ظلت مدارس الدعم والمراجعة في المغرب مغلقة لما يزيد عن 6 أشهر، وخلال هذه المدة كان الأساتذة أصحاب المدارس يتعاملون مع التلاميذ والطلبة بطريقة غير مباشرة، فمنهم من عقد جلسات رقمية جماعية للتعليم عن بعد، ومنهم من اختار التواصل مع تلاميذه بشكل فردي، ولكن بالرغم من كل هذه الطرق البديلة، إلا أن الأساتذة أصحاب مؤسسات تقديم دروس المراجعة والحصص الإضافية، ظلوا يؤكدون بأن التدريس داخل القاعات، تبقى أنجع الوسائل.
رشيد أستاذ مادة الرياضيات المتخصص في تدريس مستويات السلك الثانوي، أعاد فتح مدرسته منذ أيام قليلة، بشكل متردد، بسبب تخوفه من استقبال عدد كبير من الأفراد في مكان مغلق، رغم اقتناعه التام بكل التدابير الاحترازية التي أقرتها الجهات المختصة، وبنتائجها الوقائية الإيجابية ضد فيروس كوفيد 19، ما جعله يعتمد العمل بالتناوب إلى جانب أساتذة المواد الأخرى، كما قام بتقسيم المستفيدين من خدمات المؤسسة إلى مجموعات لا تزيد عن 10 أشخاص في الفصل الواحد.
الأيام الأولى من العمل بعد إغلاق دام لأشهر مرت بصعوبة، فالشك يتملك الكل ولا أحد يستبعد إصابته بفيروس كورونا بشكل مطلق، ولم يجد رشيد سبيلا آخر غير الالتزام الكامل بالإجراءات الوقائية التي توصي بها وزارة الصحة، فبالنسبة له، اكتشاف حالة إصابة واحدة محتملة من شأنه أن يؤدي إلى إغلاق مركزه مجددا، وهو ما لا تستحمله الأوضاع الاقتصادية للمؤسسة، فالحجر الصحي والإغلاق الذي استمر بعده، قلص مداخيل رشيد بشكل لم يتصوره قط.
التلاميذ من جهتهم يتوافدون على مؤسسة رشيد بحذر بالغ، فمن جهة يجدون أنفسهم في حاجة ماسة إلى الحصص الإضافية نظرا لخفض الساعات الحضورية داخل المدارس خاصة والعمومية، ومن جهة أخرى ما زال يعتريهم الخوف بشكل مشترك مع أولياء أمورهم من خطر الإصابة بالفيروس، وبالتالي فالحل الأمثل هو عدم التهاون بتاتا والاستمرار في ارتداء الكمامة واحترام التباعد الاجتماعي بالإضافة إلى التعقيم.
داخل فضاءات المركز الخاص بالأستاذ رشيد لدروس الدعم، يحرص هذا الأخير على تعقيم القاعات فور انتهاء كل حصة وقبل أخرى، كما يقوم بقياس درجة حرارة التلاميذ قبل دخولهم المؤسسة، أما مواد التعقيم فيوفرها في كل مكان، فرشيد يؤمن بأنه بهذه الطريقة لا يحمي التلاميذ فقط، بل نفسه أيضا، والهاجس الأكبر لديه حاليا، هو أن يصاب بفيروس كورونا، ويضطر إلى إغلاق مدرسته مجددا، لهذا يحرص على توعية التلاميذ بخطورة الجائحة التي تعرفها البلاد، وبسبل الحد من تفشيها معتبرا ذلك واجبا وطنيا.
الأمل الوحيد المتبقي لدى أصحاب مدارس الدعم والمراجعة هو تحسن الحالة الوبائية ببلادنا، واكتشاف لقاح فعال في أسرع وقت ممكن، فقد عانت هذه الفئة من تداعيات الجائحة كباقي المرافق وحتى أكثر منها، ففي الوقت الذي عادت المقاهي والمطاعم ومجموعة من المشاريع إلى العمل، ظلت مدارس الدعم مغلقة لارتباطها بقطاع التعليم، ما فاقم من خسائرها وجعل بعضها يعلن الإفلاس، وهو الأمر الذي يسعى الأستاذ رشيد وزملاؤه إلى تجنبه.
تعليقات الزوار ( 0 )