بعد سنة من انطلاقته، وعلى الرغم من اعتباره واحداً من أهم التخصصات في كلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك، وشعبة الجغرافيا على الصعيد الوطني، نظرا لراهنيته، إلا أن ماستر “تدبير الأخطار وحكامة الموارد المائية”، أغلق سريعاً في موسم 2023/2024، وسط اتهامات بوجود “فئة” ساهمت في هذا الأمر.
الرسائل العديدة التي وجهها منسق الماستر، الدكتور محمد سرتو، إلى عدد من الجهات، على رأسها وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، عبد اللطيف ميراوي، لم تغير من واقع الأمر شيئاً، بحيث “أُجهض الماستر” مباشرة بعد ولادته، ليحل محله ماستر آخر، يحمل اسم “الجيوماتية والتنمية المستدامة”، وبأطقم جديدة، وأيضا باعتماد جديد.
في هذا الصدد، أجرت جريدة “بناصا”، حواراً مع الدكتور محمد سرتو، منسق “الماستر المُجهض”، حيث يكشف فيه تفاصيل ووقائع ما حدث، وكيف أدت “الحزازات السياسية” و”الحسابات الشخصية”، إلى وأد “المولود العلمي الجديد”، الذي كان يُنتظر منه الكثير، في ظل ارتباطه الوثيق بالتحديات التي يواجهها المغرب، وهو ما يبرز، بعضاً من الجوانب التي تعرقل البحث العلمي في المملكة.
س: باعتبارك كنت مشرفا على ماستر تدبير المخاطر وحكامة الموارد المائية، ما هو تقييمك لهذه التجربة؟ ولماذا لم يستمر رغم أهمية موضوعه؟
ج: الماستر جاء استجابة للتعليمات المولوية السامية، الرامية إلى ضرورة ترشيد استعمال الموارد المائية في ظل التقلبات المناخية الراهنة وما صاحبها من جفاف أثر سلبا على اقتصاد المملكة المغربية، ونظرا لأهمية هذا الماستر وراهنيته فقد لاقى إقبالاً ونجاحا كبيرين من طرف الطلبة والباحثين، إلا أن “أعداء النجاح” عملوا كل ما في وسعهم بمعية جنود خفاء، وأصدروا قرارا بتوقيف الماستر لسنة واحدة بدعوى التمكن من حسن تدبير هذا الماستر، وكذلك بدعوى ضعف الموارد البشرية، ولكن هؤلاء الأساتذة في السنة نفسها، نجدهم يطلبون اعتمادا لماستر جديد. والحقيقة هو أن الماستر حينما ينطلق لا يمكن توقيفه إلا في شعبة الجغرافيا بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك.
كاتبت السيد ميراوي وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، عدة مرات في الموضوع، عبر البريد وعبر الواتساب، إلا أني لم أتوصل منه بأي جواب. ولمَّا كثر اللّغط من عدد من الجهات حول هذا الأمر، راسل السيد الوزير عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية مستفسرا إياه عن هذه النازلة، فكان الجواب بأن ما لا يقل عن ستة أساتذة أحيلوا على التقاعد، وهذا غير صحيح، فقد تقاعد أستاذان وتم توظيف أربعة أساتذة.
وقد كنت وراء طرح سؤال في قبة البرلمان عن السبب وراء توقيف هذا الماستر، فكان جواب السيد الوزير بأنه سمح لي بإعادة فتحه في السنة الموالية، وهذا غير ممكن لأن هناك مستجدات جاءت من وزارة التعليم العالي تفرض شروطا جديدة… وبذلك نجح هؤلاء الأشخاص في إقبار هذا الماستر الفريد من نوعه، وبالمقابل تم فتح ماستر جديد لكن دون قيد أو شرط مثل ما فرض علي.
س: ما هي المشاكل التي تعرفها شعبة الجغرافية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك؟
ج: هناك طالبة كانت مسجلة في ماستر تدبير الأخطار وحكامة الموار المائية، وهي تحظى بعناية خاصة من مدير مختبر التغيرات البئية وإعداد التراب، في إحدى المرات سألها طالب من إحدى المدن المغربية عن كيفية الولوج إلى هذا الماستر، فأجابت بتغريدة وقحة تقول فيها: “ما كاين غير باك صاحبي”.
قمت بشكاية موجهة إلى السيد العميد أدعوه فيها لأن تمتثل هذه الطالبة أمام لجنة تأديبية، وذلك في شهر يونيو 2023، إلا أنها بقدَرِ الواحد القهّار، لم تُقدّم أمام هذه اللجة لحد الآن. والغريب هو أن مدير المختبر المذكور، أبعد هذه الطالبة عن اللجنة التأديبية، وأقحم طالبة أخرى معها وهي أستاذة لمادة علوم الحياة والأرض، وقد كانت بمثابة قيمة مضافة لهذا الماستر، إذ ساعدتنا في إحضار الحافلة لإنجاز خرجات علمية للميدان، نظرا لعلاقاتها مع بعض المسؤولين الجماعيين كل هذا كان يغيضه كثيرا.
شعبة الجغرافيا في كلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك تعاني من عدة مشاكل، أهمها الحيف ضد بعض الأساتذة مثلي، فأنا الأستاذ الوحيد الذي ظل مهمشا لعقدين من الزمن: لم أشارك يوما في مباريات التوظيف، أو في اختيار الطلبة الذين يسجلون في سلك الدكتوراة.
س: سبق لك توجيه رسائل للوزير بخصوص الأمر، هل هناك أي تفاعل؟ في حال كان ما هو أو كيف كان، وفي حال لم يكن، لماذا في نظرك؟
ج: توجهت بعدة رسائل إلى السيد الوزير ، إلا أن الجميع استعمل أسلوب التغاضي حتي لا أظهر في موضع القوة والفوز على الأقل المعنوي، وإن لم يكن مادي وإداري.
وفي وقت كنت فيه في غيبوبة في الديار الفرنسية أصارع الموت- فُرض من داخل الشعبة، من طرف مدير المختبر، على طالبين مجدين مسجلين معي في السنة الثالثة والرابعة في سلك الدكتوراة، (فُرض) عليهما بكتابة إشهاد كاذب يقولون فيه بأني أخذت منهم قدرا ماليا كرشوة، وفعلا وبأمر من إدارة الكلية تم استدعائي للامتثال أمام هذه اللجنة العلمية يوم الخميس 19 شتنبر 2024 بمقر الكلية، وبعد أن أدليت بالوثائق التي تثبت براءتي وبأن هذا القسط المالي صرف في واجبات التسجيل في مؤتمر بإسطنبول، ونزاهة هذه اللجنة العلمية أكدت براءتي التامة. إلا أن الإدارة رفضت مدي بنسخة من قرار اللجنة لأغراض لا أعلمها رغم مكاتبتي السيد العميد في الأمر.
لم يتوقف مدير المختبر، الذي لم يفتر يوما عن الإساءة لزملائه والكيد لهم، فقدم طعنا في قرار هذه اللجنة لا لشيء إلا لأنها أنصفتني، ولما سألته لماذا طعنت في القرار، أجابني بكل وقاحة: “أنا لم أطعن في القرار ولكني طعنت في اللجنة العلمية”. من يكون هذا الأستاذ؟ ومن يكمن وراءه لارتكاب مثل هذا الأفعال دون خوف أو حياء. وأنا أؤكد أنه لا يقوم بهذه الأفعال من تلقاء نفسه بل هناك لا محالة من يتستر عليه.
س: ماهي الرسائل التي توجهها للجهات المعنية بخصوص الماستر أولا، وأيضا بخصوص مشاكل الشعبة والكلية؟
ج: رسالتي لكل الساهرين على البحث العلمي، أن هناك بعض الأشخاص يقضون أوقاتاً في الكلية لا يدرسون، ويأتون بطلبة من خارج الكلية لينوبوا عنهم في تدريس موادهم، لذلك يجب الضرب على أيديهم ومعاقبتهم طبقا للقوانين المعمول بها، أو أن يبعدوهم عن البحث العلمي لأنهم يسيئون إليه أكثر مما يحسنون له.
س: في نظرك، كيف يمكن الرقي بالبحث العلمي في مجال تدبير الأخطار وحكامة الموارد المائية، باعتبارهما من أهم المواضيع، التي تندرج ضمنها أكبر التحديات التي تواجه المغرب؟
ج: نحن تبعا للتعليمات السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، للاعتناء بالموارد المائية والحفاظ عليها وذلك بإيجاد سبل ناجحة لترشيد استعمالها، وكذلك تبعا لما عاشته المملكة المغربية من أخطار: زلازل، فياضانات، جفاف… يجب علينا أن لا نفتر في البحث عن السبل الأنجع لمكافحة هذه الظواهر، وإيجاد طرق للتأقلم معها والبحث عن السبل الاستباقية لتفدي كل الكوارث.
تعليقات الزوار ( 0 )