احتضنت كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بأكدال، الرباط، اليوم الأربعاء، ندوة علمية، حول موضوع “مجالس العمالات والأقاليم والبناء المؤسساتي للامركزية، وذلك في إطار النقاش العمومي لتوضيح الاختصاصات المخولة لمجالس العمالات والأقاليم، والعمل على تعزيز موقعها في خريطة الهندسة المؤسساتية للامركزية بالمغرب.
وعرفت الندوة التي نظمت، من طرف الجمعية المغربية لمجالس العمالات والأقاليم بشراكة مع كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية أكدال بالرباط، بداية من الساعة الثامنة والنصف صباحا، فتح نقاش جماعي بين مختلف الفاعلين المعنيين (أكاديميين، مسؤولين حكوميين، منتخبين، فاعلين مدنيين، …)، لاستجلاء نقاط القوة ونقاط الضعف في البنية المؤسساتية الحالية لهاته الوحدات الترابية.
وبسط المتدخلون خلال الندوة، تراكمات عمل مجالس العمالات والأقاليم خلال “التجربة الانتدابية الأخيرة في ظل القانون التنظيمي 112-14، التي خول لها مجموعة من الصلاحيات الجديدة”، مسلطين الضوء على “الاشكالات العملية، وكذا بعض الصعوبات القانونية التي اعترضت الأجهزة المسيرة للمجالس الترابية”.
وأبرز الأكاديميون، خلال هذه الندوة، التي كانت فرصة للاستئناس بالتجارب الدولية المقارنة، هذه الإشكالات، “سواء من حيث تداخل الاختصاصات وغياب الالتقائية ما بين السياسات العمومية والبرامج المحلية، خاصة في المجال الاجتماعي أو من حيث الإمكانيات المادية أو البشرية الموضوعة رهن إشارتها لتنفيذ برامجها التنموية”.
وشهدت الندوة العلمية، تقديم مجموعة من المداخلات من لدن أساتذة باحثين و فاعلين مجاليين ومختصين، فضلا عن فتح نقاشات عامة حول الإشكالات والتحديات التي تعيشها المجالس لتحديد الإكراهات العملية، وكذا الصعوبات القانونية التي واجهت تطبيق مقتضيات القانون التنظيمي المذكور.
وتهدف الجمعية المغربية لمجالس العمالات والأقاليم، من خلال الندوة، لإغناء وإثراء الجوانب الفكرية في أفق مراجعة الإطار المؤسساتي للعمالات والأقاليم، إضافة لتجويد القانون التنظيمي المتعلق بها، بهدف تجاوز هاته الإشكالات والصعوبات وتوفير إطار أكثر جودة يمكن العمالات والأقاليم من تنزيل مشاريعها ورؤيتها التنموية بشكل أكثر نجاعة وفعالية”.
هذا، وتروم الندوة أيضا، وفق بلاغ لجمعية مجالس العمالات والأقاليم، إلى “إعداد تصور يرمي إلى تطوير وضع للعمالات والأقاليم في المنظومة المؤسساتية للامركزية ببلادنا، للرفع من مستوى أدائها إلى مستوى فاعل حقيقي يشغل مكانة أساسية إلى جانب الدولة والجهات والجماعات في مجال التنمية الترابية في مختلف أبعادها”.
وفي كلمته، تحدث عبد العزيز الدرويش، رئيس الجمعية المغربية لرؤساء مجالس العمالات والأقاليم، عن المكانة المحورية التي باتت تتبوأها المجالس، خصوصا بعد المقتضيات التي جاء بها دستور المملكة لسنة 2011، مذكّراً بالمبادئ التي تضمنها الأخير، فيما يتعلق بالجماعات الترابية، إلى جانب المكانة التي صارت تحتلها كشريك للدولة في التنمية.
واعتبر الدرويش، أن القانون التنظيمي رقم 14-112 المرتبط بالعمالات والأقاليم، شكل طفرة نوعية جعلت الجماعات الترابية الوسيطة، ترتقي إلى مستوى فاعل حقيقي بأدوار أساسية إلى جانب الدولة والجهة والجماعة، في تحقيق التنمية الترابية، مسجلأً وجود عدة إشكالات عملية وصعوبات قانونية في التجربة التي عاشتها المجالس، خلال المدة الانتدابية الماضية.
ومن جانبهم، أكد المتدخلون في الندوة، أن الجماعات الترابية، تعيش في الفترة الراهنة، إحدى أهم مراحل تطور اللامركزية في المغرب، لما تشكله من محطة حاسمة في تفعيل المؤسسات المحلية، وتمكينها من الوسائل المادية والقانونية، التي من شأنها أن تخول لها، ممارسة اختصاصاتها في تحقيق التنمية الترابية.
وأشار المتدخلون، إلى أنه، وبالرغم من التطور الكبير الذي تلا القانون التنظيمي رقم 14-112، إلا أن مقتضياته لم تنعكس على الواقع، في ظل استمرار سيطرة مجالس الجهات على مختلف البرامج التنموية، إلى جانب أن مجالس العمالات والأقاليم، لا تتمتع باستقلالية مالية وإدارية، مسلطين الضوء على الإكراهات الأخرى التي تعترض هذه المجالس.
وأكد الأكاديميون والفاعلون السياسيون المشاركون في الندوة، أن مسار اللامركزية، يواصل تقدمه الجيد على المستوى السياسي، ومن شأن تبني الجهوية المتقدمة، أن يرسخه أكثر، مشددين على ضرورة وجود إطار معياري يؤطر التعاقد بين الدولة والعمالات والأقاليم، ويضع مساطره وإجراءاته، وذلك من أجل أن يكون فعالاً.
تعليقات الزوار ( 0 )