المحجوب البرش
العنف المدرسي واقع موجود بمؤسساتنا التعليمية، والوثائق التشريعية والتنظيمية
تقر بوجوه وتتعامل معه عبر آليات بنيوية عبر تأسيس خلايا الاستماع ومراصد مناهضة
العنف بالوسط المدرسي, وعبر ترتيب عقوبات تأديبية داخلية، أو عبر اللجوء للقضاء، و
في جميع الحالات يتم منح الموظف المتهم حقوق الدفاع على نفسه.
العنف يوجد بالمدرسة مثلما يوجد بالمجتمع، ولا يمكن القضاء عليه فهو خطيئة
قابيل الأولى، أول جريمة عرفتها الانسانية، أن يقتل الأخ أخاه بجريرة الحسد:
قال تعالى (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا
قُرْبَاناً فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ
لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ. لَئِنْ
بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ
لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ. إِنِّي أُرِيدُ أَنْ
تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاءُ
الظَّالِمِينَ. فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ
مِنَ الْخَاسِرِينَ. فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَاباً يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ
كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ
مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ
النَّادِمِينَ. مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ
مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا
قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ
جَمِيعاً وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيراً
مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ) سورة المائدة.
يتخذ العنف صورا شتى داخل المجتمع المغربي، لا مجال لتعدادها ووصفها، فما صار
يعرف بـ”التشرميل” غزا كل الفضاءات العامة. و المدرسة ليست بمنئ عن
التأثر بمثل هذه الظواهر.
والأستاذ والتلميذ معا تدور حولهما العملية التعليمية يصيبهما ما يصيب
المجتمع، ويرشح عنهما بما تنضح به مواعينه. فلا غرابة إذا، حين تقع المشاحنات و
المشاجرات المفضية للعنف اللفظي والبدني. واللجوء للقانون يحسم الخلاف، و كل متهم
يتمتع بقرينة البراءة، إلى حين النطق بالحكم النهائي، مثلما أدان الله قابيل
بجريمة القتل إلى يوم الدين.
فلا تهمكم الأبواق الشامتة، ولا الألسنة الحداد التي تسلق سمعة نساء ورجال
التعليم، كلما أخطأ عنصر منهم، أو وقع عليه صك الاتهام أو الإدانة.
الاستاذية وظيفة تربوية و ليست عصمة من الخطأ والزلل، نعم “كاد المعلم أن
يكون رسولا”، و”الرسالية” مسؤولية مجتمعية بنيوية يشترك فيها كل
أفراد المجتمع كل من موقعه. وليس “مسمار جحا” الذي نجعله مشجبا لسحل
“المعلم” كلما فشل المجتمع في القيام بمهماته. فتشوا عن التقصير والانحطاط
في السلاسل المترابطة لمنظومات التشريع والتربية و الصحة والإعلام…… و غيرها.
حي الله أستاذي الكريم السي المحجوب على هذا المقال المتميز والذي لامس فيه حقيقة ظاهرة العنف المتجدرة في حياتنا منذ خلق الله البشرية وستبقى إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
فالنكن واقعيين ولنعترف بأن أطفالنا يعيشون معنا عنفا حقيقيا داخل الأسرة، ويشاهده في الشارع ونقيم الدنيا ونقعدها عندما تقع شذرات منه في المؤسسات التعليمية سواء بين المتعلمين فيما بينهم أو بينهم وأساتذتهم ، وفي النهاية توجه أصابع الإتهام للأستاذ رغم أن الجميع مسؤول عنه من قريب أو بعيد.
في قصة ابني آدم ،لم يتقبل قربان القاتل.فقام بقتل أخيه الذي كان يحمل في قلبه إرادة اخطر من القتل:اني اريد ان تبوء باثمي و اثمك فتكون من اصحاب النار و ذلك جزاء الظالمين…. الم تكن هذه الإرادة مستفزة شللقاتل و دافعا من دوافع الجريمة ؟ لماذا لم ينصر المقتول اخاه-و هو ظالم- بمنعه من الظلم ؟