لعل المؤتمر الدولي الثالث لتعزيز السِّلم الذي انعقد بنواكشوط ما بين 17 و19 من الشهر الجاري، يعتبر من الفرص القلائل التي تبين مدى أحقية هذه القارة المظلومة والمكْلُومة في تدارس مشاكلها من قبل علماء وباحثين متخصصين في مجالات معرفية وبشريَّة شتَّى.
إن مشكل الاحتراب والعنف يؤرق مضجع الأفارقة الراغبين حقا في تنمية بلادهم، بل والعالم بأسره، إذ تشكل القارة الإفريقية أرضا خصبا للثنائيات الطائفية والعرقية وغيرها، مما يجعلها وقود الحرب، إذا لم يعقل ربان سفنها كيف يبحرون.
ولعل حكمة الشيخ عبد الله بن بيه وعلمه الكبير بأصول الشريعة الإسلامية ومقاصدها ما جعل فكرته في نشر وتعزيز السلم يلقى إعجابا قل نظيره في كل بلاد المعمور. بعد أن وجد دعما لائقا من قادة دولة الإمارات العربية المتحدة.
إن القارة الإفريقية بحاجة إلى جهود تلو الجهود من أجل تجنيبها الاحتراب الداخلي الذي نخر وينخر جسمها منذ أمد. وليست كافية تلك الجهود الموجهة إلى الاقتصاد والفلاحة وغيرهما إن كانت بمعزل عن استهداف العنصر البشري، والاستثمار فيه. فكم هي المبالغ التي تصرف على المنشآت، لكن إن غاب الوعي عند البشر فإنها تبقى في مهب الريح.
لقد أشاد العقلاء بمبادرات منتدى تعزيز السلم في كل خطوة يخطوها، ومقترح يروم إليه، وما الحاضرون من القادة والزعماء في المؤتمر الثالث إلا صورة مصغرة لهذا، ومن هؤلاء الرئيس النيجيري السيد محمد بخاري، ورئيس جمهورية رواندا فخامة السيد بول كاغامي، وأيضا رئيس النيجر السيد محمد بازوم، ورئيس غينيا عمر سيسوكو مبالو.
وتجد في كل البلاد معجبين بفكر الشيخ عبد الله بن بيه، وطريقة تأصيله العلمي الأصيل لقضايا السلم في الإسلام وتشخيصه لظاهرة الإرهاب، بعيدا عن السياسة وضيقها إلى أفق الشريعة وسعتها.
لقد جربت الأمة الدخول مع المتطرفين في حوارات مباشرة قصد الخروج بتراجعات منهم عن أفكارهم النارية، كما جربوا المقاربة الأمنية الصارمة، لكن تبين أن الوسيلة الأنجع هي الخطوة الاستباقية، والجرعة المناعية لشباب الأمة لإكسابهم سبل تعزيز السلم بأنفسهم في بلدانهم. كما يفعل منتدى تعزيز السلم برئاسة العلامة عبد الله ولد المحفوظ بن بيه.
إن الأمة بحاجة إلى عالم فقيه واع بواقعه، خبير بقضايا أمته، نصوح لقاددتها، رؤوف برعيتها.
تعليقات الزوار ( 0 )