Share
  • Link copied

مشْرُوع قانُون 46.19 آمال تَرومُ الحدَّ مِن الفسَاد وجِهاتٌ تَتوقَّعُ الفَشَل

بدأت لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب أمس في مناقشة مشروع القانون رقم 19-46 المتعلق بالهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، وذلك بحضور وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، محمد بنشعبون.

مشروع قانون 46.19 جاء تفاعلا مع تنامي آفة الفساد وامتداداتها الوخيمة على مختلف مجالات الحياة العامة، واستجابة للتوجيهات الملكية السامية الداعية إلى تخليق الحياة العامة وتعزيز النزاهة ومحاربة كل مظاهر الفساد.

وجاء أيضا تجاوبا مع انتظارات المواطنين وتطلعاتهم إلى الاستفادة من الخدمات العمومية وفق متطلبات الشفافية والنزاهة والجودة، وبصفة أعم، توفير شروط الإنصاف والفعالية من أجل تحقيق تنمية مستدامة ومدمجة لجميع الطاقات، تضمن الكرامة والرفاهية للأجيال الحالية والمستقبلية.

واعتبارا لكون المشروع يعد مراجعة جذرية وعميقة للقانون الحالي للهيئة، يقول وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، محمد بنشعبون إنه سواء تعلق الأمر بمهامها أو بنظام حكامتها أو بكيفيات اشتغالها، تأكدت ضرورة نسخ القانون رقم 12-113، والتوجه نحو إعداد إطار قانوني جديد يأخذ بعين الاعتبار بعدين أساسيين، يتمثلان في تحصين المكتسبات الدستورية ذات الصلة بالهيئة، وتثبيت وتدقيق مجموعة من الاختصاصات المخولة لها.

توسيع مفهوم الفساد

ويذكر أن مشروع القانون رقم 46.19، الذي قدمه وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، قام بتوسيع مفهوم الفساد؛ وذلك عبر إعادة صياغة المقتضيات المتعلقة بتحديد المفهوم والتمييز بين نوعين من أفعال الفساد، مشيرا إلى أن الأول يتمثل في الأفعال التي تشكل جرائم بطبيعتها، حيث عناصرها الجرمية واضحة، تحيلها الهيئة إلى النيابة العامة المختصة.

وعرّف المشروع النوع الثاني من الفساد بأنه “الأفعال التي تشكل مخالفات إدارية ومالية تكتسي طابعا خاصا دون أن ترقى إلى درجة تكييفها كجرائم قائمة بذاتها”، مشيرا إلى “تمكين الهيئة من إجراء أبحاث وتحريات وإعداد تقارير تحيلها على السلطات والهيئات المختصة، لتحريك المتابعة التأديبية أو الجنائية حسب الحالة”.

ترسانة قانونية وإرادة سياسية

وفي ارتباط بالموضوع قالت ممثلة العدالة والتنمية بلجنة العدل وحقوق الإنسان في مجلس النواب، بثينة قروري، أمس الثلاثاء، إن الفساد يحرم المغرب ما بين 5% و7% من الناتج الداخلي الصافي بسبب الفساد والرشوة، وهو ما يمثل ما بين 5 و7 مليارات دولار.

وأبرزت في مناقشة مشروع قانون يتعلق بالهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، على أن محاربة الفساد تحتاج إلى ترسانة قانونية، إضافة إلى الإرادة السياسية التي لا تكفي من أجل بلوغ ذلك الهدف، متمنية أن يكون مشروع القانون فاتحة لمحاصرة الفاسدين ومحاسبة المتورطين في الرشوة.

وسجلت عند مناقشة المشروع من قبل اللجنة، أمس الثلاثاء، أن المغرب ما زال يأتي في مرتبة متأخرة في مؤشر مكافحة الرشوة، حسب ترسبارنسي، حيث جاء في العام الماضي في المركز الثمانين، رغم الجهود التي بذلت من أجل محاربة الفساد.

توقعات بالفشل

من جانبه توقّع عبد اللطيف وهبي، الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، فشل الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، في مهامها، وذلك بسبب التداخل مع القضاء، مؤكدا أن “الصلاحيات التي وضعت في مشروع القانون لن يتم تطبيقها، إذ فشل فيها القضاء نفسه”.

وأبرز وهبي ضرورة توفر الإرادة السياسية في مجال محاربة الرشوة، مشددا على أهمية ضبط العلاقة مع النيابة العامة، “لأن عدم التوفر على سلطة القمع الشرعي ستجعل من الهيئة بمثابة مزار فقط، ولن تستطيع محاربة الفساد”.

وشدد وهبي  أن المطلوب هو تأهيل المؤسسات للقيام بدورها في مجال محاربة الفساد، “عن طريق القيام بدراسات لها وتحديد نقط الضعف لديها عبر إثارة الانتباه إل مكامن الخلل وتواجد الرشوة وكيفية معالجتها”، مبرزا أن “المطلوب من الهيئة الوطنية ليس ضبط من دفع الرشوة أو من تسلمها، لأنها لن تتمكن من الوصول إليهما”.

وأشار وهبي في هذا الصدد إلى أن “النيابة العامة بما تملك من سلطات فشلت في الموضوع”، معتبرا أن “الهيئة القضائية تقوم بما تريد، وهذا أول الفساد”، مستغربا توفر هيئة بهذا الحجم على سلطة الاعتقال والمس بحرية الناس في حين لا تتوفر على مفتش.

لا سلطة لها في مواجهة المتابع

وهبي أثار كذلك نقطة هامة تتعلق بـ “التخوف الكبير في عمل الهيئة الوطنية كجهاز إداري هو أنها لا سلطة لها في مواجهة المتابع المفترض، كما أنه لا يمكن أن يفسر اعتقاله أو وضعه في الحراسة النظرية، أو منعه من مغادرة التراب الوطني باعتباره اختصاصا قضائيا”، متسائلا عن دور هذه الهيئة وما إذا كانت ستقوم بدور النيابة العامة، التي تشترط توفر عناصر الجرم.

وتوقع المتحدث أن قانون الهيئة سيدخلها في أزمة وفي مواجهة مع القضاء، ويتطلب إعادة النظر فيه، مشيرا إلى أن “هدف القانون الحالي هو ضبط الراشي والمرتشي” لأن العملية تتم تحت جنح الظلام وتحت الطاولة ودون ترك دليل عليها “.

Share
  • Link copied
المقال التالي