المواقع الاخبارية، منسوب إلى حوار أجرته صحيفة “ذا صن” مع حكيم زياش، يقول فيه إن حجي تسبب في استبعاده من المنتخب.
وأضافت المصادر أنه بالبحث في أصل الحوار عن حقيقة التصريح لن تجده لا في الصحفية ولا بغيرها، وما تم تداوله كان مفبركاً.
حجي.. بين الانتقاد والإشادة
الكثير من الإعلاميين والناقدين تحدثوا عن حجي ودوره في توتر علاقة بعض المحترفين المغاربة بالمدرب وحيد خليلوزيتش، ولعل أبرزهم الناقد الرياضي محمد ماغودي، الذي تحدث في الكثير من المناسبات عن الدور السلبي لحجي داخل المنتخب المغربي.
وقال ماغودي في تصريح إعلامي إن حجي تم طرده من المنتخب الأول، وسيمنحه الاتحاد المغربي مهمة “شبح” أخرى، وهذا ما سيُعطي المصداقية لكل من انتقده وطالب بإبعاده.
وأضاف المتحدث أن المدرب وحيد خليلوزيتش وقف على معطيات تفيد بأن مصطفى حجي يقف خلف تعقد العلاقة بينه وبين حمد الله ومزراوي وزياش، كما أنه خلق مشاكل معه.
في المقابل هناك من دافع عنه، في مقدمتهم لاعب المنتخب الوطني المحترف بفريق جينت البلجيكي طارق تيسودالي، الذي قال إن مصطفى حجي، مساعد وحيد خليلوزيتش المقال من منصبه، كانت تربطه علاقة جيدة مع جميع اللاعبين.
وأضاف المتحدث في تصريح لـ”عربي بوست” أن “حجي تعامل مع الجميع باحترافية ومهنية كبيرة، بالنظر إلى مؤهلاته وتجربته وطريقة تحفيزه للاعبين، وأبان عن حب كبير للوطن، وقدم الكثير من الأشياء للاعبين، بغية دفعهم لتحقيق الفوز”.
وأشار المتحدث إلى أن “المدرب الذي نُسب له قرار إبعاد مصطفى حجي كان قد أشاد بحجي قبل أسابيع، في المؤتمر الإعلامي الذي عقده للحديث عن حصيلته مع المنتخب المغربي في كأس إفريقيا الأخيرة، بل ووصف منتقديه بـ”‘الحساد” الذين يطمعون في منصبه”.
وقال المتحدث إن “المدرب أشاد بالأدوار المهمة التي يقوم بها مصطفى حجي داخل المنتخب، بل واستغرب الهجوم الذي تعرض له صاحب الكرة الذهبية الإفريقية سنة 1997 من قِبل الشارع الرياضي المغربي، الذي ظل يطالب بإبعاده عن منصبه، الذي لازمه لثماني سنوات”.
تعليقات الزوار ( 0 )