ارتبط اسم منطقة العرجة التابعة للتّراب الجزائريّ، والمتواجدة على مقربة من مدينة فجيج المغربية، بعدما قرّرت سلطات الجارة الشرقية طرد المغاربة الذين كانوا يشتغلون داخلها منذ عقود من الزمن، بالأنشطة الفلاحية والزراعية وجني التّمور، غير أن ما لا يعرفه المتابعون للقضية، هو أن العرجة، كانت متنفساً مهمّاً لسكان المدينة الواقعة في أقصى الجنوب الشرقيّ.
واعتاد سكان فجيج ونواحيها على زيارة العرجة بشكل شبه أسبوعيّ، من أجل الترفيه والاستجمام أو صيد السمك في الواد الذي يفصل المغرب عن الجزائر، بحيث تتواجد ضفته الجنوبية في المملكة، والشمالية في الجمهورية، إلى جانب السباحة في المسابح التي تتواجد بالضيعات، والتي هي في الأصل مخصصة للسقي، غير أنه أصحابها سمحوا بالاستعمالات الترفيهية لها أيضا.
واستحضر سكان فجيج، الأوقات التي كانوا يقضونها في العرجة، بألم وحسرة على منعهم من ولوجها، وعلى ضياع أرض كانوا إلى وقتٍ قريبٍ يعتبرونها مغربيةً، ومتبادلين ذكرياتها على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث قال أحد أبناء المنطقة: “ما أحلى العرجة في الليل مع الأصدقاء في إحدى الضيعات، مع طبق يعد في عين المكان، سواء كسكساً كان أو مرقا أو شواءً”.
وتابع الشخص نفسه مستحضراً ذكريات العرجة: “مع أباريق الشاي التي يتم إعدادها فوق نار الحطب التي لا تنقطع طوال التواجد في العرجة لنسيان الروتين اليومي والتمتبع بسكون الليل، وهدوئه، وفتح الأعين في السماء ومراقبة ورؤية النجوم، مع طرح جميع المواضيع للنقاش دون قيد أو شرط”، حسبه.
وأبرز آخر “كنا نخرج في رحلات مدرسية ونقضي وقتاً ممتعاً رفقة الأساتذة والتلاميذ نساهم كلنا في إعداد الفطور والغداء، ونلعب لعب جماعية تضفي حو الائتلاف والتضامن بيننا، وأيضا كانت هناك خرجات عائلية في موسم التمور نجني التمور ونقضي اليوم كله بين النخيل وفي المساء نتجه نحو الجبل نتسلقه ونستمتع بمياه الواد، كنا نقضي أوقاتاً رائعة هناك”.
وذكر متفاعل آخر: “ما زلت أحتفظ بالرمح، كنت ألعب به في الرمال. وداعا رياضة رمي الرمح”، في حين عادت بشخص آخر الذاكرة إلى الرحلات التي كان يقضيها رفقة أصدقائه، قائلاً: “كنت أذهب إلى العرجة أنا وأصدقائي ونحن صغار في عطلة الصيف، وكانت المتنفس الوحيد الذي يمكن أن نذهب إليه، نظرا لتوفرها على طبيعة جميلة ترتاح في النفس”.
وفي هذا السياق قال مصطفى بن مومن، وهو فاعل جمعوي من فجيج، إن “العرجة، لها سمتان أساسيتان تميزانها، الأولى هي وجود واد، وهو الذي يفصل بين المغرب والجزائر، علماً أننا في السابق لم نكن نعرف أنها جزائرية، بل كنا نعتبر المنطقة مغربية، والثانية هي الضيعات التي تتوفر على مجموعة من المسابح، المستعملة للسقي في الأصل، والتي يعدها أصحابها للترفيه خلال فصل الصيف”.
وأضاف بن مومن في تصريح لجريدة “بناصا”: “كنا ننظم مخيمات بها، ونأخذ الأطفال إلى هناك، حيث كانوا يلعبون في المسابح، ويقضون النهار قرب الواد، كما سبق ونظمنا خرجات لفائدة الأطر، إلى المنطقة ذتها”، مردفاً: “وأقمنا أيضا خرجات في أيام العطل، والعطل الأسبوعية، لفائدة الأطفال، أو الشباب، أو النساء”.
وتابع الفاعل الجمعوي، بأن “العرجة منطقة جميلة، وفيها واد، ونخل، والطبيعة جميلة بها، ومميزة لأنشطة الاستجمام والترفيه واللعب”، مبرزاً أنه حين كانت “مجموعات السياح، سواء المغاربة أو من دول أخرى، يأتون إلى المنطقة، كانت العرجة من بين الأماكن التي نأخذهم إليها في الجولات، نظرا لتوفرها على العديد من المناظر الخلابة”.
وذكر بن مومن، أن “المخيمات التي كنا ننظمها سنوياً، خلال فصلي الربيع والصيف، كان يحضر كلّ واحد منها حوالي 200 شخص، إلى جانب أنه خلال فصل الربيع، كما نقيم رحلة واحدة كلّ أسبوع، لفائدة تلاميذ المؤسسات الإعدادية والثانوية، يحضرها ما لا يقل عن 40 مستفيداً”، مضيفاً: “كما أنه سبق لي أن أخذت حوالي 4 إلى 5 مجموعات من السياح إلى العرجة في السابق”.
واسترسل المتحدث، أن “هناك عادة نقوم بها بعد عيد الأضحى، حيث يتجمع الشّباب ويذهبون إلى بعض المناطق القريبة، وكانت العرجة أبرزها، من أجل قضاء وقت مميز بها، والشواء والطهو، والسهر”، مردفاً: “وحتى في الأيام العادية، كان الشباب يتوجهون للعرجة، وينظمون رحلات إليها، ويقضون أوقاتاً مميزة، ويسهرون داخل الضيعات المتواجدة بها”.
يشار إلى أن السلطات الجزائرية كانت قد طردت مجموعة من الفلاحين المغاربة من مزارعهم المتواجدة بالعرجة، والتي ورثوها عن أجدادهم منذ عقود طويلة، غير أن اتفاقية ترسيم الحدود لسنة 1972، وضعتها داخل تراب الجارة الشرقية، دون أن يتم إشعار سكان المنطقة،
تعليقات الزوار ( 0 )