Share
  • Link copied

ماهي العوائق التي تواجهها الجزائر لتحقيق أهدافها المعلنة المتمثلة في استعادة الدبلوماسية؟

أعلنت الجزائر على عهد الرئيس الجديد عبد المجيد تبون ووزير خارجيته صبري بوقادوم عن خطوات لاستعادة الدبلوماسية بفعالية بعد الانتخابات التي أشرف عليها قائد الجيش الراحل الكايد صالح، في ظل استمرار الحراك الشعبي الذي أقفل سنته الأولى، وهو ما يمثل حرص الشعب وقاواه الحية، التي يجسدها الحراك الشعبي على بناء “دولة جديدة” أو ما بات يطلق عليه في أدبيات الحراك بالتطلع إلى بناء “الجزائر الجديدة”.

فما هي أهم العوائق التي تعترض طموح النخبة السياسة “الجديدة” التي تقود الجزائر في الوقت الراهن، من أجل استعادة فعالية الدبلوماسية أمام الملفات الإقليمية الملتهبة؟

طموحات الجزائر الجديدة والعوائق التي تواجهها في تحقيق أهدافها

بالرغم من إعلان الرئيس الجزائري الجديد عزمه على استعادة فعالية الدبلوماسية الجزائرية في جوارها  الإقليمي لاسيما في ليبيا ومنطقة الساحل والصحراء، غير أن سعيد الصديقي يرى عكس ذلك، لأن “ظروف الجزائر الداخلية ناهيك عن التحديات الأمنية التي تواجهها على طول حدودها وبنية النظام الإقليمي ستحد من طموحاتها، وستجعلها تصارع من أجل الحفاظ على موقعها الحالي إقليميا ودوليا” .

واعتبر، سعيد الصديقي، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، أن هذه المناطق التي تريد أن تتحرك فيها الجزائر “تعيش حالة اضطراب وعدم استقرار كبيرين، وباتت تتحرك فيها قوى أخرى أكثر تأثيرا”.

وضرب الصديقي مثلا بالملف الليبي، إذ ان الجزائر “لا تملك لا الرؤية الواضحة ولا القدرة على إنجاح أي مبادرة لحل الأزمة، وأقصى ما يمكن أن تقوم به هو مسايرة استراتيجيات الدول الأخرى ومنها تركيا”. 

 وأكد الصديقي، في اتصال مع جريدة “بناصا” أن الجزائر لا يزال يسيطر على سياستها الخارجية بالمنطقة المغاربية والساحل والصحراء هاجس إقصاء المغرب من أي مبادرة، ومحاولة  إضعاف نفوذه، وهذا ما يفسر إلى حد كبير عدم إشراك المغرب في مؤتمر برلين الذي عقد في 19 يناير 2020. الراجع أن الجزائر اشترطت على الأتراك عدم دعوة المغرب لهذا المؤتمر، مقابل تقديم مساعدات لوجستيكية وعسكرية للتدخل التركي في ليبيا، وهذا ما انعكس سلبا على العلاقات المغربية التركية في مجال التبادل الاقتصادي.

هل سينعكس التقارب الجزائري التونسي على توازن القوى القائم؟

في الجواب على السؤال، يعتبر الأستاذ الجامعي، بأن تونس، وبالرغم  من أنها ظلت منذ الاستقلال أقرب سياسيا إلى المغرب منها إلى الجزائر، لاعتبارات تاريخية لاسيما الخلافات حول المناطق التي اقتطعتها فرنسا من تونس لصالح الجزائر، فقد لوحظ وجود تقارب بين البلدين بعد وصول كل من قيس سعيد وعبد المجيد تبون إلى رئاسة البلدين، حيث نظمت زيارات رسمية رفيعة المستوى بينهما، وعلى رأسها زيارة الرئيس التونسي للجزائر، وإعلان هذه الأخيرة عن وضع وديعة قيمتها 150 مليون دولار لدى البنك المركزي التونسي، بالإضافة إلى تقديم تسهيلات لسداد المستحقات المتأخرة للغاز والمحروقات الجزائرية. ورغم أهمية هذا الدعم للاقتصاد التونسي في هذه المرحلة الحرجة، فإنه يظل ضعيفا بالنظر إلى حجم إيرادات الجزائر من النفط والغاز، ولا يمكن أن يشكل مؤشرا كافيا لأي تغير محتمل للتوجه العام للسياسة الخارجية التونسية.

هذا بالإضافة، كما يرى الصديقي، ما تتسم به دبلوماسية تونس في عمومها بالواقعية والتوازن، فإنها ستتعامل بحذر شديد لأي طموح للجزائر بتعزيز تأثيرها في المنطقة، لأن أي تغيير لميزان القوى القائم سينعكس سلبا وبشكل مباشر على موقع تونس في النظام المغاربي. إذن فالراجح أن تونس ستفصل بين الملفين الاقتصادي والسياسي، حيث ستسعى للحصول على الدعم المالي والاقتصادي من جيرانها، دون الدخول في أي تحالفات أو استقطابات سياسية .

ما المطلوب من المغرب في هذه المرحلة؟

يجيب الصديقي، قائلا: “نظرا للوضع الذي تعيشه الجزائر حاليا، وغموض رؤيتها تجاه الملفات المضطربة في المنطقة، واستعادة مسؤوليها لخطابهم التقليدي، فإن النهج الأمثل للمغرب خلال السنوات القادمة هو تجنب الدخول في أي أزمة مع الجزائر التي من شأنها توسيع الهوة القائمة بينهما”.

ويستدرك الصديقي بالقول: “حتى إذا تمكنت الجزائر من تحقيق إصلاح سياسي واقتصادي مهم خلال السنوات القادمة -وهذا أمر مستبعد- فإنها لن تحدث فارقا في القوة والتأثير مع المغرب من شأنه ترجيح ميزان القوى لصالحها. لذلك يظل النهج العقلاني للدولتين  هو الحفاظ على الوضع القائم في المنطقة  بينهما لأطول مدة ممكنة، وهذا ما تفرضه الظروف الموضوعية المتعلقة بقدراتهما الاقتصادية والعسكرية والديموغرافية والجغرافية”.

Share
  • Link copied
المقال التالي