Share
  • Link copied

مرصد أوروبي يقارن بين أساليب دفاع إسبانيا عن احتلالها للأراضي المغربية في الماضي والحاضر.. ويَخلُصُ إلى أن مدريد تخلت عن سبتة ومليلية

قارن مدير مرصد سبتة ومليلية، كارلوس إيشيفيريا، بين تشبث إسبانيا باحتلالها للأراضي المغربية، وخصوصا سبتة ومليلية، بين الماضي والحاضر، معتبراً أن مدريد، تخلت عن المدينتين.

وظل إيشيفيريا وفيا لأسلوبه المتناقض في التطرق لموضوع احتلال إسبانيا لمدينتي سبتة ومليلية، عبر تبني الأطروحة التي تتحدث عن أن المغرب تأسس سنة 1956، أي بعد الاستقلال، بالرغم من أنه في المقال التحليلي نفسه، يتحدث عن حصار فرضه الملك محمد الثالث (الأسرة العلوية) منذ أكثر من 250 سنة.

ويتناول المقال التحليلي، الذي نشره إيشيفيريا، في الـ 13 من شهر فبراير الجاري، بجريدة “إلموندو”، حصار المائة يوم الذي فرضه السلطان المغربي سيدي محمد بن عبد الله، على مدينة مليلية بين عامي 1774 و1775، وعلاقته بالخناق الاقتصادي الذي يحاول المغرب فرضه في السنوات الأخيرة، على الثغرين.

وقال إيشيفيريا، إن السلطان المغربي، شن في الـ 9 من دجنبر من سنة 1774، هجوماً على مدينة مليلية، حيث جمع جيشاً مكوناً من 40 ألف رجل، بهدف استرجاع الثغرين المحتلين في شمال المملكة، علماً أن محمد الثالث، سبق له قبل ذلك بوقت قصير، بأن أخبر كارلوس الثالث، ملك إسبانيا في تلك الفترة، بأنه “عبد للالتزام الديني” بإنهاء الاحتلال.

وأوضح، أن سيدي محمد بن عبد الله (محمد الثالث)، قال لنظيره الإسباني، إنه مستعد للالتزام بشروط معاهدة السلام الدائم التي وقعت بين البلدين في سنة 1768، غير أنه يشعر بأنه “عبد للالتزام الديني” بطرد الاحتلال المسيحي من مدينتي سبتة ومليلية، اللتين أكد أنهما تابعان للمملكة الشريفة.

وتابع الأكاديمي الإسباني في تقريره، أنه منذ الاحتلال الإيبيري لمليلية سنة 1497، كانت هناك سلسلة من الهجمات من قبل المغرب، والتي وصلت إلى أوجها بعد وصول العلويين إلى السلطة في نهاية القرن السابع عشر، لكن جميعهاً، لم تصل إلى مستوى الهجوم الذي نفذه محمد الثالث على مليلية.

وحسب المقال نفسه، فإن السلطان المغربي، تمكن خلال المائة يوم من حصار غير مسبوق على مدينة مليلية، التي كان يدافع عنها، وفق المصدر، 700 جنديا فقط، “قبل أن تصل التعزيزات بعد فترة وجيزة من شبه الجزيرة الإيبيرية، بقيادة المارشال جون شيرلوك، الذي أرسله ملك إسبانيا”.

وقال مدير مرصد سبتة ومليلية، في مقاله التحليلي المنشور بصحيفة “إلموندو”، إن “المقاومة البطولية للإسبان، والتي خسروا خلالها 117 قتيلاً، مع إصابة أكثر من 500 شخصا، خلفت إرثا رئيسيا يتمثل في أن مليلية لم تشهد حصارا آخر، وهو ما كان له بلا شك تأثير رادع في المستقبل”.

وأردف المصدر، أن الصحافي إغناسيو سيمبريرو، يتفق على أن المغرب بقيادة الملك محمد السادس، نفذ منذ سنة 2018، “استراتيجية الخنق الاقتصادي” للمدينتين، وخاصة مليلية، التي عرفت إغلاق مكتب الجمارك في تلك السنة، بعد أكثر من قرن ونصف على افتتاحه، دون أن تحتج الحكومة الإسبانية.

واعتبر الصحفي، وفق المقال التحليلي نفسه، أن مليلية، دافعت عن نفسها خلال الحصار الذي فضه السلطان محمد الثالث، بكل الوسائل التاحة، غير أنها اليوم لا تدافع عن نفسها، مؤكداً أنه “لا أتحدث عن الوسائل العسكرية، بل على العكس، هناك أساليب أخرى لم تتمكن الحكومة المركزية والمدينة المستقلة، من استخدامها للدفاع”.

وعدد سيمبريرو، الإجراءات التي كان من الممكن أن تتخذها الحكومة المركزية في مدريد، أو المحلية في مليلية أو سبتة، ضد ما أسماه بـ”الحصار المغربي”، من ضمنها، الإبلاغ عن الأمر لدى المفوضية الأوروبية، والتحرك أمام القضاء ضد الرباط، منبهاً إلى أن “هذا الطريق، ورغم أنه كان سيكون طويلاً، إلا أنه كان لينجح”، حسبه.

وذكّر رئيس مرصد سبتة ومليلية، في مقاله التحليلي على “إلموندو”، بأنه سبق له أن أشار إلى أن المدينتين، “جزء من الأراضي الإسبانية في شمال إفريقيا، وبالتالي جزء من الاتحاد الأوروبي”، وهو ما يعني أن “الضغوط المغربية عليها، غير مقبولة في نظر القانون الدولي”.

هذا، واعتبر إيشيفيريا، أنه “لكي تتمكن الحكومة من جذب انتباه والتزام الدول الأخرى في الاتحاد الأوروبي، يتعين عليها أن تثبت أن لديها أفكاراً واضحة للغاية وأنها مهتمة للغاية بمستقبل هذا الجزء من إسبانيا”، متابعاً: “هناك الكثير من العمل التعليمي الذي يجب القيام به في الداخل أولاً”.

وفي هذا الصدد، نبه إيشيفيريا، إلى أن “المغرب يقوم بدوره ويحاول إقناع الجميع بأن الوضع في سبتة ومليلة غير طبيعي، وأنه لا يوجد سبب لوجود أراضٍ إسبانية على الجانب الآخر من المضيق عندما يُفترض أن كل شيء يجب أن يكون أرضاً مغربية”.

وأكد الباحث نفسه، أن “لهذه المناورات، للأسف الشديد، صدى لدى بعض الدوائر من مواطنينا الذين يرون فرصة سانحة في ظل تحول المغرب إلى تنين اقتصادي في المنطقة. وللاستفادة من ذلك، فإن قضايا مثل سبتة ومليلية أو حتى الصحراء الغربية، من الأفضل أن تكون هامشية أو حتى غير موجودة”.

ونبه أيضا، إلى أنه “بالإضافة إلى الدعاية، فإن المغرب يملك أدوات أخرى للضغط على المدن المستقلة، مثل الهجرة غير الشرعية، أو تهريب المخدرات، أو التطرف “الجهادي””، مؤكداً على أنه “يتعين علينا أن نجعل الإسبان وجميع الأوروبيين يفهمون أن “سبتة ومليلة مهمتان مثل أمستردام أو دبلن أو مدريد، أي أنهما أرض إسبانية ومجتمعية”.

وأوضح التقرير الإسباني، أن إغلاق المغرب لمعابر سبتة ومليلية في مارس 2020، بسبب تفشي جائحة “كورونا”، تسبب في إلحاق أضرار جسيمة بسكان المدينتين، وكذلك بالعمال والناقلين عبر الحدود، وهو ما قال عنه سيمبريرو، إن “وصول التجارة مع سبتة (التهريب المعيشي) لـ 700 مليون يورو سنويا، لا يمكن تحقيقه بين عشية وضحاها”.

ويعتقد إيشيفيريا، أن إسبانيا، “تخلت تاريخيا عن مدينتيها في شمال إفريقيا منذ الفترة الانتقالية (بين 1975 و1980، بغض النظر عن الحكومة الموجودة في السلطة”، مؤكداً أن سبتة ومليلية، ليس لديها خيار سوى “إعادة اختراع نفسها، عبر النظر شمالاً”، أي نحو القارة الأوروبية.

واسترسل الأكاديمي الذي يحاول شرعنة احتلال سبتة ومليلية، من خلال تبني القوى الاستعمارية، أنه “رغم الصعوبات وحقيقة أن المحيط المغربي مليء بالفخاخ والعقبات، فإنه لا ينبغي لنا أن نستلسم، لأن هاتين المدينتين إسبانيتان بالكامل، ولديهما العديد من فرص النمو، ويجب أن تتفاعلا بشكل أكبر مع بقية شبه الجزيرة ومع الاتحاد الأوروبي”.

وخلص مدير مرصد سبتة ومليلية، إلى أنه بعد 250 سنة من حصار السلطان محمد الثالث لمليلية، ظل المغرب منذ استقلاله، بلدا غير مريح بالنسبة لجيرانه، حسب زعمه، وذلك لأنه يطالب بأراضيه التاريخية التي منحتها فرنسا للجزائر (الصحراء الشرقية)، ولم يعترف بموريتانيا لسنوات (لأنها كانت بالفعل جزءاً من أراضيه)، لأنه مثل سبتة ومليلية، كان يعتبرها جزءاً من مناطق نفوذه.

Share
  • Link copied
المقال التالي