شارك المقال
  • تم النسخ

محسن الجعفري يكتب.. أزمة إنتاج “زيت العود” وإشكالية الأمن الغذائي مؤشر فشل السياسة العمومية في القطاع الفلاحي

ما نبه له جلالة الملك في خطاب 8 أكتوبر 2021 يبدو أننا نعيشه اليوم بكل تفاصيله حيث لم تستوعب الحكومة والفاعلون الإقتصاديون الإشارة الملكية إلى ضرورة وضع منظومة تحقق الأمن الغذائي والطاقي عبر مخزون إستراتيجي للمواد الأساسية.

تجليات ذلك ستبدو واضحة خلال هذه السنة فرغم السياسات العمومية في مجال الفلاحة فإننا اليوم نعيش في الأسواق أحلك الأيام حيث بلغ سعر اللحوم مستويات قياسية تعود بنا إلى زمن “بوهيوف” كما يسميه أهل الشاوية ورديغة حيث أصبح تناول اللحوم مقرونا بموعد السوق الأسبوعي لمن إستطاع إليه سبيلا. أما اليوم فالأمر لم يعد يخص اللحوم الحمراء التي تجاوزت سعر 120 درهم في لحم البقر و بلغت 150 درهم في لحم الخروف بل تجاوزه إلى بلوغ سعر الدجاج الأبيض 30 درهم حيا وهو سعر قياسي لا تتحمله جيوب من يتقاضون 3000 درهم و 4000 من الطبقات الضعيفة فما بالك بطالب معاشو والمواقفية الذين لا يمتلكون دخلا قارا ولا ينعمون بالحد الأدنى من الإستقلالية المالية.

أما الإشكال الكبير الذي لا تتحدث عنه الحكومة ولا الفاعلون وربما سيكون كارثيا على طبقات واسعة من المواطنين بما فيهم الطبقة المتوسطة فهو لهيب أسعار زيت الزيتون أو كما يسميه المغاربة “زيت العود” حيث تنذر الأصداء القادمة بسنة كارثية من حيث الإنتاج وعدم توازن العرض والطلب لعدة إعتبارات مرتبطة بنذرة المياه و إرتفاع الحرارة الذي أدى إلى حالة ضغط جعلت الأشجار تفقد قدرتها الإنتاجية وفشل عملية الإزهار التي تعتبر مرحلة مهمة في دورة إنتاج حبة الزيتون. هذا ما جعل سعر القنطار قبل عملية الجني يتراوح بين 2000 و 2500 درهم أي أن سعر اللتر الواحد سيتجاوز 150 درهم وقد يبلغ 220 درهم حسب النوعية والمنطقة أهي سقوية أم بورية.

إن هذه الوضعية تستوجب تحرك مستعجلا للقطاعات الحكومية التي يبدو أنها في عطلة و كما عودتنا سيكون تفاعلها آني ولحظي يفتقد للإستباقية كما وقع خلال أزمة عيد الأضحى، إن إرتفاع سعر هذه المادة التي تعتبر الوقود الغذائي لكل الفئات الإجتماعية سيكون له مخلفات على الوضع الإجتماعي وحتى الصحي ما يعجل إستحضار توصيات جلالة الملك خلال خطابه في 2021 والعمل على وضع مقاربات تعالج إشكالية العرض والطلب وهو ما عبر عنه المندوب السامي للتخطيط وحذر منه إبان ربط الحكومة موجة التضخم بعوامل خارجية بيد أن هذا التضخم ناتج عن خلل في بنيات الإنتاج الفلاحي والصناعي وحتى الخدماتي ( ما وقع في موسم العطلة انموذجا) و هو ما يؤشر على فشل تراكمي في السياسات العمومية المتبعة على الخصوص في القطاع الفلاحي.

فلما لا التفكير في خلق وكالة لتطوير الإنتاج الفلاحي بشراكة مع المكتب الشريف للفوسفاط OCP الذي نجح في تدبير حاجياته من المياه عبر pipeline و محطة التحلية بالجرف الأصفر و كذلك عبر سياسة برنامج “المثمر ” ودور جامعة محمد السادس المتعددة التخصصات في تطوير مختبرات البحث الزراعي وتطوير تقنيات الإنتاج بدل النموذج المتبع من طرف وزارة الفلاحة التي تفتقد الحوكمة والفعالية المطلوبة في مواجهة الإكراهات والإشكاليات المطروحة.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي