قال المجلس الأعلى للحسابات في المغرب إنه لاحظ “تحسنا مستمرا” في الأداء المالي والمحاسباتي للأحزاب السياسية المغربية، لا سيما على مستوى إثبات صرف نفقاتها والإشهاد بصحة حساباتها، وكذا الإرجاع إلى الخزينة لمبالغ الدعم غير المستحقة (أي حاصل الفرق بين مبلغ التسبيق المقدم للحزب والمبلغ العائد له وفقا للنتائج المحصل عليها في الاقتراع المعني) وغير المستعملة والمستعملة لغير الغايات التي منحت من أجلها والتي لم يتم تدعيم صرفها بوثائق الإثبات المنصوص عليها في القوانين والأنظمة ذات الصلة.
ومن أجل ترسيخ هذا المنحى، ضمن المجلس تقريره حول تدقيق الحسابات السنوية للأحزاب السياسية وفحص صحة نفقاتها برسم الدعم العمومي للسنة المالية 2020، توصيات إلى كل من وزارة الداخلية والأحزاب السياسية.
ففيما يخص وزارة الداخلية، أوصى بـ”مواصلة الجهود الرامية إلى حمل الأحزاب السياسية على إرجاع، إلى الخزينة، المبالغ غير المستحقة وغير المستعملة وتلك التي لم يتم الإدلاء بشأن صرفها بوثائق الإثبات المطلوبة برسم مساهمة الدولة في تمويل حمالتها الانتخابية، وكذا المبالغ غير المستعملة برسم مساهمة الدولة في تغطية مصاريف التدبير، وعند الاقتضاء اتخاذ التدابير اللازمة في حق الأحزاب التي لم تقم بتسوية وضعيتها تجاه الخزينة”؛ مع “العمل على تنظيم دو رات تكوينية لفائدة أطر الأحزاب السياسية المكلفة التسيير المالي والإداري بغرض تيسير استعمالها للمخطط المحاسبي الموحد وإعداد دليل للمساطر والاجراءات المحاسبية ونظام معلوماتي للمحاسبة مشترك بين الأحزاب السياسية يمكنهم من استغلال أنجع للمخطط المحاسبي الموحد.
وفيما يخص الأحزاب السياسية المعنية، أوصى المجلس بالعمل على الإرجاع إلى الخزينة، مبالغ الدعم غير المستحقة وغير المستعملة وتلك التي لم يتم الإدلاء بشأن صرفها بوثائق الإثبات المطلوبة برسم مساهمة الدولة في تمويل حملاتها الانتخابية، وكذا المبالغ غير المستعملة برسم مساهمة الدولة في تغطية مصاريف التدبير”. كما أوصى بـالحر ص على تقديم كل الوثائق المكونة للحسابات السنوية في الآجال المقررة في القانون التنظيمي المتعلق بالأحزاب السياسية وعلى الإشهاد بصحة الحسابات المدلى بها وفق مقتضيات القرار المشترك لوزير الداخلية ووزير الاقتصاد والمالية المتعلق بالمخطط المحاسبي الموحد للأحزاب السياسية ووفق المعيار 5700 من “دليل معايير التدقيق القانوني والتعاقدي” للهيئة الوطنية للخبراء المحاسبين بالمغرب وذلك بهدف تحقيق مزيد من الشفافية في الحسابات المالية”؛ مع “العمل على مسك المحاسبة وفق مقتضيات “الدليل العام للمعايير المحاسبية” مع مراعاة الملاءمات المنصوص عليها في المخطط المحاسبي الموحد للأحزاب السياسية”.
وقال المجلس، في معرض بسطه للتوصيات، إن سنة 2021 تميزت بصدور عدة نصوص قانونية وتنظيمية تهم نظام تمويل الأحزاب السياسية والحملات الانتخابية التي يقوم بها المترشحون. وسجل في هذا الصدد، استجابة الوزارات المكلفة الداخلية والمالية والعدل لجل التوصيات الصادرة عنه في هذا الميدان، خصوصا تحديد لائحة وثائق الإثبات لدعم تحصيل موارد وصرف النفقات، وتعديل المخطط المحاسبي الموحد للأحزاب السياسية.
وقام المجلس بتدقيق الحسابات السنوية للأحزاب السياسية، وكذا فحص صحة نفقاتها برسم الدعم السنوي الممنوح لها للمساهمة في تغطية مصاريف تدبيرها وكذا مصاريف تنظيم مؤتمراتها الوطنية العادية بخصوص السنة المالية 2020، طبقا لأحكام الدستور ولمقتضيات القانون التنظيمي المتعلق بالأحزاب السياسية وكذا لمقتضيات القانون المتعلق بمدونة المحاكم المالية.
وجاء التقرير المتعلق بالسنة المالية 2020 في 102 صفحة، متضمنا ملخصا بأبرز الملاحظات وتوصيات المجلس، مع تقديم، وأربعة أجزاء، يقدم أولها معطيات عامة حول حسابات الأحزاب السياسية، والثاني النتائج العامة لتدقيق الحسابات السنوية وفحص النفقات، والثالث النتائج الخاصة بكل حزب سياسي، بينما تمحور الرابع حول المستجدات القانونية والتنظيمية.
واستنادا إلى مقتضيات المادة 44 من القانون التنظيمي رقم 11.29، فإن الأحزاب السياسية ملزمة بإيداع حساباتها السنوية لدى المجلس برسم سنة 2020 في 31 مارس الماضي على أبعد تقدير. وفي هذا الإطار، لاحظ المجلس أنه من أصل أربعة وثلاثين (34) حزبا، أودع ثلاثون (30) حزبا حساباتهم السنوية لدى المجلس، مقابل إثنين وثلاثين (32) حزبا خلال سنة 2019 وواحد وثلاثين (32) حزبا خلال سنة 2018، وتخلف عن القيام بذلك كل من الحزب المغربي الحر وحزب العهد الديمقراطي وحزب القوات المواطنة وحزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية.
واستنادا إلى مقتضيات الفقرة الأولى من المادة 33 من القانون التنظيمي رقم 29.11 المتعلق بالأحزاب السياسية كما تم تغييره وتتميمه، خصص قانون المالية لسنة 2020 اعتمادات بمبلغ 80 مليون درهم برسم مساهمة الدولة في تغطية مصاريف تدبير الأحزاب السياسية وتنظيم مؤتمراتها الوطنية العادية، في حين بلغ المبلغ المالي الذي تم تحويله فعليا في هذا الإطار للأحزاب السياسية ما مجموعه 64,44 مليون درهم وهو ما يمثل نسبة 80,55 بالمائة من مجموع الاعتمادات المفتوحة برسم قانون المالية المذكور. ويتوزع هذا المبلغ بين المساهمة في تغطية مصاريف التدبير (90,20 بالمائة) وتنظيم المؤتمرات الوطنية العادية (9,80 بالمائة).
وحسب ما جرى التصريح به من طرف الأحزاب السياسية، فقد بلغت مواردها خلال هذه السنة ما مجموعه 121,93 مليون درهم ، موزعة من جهة، بين الدعم المقدم من طرف الدولة بمبلغ 64,63 مليون درهم، الذي يشمل الدعم السنوي للمساهمة في تغطية مصاريف التدبير (93,89 بالمائة) وتنظيم المؤتمرات الوطنية العادية (9,77 بالمائة)، وكذا تشجيع تمثيلية النساء (0,30 بالمائة). ومن جهة أخرى، الموارد الذاتية بمبلغ 57,30 مليون درهم، التي تشمل إجمالا واجبات الانخراط والمساهمات (75,23 بالمائة) وعائدات غير جارية (24,41 بالمائة) التي تخص أساسا عائدات تفويت أصول ثابتة وكراء عقارات وهبات وتنازلات عن ديون.
وفي المقابل بلغت النفقات المصرح بصرفها من طرف الأحزاب السياسية ما مجموعه 122,07 مليون درهم(12,20 مليون دولار)، تتوزع بين تكاليف التسيير (72,23 بالمائة) واقتناء الأصول الثابتة (17,95 بالمائة)، ومصاريف تنظيم المؤتمرات الوطنية العادية (9,82 بالمائة).
وأشار تقرير المجلس إلى أن عملية تدقيق الحسابات السنوية للأحزاب السياسية، وكذا فحص صحة نفقاتها برسم الدعم السنوي، أسفر عن عدة ملاحظات، قام بتوجيهها إلى المسؤولين الوطنيين عن الأحزاب، وذلك قصد الإدلاء بتوضيحاتهم وبتعقيباتهم.
وأوضح التقرير أنه من خلال الأجوبة المقدمة بشأن هذه الملاحظات، ثبت للمجلس أن بعض الأحزاب لم تقدم التبريرات الكافية بخصوص البعض من هذه الملاحظات، والتي تخص بالأساس إرجاع مبالغ الدعم إلى الخزينة ومحتوى الحسابات السنوية المدلى بها وتقارير الخبراء المحاسبين ومدى احترام القواعد المحاسبية ومشروعية موارد ونفقات الأحزاب.
وتحدث التقرير عن إرجاع حوالي 65 بالمائة من مبالغ الدعم غير المبررة إلى الخزينة. وأوضح أنه عملا بالمقتضيات التشريعية والتنظيمية ذات الصلة، قامت عدة أحزاب سياسية بإرجاع جزء من الدعم الممنوح لها إلى الخزينة خلال سنتي 2020 و2021 بما مجموعه على التوالي 7,09 مليون درهم و7,34 مليون درهم، وفي المقابل سجل المجلس أن بعض الأحزاب لم تقم بإرجاع مبالغ دعم إلى الخزينة بما مجموعه 7,76 مليون درهم تتعلق بالدعم الممنوح لها برسم استحقاقات انتخابية سابقة (اقتراع 25 نوفمبر 2011 واقتراع 4 سبتمبر 2015 واقتراع 2 أكتوبر 2015 واقتراع 7 أكتوبر 2016، وكذا برسم الدعم السنوي عن سنتي 2017 و2020). وتتوزع هذه المبالغ بين الدعم غير المستحق (1,32 مليون درهم )، والدعم غير المستعمل أو المستعمل لغير الغايات التي منح من أجلها (1,37 مليون درهم )، وأخيرا الدعم الذي لم يتم إثبات صرفه بوثائق الإثبات المنصوص عليها في القوانين والأنظمة ذات الصلة (5,07 مليون درهم ).
تعليقات الزوار ( 0 )