شارك المقال
  • تم النسخ

محجوب البرش السباعي يكتب.. محمد السادس: ثنائية الإصلاحات السياسة والاختراقات الديبلوماسية

بعد مرور ربع قرن (25 سنة) على توليه العرش، أصبح جلالة الملك محمد السادس رمزاً للنهضة والتغيير في المغرب. منذ اعتلائه العرش في عام 1999، شهد المغرب تحولات كبيرة شملت الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية. في هذا المقال، نستعرض أبرز معالم فترة حكم محمد السادس ونلقي الضوء على الإنجازات والتحديات التي واجهها المغرب خلال هذه الفترة.

منذ بداية حكمه، تبنى جلالة الملك محمد السادس نهجاً إصلاحياً يستهدف تعزيز الديمقراطية وتوسيع دائرة المشاركة السياسية. في عام 2011، أُجري استفتاء على تعديل الدستور، وهو التعديل الذي منح البرلمان والحكومة صلاحيات أكبر، مع تعزيز دور القضاء المستقل. هذه الخطوة كانت بمثابة رد مباشر على مطالب حراك 20 فبرايرالذي شهدته المملكة، حيث تم فتح المجال لمزيد من الحرية والتعبير والمشاركة السياسية.

اقتصادياً، شهد المغرب تحت قيادة الملك محمد السادس نمواً ملحوظاً وتنوعاً في مصادر الدخل. تبنت الحكومة سلسلة من البرامج والمبادرات لتعزيز البنية التحتية، مثل إنشاء موانئ جديدة، وتطوير الشبكة الطرقية، وتوسيع شبكة السكك الحديدية بما في ذلك مشروع القطار فائق السرعة “البُراق”. بالإضافة إلى ذلك، أطلقت المملكة مبادرات لتعزيز الطاقات المتجددة، مثل مشاريع الطاقة الشمسية “نور” و الطاقة الريحية بالصحراء، التي تعد من أكبر المشاريع في العالم.

كما سعى الملك محمد السادس لجذب الاستثمارات الأجنبية من خلال تحسين مناخ الأعمال وتقديم حوافز للمستثمرين. هذه الجهود أسفرت عن نمو قطاع السياحة، وزيادة فرص العمل، وتحسن مستوى معيشة العديد من المواطنين.

رغم التقدم الملحوظ، لا يزال المغرب يواجه تحديات اجتماعية كبيرة. معدلات البطالة لا تزال مرتفعة، خاصة بين الشباب، ومشاكل الفقر والتهميش لا تزال قائمة في بعض المناطق الريفية والحضرية. استجابةً لهذه التحديات، أطلق الملك محمد السادس المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وهي مبادرة تهدف إلى تقليص الفوارق الاجتماعية وتعزيز الإدماج الاجتماعي.

على صعيد السياسة الخارجية، عزز الملك محمد السادس من دور المغرب كفاعل رئيسي في المنطقة الإفريقية والعالم العربي. قام بتطوير علاقات استراتيجية مع الاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة، والدول الخليجية، بالإضافة إلى تعزيز التعاون مع الدول الإفريقية من خلال العودة إلى الاتحاد الإفريقي في 2017. كما استمر في الدفع نحو إيجاد حل لقضية الصحراء المغربية، مع التركيز على التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الأقاليم الجنوبية.

منذ توليه العرش، جعل الملك محمد السادس قضية الصحراء المغربية على رأس أولويات السياسة الوطنية والدولية. أكد الملك على تمسك المغرب بسيادته على الصحراء، مشدداً على ضرورة التوصل إلى حل سياسي دائم قائم على مبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية. عمل محمد السادس على تعزيز التنمية في الأقاليم الجنوبية من خلال مشاريع تنموية كبيرة، مما أسهم في تحسين البنية التحتية وتعزيز فرص العمل في هذه المناطق.

في إطار استراتيجياته لتعزيز السيادة على الصحراء المغربية، قاد الملك محمد السادس جهود المغرب للعودة إلى الاتحاد الإفريقي في 2017، بعد غياب دام 33 عاماً. هذه العودة كانت خطوة استراتيجية لتعزيز موقف المغرب داخل القارة الإفريقية وتوسيع قاعدة الدعم السياسي لقضية الصحراء. بالإضافة إلى ذلك، شهدت مدينة العيون، كبرى مدن الصحراء، افتتاح العديد من القنصليات الأجنبية من دول إفريقية وعربية، وهو ما يُعد اعترافاً صريحا بسيادة المغرب على المنطقة ودعماً لموقفه الدبلوماسي.

شهدت فترة حكم جلالة الملك محمد السادس تحسناً ملموساً في مجال حقوق الإنسان والحريات العامة، بحيث تم إلغاء العديد من القوانين السالبة للحرية، وفتح المجال أمام المجتمع المدني ليلعب دورا أكبر في مراقبة وتوجيه السياسات العامة. ومع ذلك، لا تزال هناك انتقادات من بعض المنظمات الحقوقية حول قضايا تتعلق بحرية التعبير والتظاهر.
بعد 25 عاماً من الحكم نجح جلالة الملك محمد السادس في إحداث تغيير إيجابي في المغرب على عدة أصعدة. رغم التحديات المست مرة، لكن الإنجازات التي تم تحقيقها في عهده تعكس التزامه بتطوير البلاد وتحسين مستوى معيشة المواطنين.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي