شارك المقال
  • تم النسخ

مخاطر انهيار اتفاق المصالحة في مالي تثير مخاوف الجزائر من تهديدات الجنوب

تثير حالة الاستقطاب المستجدة بين القيادة العسكرية في باماكو والفصائل المسلحة في الشمال المالي مخاوف الجزائر من أي انفلات أمني يهدد اتفاق المصالحة الذي تديره منذ ثماني سنوات. وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أشاد في تقرير أرسله إلى مجلس الأمن بما وصفه بـ”الالتزام الشخصي للرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون بترقية السلم والاستقرار في جمهورية مالي”، في تلميح إلى تمسك الجزائر والمجموعة الدولية بخارطة الطريق التي أفرزها اتفاق السلم والمصالحة الوطنية المبرم العام 2015.

وذكر غوتيريش في هذا الشأن بأن “الرئيس الجزائري استقبل تباعا في يناير وفبراير الماضيين وفودا تمثل جميع الأطراف المالية الموقعة على اتفاق الجزائر، والمتمثلة في الحكومة والحركات السياسية العسكرية”. ولفت الأمين العام للأمم المتحدة إلى “الانخراط المباشر للرئيس تبون في الجهود الرامية إلى تفعيل مسار تنفيذ اتفاق السلم والمصالحة في مالي المنبثق عن مسار الجزائر”. ولفت المتحدث، بحسب ما أوردته الوكالة الرسمية الجزائرية، إلى أنه في ظل هذه التطورات تضطلع الجزائر بدور مزدوج باعتبارها قائدة للوساطة الدولية ورئيسة لجنة متابعة الاتفاق.

وأبرز بأن مبادرة الجزائر جاءت لتجاوز المأزق الحالي الذي تعرفه عملية تنفيذ الاتفاق الذي يظل أفضل أداة لتعزيز السلم والمصالحة المستداميْن في مالي. ويأتي تقرير الأمين العام للأمم المتحدة الموجه لأعضاء مجلس الأمن المرتقب أن يجتمع في الثاني عشر من أبريل الجاري تحت رئاسة روسيا، لدراسة ملف الأزمة المالية، كما يعتبر رسالة إشادة بالدور الجزائري، رغم ما يعتريه من عراقيل بسبب تضارب مصالح أطراف الصراع والتغيرات المستجدة علي أرض الميدان.

وبالإضافة إلى التطورات المتعلقة بالانتقال السياسي في البلاد وإعادة الهيكلة الجارية لبعثة “مينوسما”، فإن اهتمام أعضاء المجلس سينصب على الأرجح على الصعوبات الراهنة التي تواجه تنفيذ اتفاق الجزائر. ويشكل هذا الوضع مصدر قلق عميق للمجتمع الدولي الذي يشجع الأطراف المالية على التمسك بروح وحيوية اتفاق الجزائر الذي يبقى الهدف الأساسي منه هو توفير شروط السلم والأمن والازدهار في مالي.

وتعد الجزائر المتضرر الأول من الأزمة السياسية والأمنية في مالي، فإلى جانب نحو 700 كيلومتر من الحدود البرية المشتركة، هناك علاقات اجتماعية وأسرية بين القبائل الحدودية، ومجموعات إرهابية تستفيد من التضاريس الصعبة ومن أي انفلات أمني في المنطقة. وكان متمردون سابقون اتهموا المجلس العسكري الحاكم في مالي بممارسات وصفوها بـ”الاستفزازية”، بسبب ما قالوا إنه “تحليق مقاتلات فوق أربع قواعد لهم، وسط مخاوف من تجدد الأعمال العدائية”.

واتّهمت “تنسيقية حركات الأزواد”، وهي تحالف يسيطر عليه الطوارق، المجلس العسكري الحاكم بإطلاق مقاتلات للتحليق فوق مدينة كيدال الإستراتيجية والقواعد المحيطة على ارتفاعات استفزازية متعمّدة، وذلك في ذروة توترات على صلة بتوقف عملية السلام.

وتقع منطقة كيدال تحت سيطرة “تنسيقية حركات الأزواد”، وهي تحالف من الطوارق وقوميين عرب من شمال مالي المتمرد على السلطة المركزية تأسس في 2014 ثم وقع في الجزائر اتفاق سلام مع باماكو في 2015، لكن الاتفاق بصدد الانهيار بسبب الخلافات القائمة بين الفصائل المتمردة والقيادة السياسية في باماكو.

وجاء إعلان التنسيقية عشية الذكرى السنوية الـ11 لإعلان المتمردين الاستقلال بعد سيطرتهم على بلدات كبرى في الشمال، ووصف الواقعة بـ”المؤسفة” وأنها تشكل “انتهاكا صريحا” لوقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه في العام 2014 و”استفزازا خطيرا”، لكن السلطة العسكرية الحاكمة في مالي لم يصدر عنها أي تعقيب.

وتسيطر التنسيقية على مساحات شاسعة في الشمال على الحدود مع الجزائر، وباتت تشكل مصدر إزعاج للمجلس العسكري الذي جعل السيادة شعارا له، عكس القيادات السابقة التي لم تكن تحرج من وضعية الإقليم وقرب قيادته من الجزائر.

وفي ديسمبر الماضي أعلنت التنسيقية المذكورة عن تعليق مشاركتها في آليات تنفيذ اتفاق السلام، وكذلك كل المجموعات المسلحة الموقعة تقريبا، بحجة أن المجلس العسكري الحاكم “ما زال يفتقر إلى الإرادة السياسية”. وقررت التنسيقية في يناير الماضي الانسحاب من اللجنة المكلفة بإنجاز مسودة دستور جديد، وهو ما يسعى وسطاء دوليون، خصوصا الجزائر، لتجاوزه والذهاب بوثيقة إلى مجلس الأمن بغية تكريس جهود المجموعة الدولية لتنفيذ اتفاق الجزائر المبرم عام 2015.

(العرب)

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي