Share
  • Link copied

مجلة فرنسية: التطبيع ما بين المغرب وإسرائيل بين الإخبار والتضليل

نشرت أسبوعية “جون أفريك” بتاريخ 17 سبتمبر الجاري مقالا للصحفية نينا كوزولوفسكي تتطرق فيه لكواليس حملة وسائل إعلام أمريكية وإسرائيلية بشأن تطبيع محتمل بين المغرب وإسرائيل، وردود فعل أوساط مغربية عن ذلك. ونظرا لأهمية الموضوع وتوقيته،ارتأينا ترجمة المقال المذكور إلى العربية تعميما للفائدة.

وقعت إسرائيل يوم15 سبتمبر الجاري في واشنطن، اتفاقية تطبيع علاقاتها الدبلوماسية مع بلدين عربيين: الإمارات العربية المتحدة والبحرين، تحت النظرة المرحبة لدونالد  ترامب الذي يخوض حملة انتخابية لإعادة ترشيحه، ويحرص على الظهور كصانع للسلام. سجل  هذا التوقيع نهاية فصل أخذ بأنفاس وسائل الإعلام منذ نهاية شهر غشت المنصرم، حينما أكد دونالد ترامب أن ” خمسة أو ستة بلدان عربية إضافية” ستسير على خطى دول الخليج، من دون أن يعطي تفاصيل إضافية.

ومن دون شك فإن المغرب يوجد ضمن تلك البلدان التي فكر فيها الرئيس الأمريكي. ففي نهاية شهر غشت، وفي إطار جولة أمريكية  في بلدان الشرق الأوسط تروم إقامة علاقات دبلوماسية بين إسرائيل والبلدان العربية، قام جاريد كشنر،صهر والمستشار الرئيس لترامب، بتجميد المرحلة المغربية من أجندته. ففي يوم 12 سبتمبر الجاري، وقبل ثلاثة أيام من موعد توقيع الاتفاقية بالبيت الأبيض الأمريكي،أعلن روبورتاج بثته القناة 12 للتلفزيون الإسرائيلي أن ” المجهودات المبذولة منذ فترة لإحداث  اختراق في العلاقات الإسرائيلية المغربية قد باءت بالفشل(…)لكن الولايات المتحدة تأمل بأن تتحقق خطوة محدودة  متمثلة في إقامة رحلات مباشرة بين البلدين”.

تكهنات

وستعمد صحيفة Times Of Israel  إلى إعادة نشر الخبر بصيغة التأكيد:”  دونالد ترامب يسعى إلى مواصلة التطبيع بين الدولة العبرية والبلدان العربية  عبر إقامة رحلات جوية مباشرة ما بين المغرب وإسرائيل”. وستعيد صحيفة جوريزالم بوست Jerusalem Post  نشر نفس الخبر بصيغة مثيرة ، جاعلة من مجرد تكهن غير موثوق حقيقة قائمة. وفي اليوم الموالي،ستعمد وكالة الأنباء الإسبانية إيفي EFE بالرباط،التي لا تزال علاقاتها على غير ما يرام مع الدولة المغربية، إلى نفي قاطع للخبر استنادا إلى ” مصادر دبلوماسية لم تفصح عن هويتها”. كما ستعمد مجموعة من المنابر الإعلامية المغربية إلى نشر الخبر مع إدانة الأخبار الزائفة، معتمدة على ” مصادر مسؤولة في وزارة الخارجية المغربية” أو ” مصادر رفيعة المستوى”. الإشاعة لا وجه لها كما هو الشأن لمن ينفيها:” إنها جزء من لعبة الغميضة. الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل تقومان بممارسة ضغوط على المغرب، والدبلوماسية المغربية تتفادى المواجهة “، يؤكد سيون أسيدون منسق حركة ” مقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات على إسرائيل”.

À تطرق ريبورتاج بثته القناة 12 للتلفزة الإسرائيلية بوضوح عن “ضغوطات واشنطن” على عمان والسودان وأيضا المغرب، وإلى كون ” إقامة علاقات رسمية بإسرائيل ستمكنه من تحسين علاقاته بالولايات المتحدة الأمريكية (…)، مقابل ذلك ،ستسعى الرباط  لاعتراف أمريكي بسيادتها على الصحراء المنازع عليها”.كما تطرق الريبورتاج  المذكور إلى العلاقات “الغير رسمية لكن الوطيدة” التي تربط المغرب بإسرائيل.

الإشاعات المتعلقة بإقامة خط جوي مباشر ما بين المغرب وإسرائيل ليست بسبق صحفي وهي أخبار كانت تصادف،وبشكل منهجي، فترات مفصلية بالنسبة لإسرائيل: نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس سنة 2017، والانتخابات الإسرائيلية سنة2019،وبوادر مخطط السلام في الشرق الأوسط الذي أعدته إدارة ترامب.فقد سبق لصحيفة ايديت أحرنوت Yediot Aharonot  أن أعلنت عام 2017 بأن وكالة الأسفار الإسرائيلية فلايين كاربت Flying Carpet، تستعد لاستئناف رحلاتها نحو المغرب بعد ثلاث عشرة سنة من التوقف.كما سبق أن أعلنت مجموعة من وسائل الإعلام الإسرائيلية سنة 2019،عن خلق خط مباشر بين تل أبيب والدار البيضاء ومراكش وطنجة و وجدة.

بعد انقضاء أيام معدودة على الإعلان عن تطبيع العلاقات بين إسرائيل والإمارات العربية المتحدة، شرعت الأوساط الدبلوماسية في طرح مراهنات جديدة: من هي الدولة العربية القادمة التي ستقدم على خطوة التطبيع مع إسرائيل؟فقد نشرت صحيفة واشنطن بوست،بتاريخ 14 غشت، عمودا للرأي بعنوان:”ترامب محق.الاتفاق الإسرائيلي الإماراتي نجاح كبير”، وقعه دافيد إيغناتيس  David Ignatius، الذي يعتبر أحد الصحفيين الأمريكيين الذين يعرفون جيدا وكالة الاستخبارات الأمريكية والشرق الأوسط. ومن ضمن ما ورد فيه أن المغرب يوجد من بين “المرشحين المحتملين” لفتح صفحة علاقات جديدة مع الدولة العبرية. أما مصدر الخبر:” مسؤولون في الوزارة الخارجية”. كماستسير حذوها صحيفة “زمن إسرائيل” التي عنونت مقالها: ” المغرب سيكون من ضمن الدول العربية التي ستطبع مع إسرائيل”، واستندت في ذلك على أخبار بثتها الإذاعة الرسمية الإسرائيلية KAN، التي نقلت تصريحات” مسؤولين أمريكيين لم يكشفوا عن هويتهم”.

تلاعب؟

انتشرت تلك التكهنات مثل النار في الهشيم، وتناقلها التلفزيون الإسرائيلي ثم بعد ذلك عدة مواقع إخبارية بالمغرب. وهو الأمر الذي فسره سيون أسيدون: ” الذين يرغبون في أن يصبح التطبيع واقعا هم من وراء الحملة. إنهم يتلاعبون بالخبر لجس النبض، وغرس ذلك الاتجاه في أوساط الرأي العام. إن نتانياهو يعمل لأن يضيف  التقارب مع البلدان العربية لرصيده الشخصي، وهو حريص على أن يكون المغرب ضمنها”.فالإسرائيليون يبعثون رسائل غير مباشرة إلى المغرب، تؤكد صحيفة واشنطن بوسط: أن أحمد الشرعي رئيس مجموعة صحفية، وعضو عدة مجموعات تفكير للمحافظين الجدد بأمريكا، قد حضر سنة 2019 فطورا نظمته مؤسسة القدس للإستراتيجية والأمن، رفقة جارد كشنر ومسؤول عسكري إسرائيلي، لمناقشة مشروع السلام المقترح من  لدن دونالد ترامب.

في ظل هذا السيل من  الأخبار الموجهة والتكهنات، فإن الوحيد الذي عبر عن موقفه بدون غموض لم يكن سوى سعد الدين العثماني رئيس الحكومة المغربية. فلقد أكد يوم 23 غشت الماضي “رفض كل تطبيع مع الكيان الصهيوني”،أي بما يمكن أن يهز توازن الدبلوماسية المغربية. لكن سرعان ما تم نهره من طرف عدة منابر إعلامية مثل “أطلس أنفو” التي عنونت مقالا لها: “العثماني: رجل أضاع فرصة للصمت”. أما مصطفى السحيمي،أستاذ القانون المقرب من القصر، ومن خلال موقع Quid.ma ،فقد ذكر بجفاء، رئيس الحكومة  الذي يبدو” غير قابل للتقويم”، بصلاحياته، وبكون السياسة الخارجية لا تندرج ضمنها بكل تأكيد. وفي 25 غشت عدل العثماني من تصريحه، إذ أكد  أنه عبر عن موقفه كرئيس لحزب العدالة والتنمية وليس كرئيس للحكومة، وهو التوضيح الذي لم يفت صحيفة “زمن إسرائيل” نقله.

Share
  • Link copied
المقال التالي