نعيش في كل ثلاث سنوات، استحقاقات انتخابية لتجديد مجالس الهيئات نقيباً و أعضاءً، عملا بمقتضيات القانون 28.08 المنظم لمهنة المحاماة، حسب ما نصت عليه المادة 84: “… ينتخب كل من النقيب و مجلس الهيئة لمدة ثلاث سنوات ” و المادة 85″… تجرى انتخابات النقيب و مجلس الهيئة خلال شهر ديسمبر…” بالاضافة إلى ما نصت عليه المواد 86-87-88-89و90 من هذا القانون، كما يحدد النظام الداخلي لكل هيئة تفاصيل تنظيمية أخرى لهذا الإقتراع، و الذي نطمح في المستقبل إلى توحيده على صعيد كل الهيئات إلى جانب إحداث مدونة للسلوك المهني و الأخلاقيات.
إذن بتاريخ 17 دجنبر من هذه السنة سيكون لنا موعد مع هذه الاستحقاقات على صعيد جميع الهيئات، و هو حدث وطني هام خصوصا في المشهد القضائي، لما لمهنة المحاماة من مكانة على اعتبارها الجناح الثاني للعدالة، إنه كذلك تمرين ديمقراطي يدفعنا إلى الإختيار، إختيار بين ثلة من الزميلات و الزملاء آنسوا في أنفسهم أو آنس فيهم آخرون القدرة و الكفاءة لتقلد منصب المسؤولية لفترة معينة من الحياة المهنية، قصد خدمة الجمعية العمومية و خدمة مهنة المحاماة.
هذا التمرين الإنتخابي يبقى من أسمى التعابير الإنسانية في إطار الديمقراطية التمثيلية و لا يمكننا إلا الحفاظ على هذا السمو الفكري الذي يميز المجتمعات الحضارية المتقدمة عن غيرها، فأحرى أن يكون الأمر يتعلق بنساء و رجال مهنة المحاماة المدافعون عن الحقوق و الحريات. فلا يجب أن نحيد عن هذه القيم في حملاتنا الإنتخابية، لكون هذه العملية يجب أن يسودها الاحترام و الرقي بين الجميع، مرشحين و ناخبين، حفاظا على أواصر الزمالة بعد ذلك.
كمجتمع مصغر مهني، وجب إعطاء القدوة، للمجتمع المغربي عموما، في تدبير الاختلاف و في تنظيم يوم الاقتراع، رغم الجائحة، بشكل راق و كذا بمشاركة مكثفة لإخراج نقيب و مجلس قويين في مستوى التطلعات و التحديات الراهنة فاختيارنا اليوم، وجب وضعه في سياقه العام، في ظل سلطة قضائية تقوت و تقدمت على الواجهة السياسية و أمام نيابة عامة تهيكلت و استفردت بسلطة الاتهام، و اعتبرت نفسها الناطق الرسمي باسم المواطن و المجتمع، و في ظل تحديات الرقمنة و تحديث وسائل العمل و التواصل مع البحث للمحامين عن آفاق جديدة للاشتغال خصوصا مع تسارع و تطور عالم الخدمات و سهولة الولوج للمعلومة، داخل هذا المشهد الجديد وجب علينا أن تكون لنا مؤسسات حديثة و حداثية قادرة على التنافسية في ابراز دورالمحاماة الحقيقي، التاريخي و الأصيل في المجتمع كمدافع عن الحقوق و الحريات و عن الأفراد و الجماعات، مواطنين و مؤسسات.
أدوار الهيئات المنتخبة أضحت كثيرة و متعددة إدارية و مالية، تدبيرية و تسييرية، علمية تأطيرية و تكوينية… و حتى استثمارية و تجارية لما فيه رخاء المحامي و المحامية و هنا تكمن أهمية الصوت الانتخابي اليوم الذي من شأنه تزكية الشخص المناسب و إعطاءه السلطة بمعية فريقه، لتنزيل و تنفيذ انتظارات الساحة المهنية بتنوعاتها و تلويناتها.
المشاركة المكثفة و محاربة العزوف مع اختيار صائب و رصين مسألتان حاسمتان في معادلة الفوز، فوز مهنة المحاماة بطبيعة الحال و فوز للمواطن و لحقه في دفاع في المستوى من الكفاءة و الجدية و النزاهة، لأن في ذلك تحقيق لمبدأ الولوج المستنير للعدالة الذي ما فتئت تنادي به كل المنابر الرسمية و الغير رسمية من المجتمع المدني.
محامي، نائب رئيس جمعية المحامين الشباب بالدار البيضاء
تعليقات الزوار ( 0 )