تتواصل حرب الألغام في منطقة قراباغ المحررة في أذربيجان، فقد كان الأرمن علي يقين بأن الأذربيجانيين سيعودون إلى أراضيهم الأصلية مرة أخري، بعد احتلال أراضيهم التي استمر نحو 30 عاماً، لذلك عمدوا إلي تدمير هذه المناطق وحولوها إلى منطقة موبوءة بالألغام. لعل كراهية أي أمة في العالم لأمة أخرى، لا تقارن مثل كراهية الأرمن للأذربيجانيين، فقد قام الأرمن بتدنيس وتدمير المقابر والمساجد، التي تعتبر محرمة ولها قدسية وحرمة كبيرة في جميع دول العالم، حيث جعل الأرمن تلك الأماكن المقدسة مكاناً للأعمال القبيحة.
الضحية التالية للألغام في أذربيجان، كان أغاييف زاور عيسى أوغلو، المولود عام 1981، حيث أنهت الألغام حياته في حوالي الساعة الخامسة مساء يوم 15 نوفمبر 2021، حيث تعد وفاة المدنيين في منطقة أغدام بأذربيجان أكبر مأساة في القرن الحادي والعشرين، ولسوء الحظ، فإن ضحايا هذه المأساة ليسوا مواطنين عاديين فحسب، بل هم أيضاً جنود وأطباء وقضاة وحتى صحفيون يهتفون بالحقيقة للعالم، فخلال العام الماضي، قُتل ثلاثة صحفيين أذربيجانيين بسبب الألغام الأرضية.
بروح الشراكة والتصميم والطموح لدي مؤسسات العاملة في إزالة الألغام، ولدي السلطات الوطنية والحكومات المانحة والداعمين من القطاع الخاص، يمكن توحيد منظمات مكافحة الكوارث في جميع أنحاء العالم لخلق عالم خالٍ من الألغام، فبتضافر الجهود معاً، يمكن تطهير بعض دول العالم الأكثر تضرراً من الألغام، وبالطبع، إذا لم ننتظر التعبئة، فإنني أدعو أكثر المنظمات العالمية للأعمال المتعلقة بالألغام في جميع أنحاء العالم للعمل معاً وبسرعة لمكافحة المخاوف الرهيبة في القرون الأخيرة، ومؤسسة الصحافة الأوراسية الدولية مستعدة للعمل بشكل وثيق مع جميع المنظمات العالمية في هذا الاتجاه.
إن التقارير الصادرة عن المؤتمر السنوي التاسع عشر لإتفاقية الأمم المتحدة بشأن حظر استخدام وتخزين وإنتاج ونقل الألغام المضادة للأفراد، وتخزينها وإنتاجها ونقلها وتدميرها تنذر بالخطر، فقد كانت الغالبية العظمى، نحو 80٪ من الضحايا من المدنيين، نصفهم من الأطفال.
بعد انتهاء الحرب بين أذربيجان وأرمينيا، بموجب البيان الثلاثي الموقع في 10 نوفمبر من العام الماضي 2020، كان على أرمينيا أن تقدم خرائط الألغام على الفور، وبشكل عام، حيث تلزم الإتفاقيات الدولية والقانون الدولي الدول التي قامت بزرع الألغام التعاون في نزعها، ولكن لسوء الحظ، فقد جعلت أرمينيا تسليم هذه الخرائط أداة ابتزاز ضد أذربيجان، حيث لا تعكس خرائط أغدام وفضولي الواقع، وبشكل عام، لا توجد إحداثيات صحيحة تقريباً في هذه الخرائط.
توجد اليوم مناطق في أذربيجان تم فيها زرع 10 ألغام مضادة للأفراد في كل متر مربع، وهي ألغام مصنعة بشكل مباشر في أرمينيا، وقد أودت هذه الألغام بحياة العديد ممن يريدون العودة إلى ديارهم بعد توقيع البيان الثلاثي، حيث تضرر ما مجموعه 160 مدنياً وعسكرياً من الألغام الأرضية منذ توقيع بيان 10 نوفمبر 2020، وقد وقعت تلك الأحداث بشكل رئيسي خلال زيارات للأراضي المحررة، أو أثناء أداء مهام رسمية، أو أثناء تنفيذ مشاريع البنية التحتية الاجتماعية، وحوالي 70 من الضحايا من المدنيين، ووفقا للخبراء، هناك مئات الآلاف من الألغام في هذه المناطق. تقوم مؤسسة أوراسيا الدولية للصحافة ، بإجراء أبحاث حول الألغام من الدرجة الأولى، وآثار الألغام، وضحايا تلك الألغام في أذربيجان، ولذلك فنحن ندرك كل هذه التفاصيل الدقيقة لتلك المشكلة، وتتعامل المؤسسة التي أقودها مع مشكلة الألغام منذ ما يقرب من 20 عاماً، وقد تم تركيز عمل المؤسسة على مدى السنوات الثلاثين الماضية على دعم ضحايا الألغام في القوقاز، وخاصة في أذربيجان، وقادت مؤسسة أوراسيا الدولية للصحافة IEPF أيضاً عدداً من المشاريع في المنطقة لدعم اللاجئين والنازحين داخلياً بسبب الألغام الأرضية، فلقد رأينا وشهدنا الصدمة التي تسببها الألغام. ناشدت مؤسسة أوراسيا الدولية للصحافة وعدد من منظمات المجتمع المدني العاملة في المناطق التي مزقتها الحرب في أذربيجان مع وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية في 31 مارس من هذا العام للمطالبة بخرائط حقول الألغام في أذربيجان من قبل الوحدات العسكرية الأرمينية، وفي 8 أبريل، قدمت هذه المنظمات التماساً ضد أرمينيا على الموقع الشهير عالمياً www.change.org ضد احتلال منطقة قراباغ الأذربيجانية لمدة 30 عاماً، فضلاً عن أعمال التعدين الخطير لهذه الأراضي من قبل القوات الأرمينية في العديد من المواقع خلال فترة النزاع ورفضهم تقديم خرائط للمناطق الملغومة. يجب على المجتمع الدولي والمنظمات الدولية والأشخاص الذين يكافحون من أجل السلامة من أخطار الألغام ألا يكونوا غير مبالين بهذه القضية، بل يجب أن ينتبهوا للمنطقة، فمن أهم القضايا في مشروع عودة الأذربيجانيين إلى الأراضي المحررة اليوم، هو تنفيذ مشاريع البنية التحتية، فعملية بناء المساكن، وتشييد الطرق، ومد خطوط المياه، وغيرها من مرافق البنية التحتية، كلها عوامل تحفز علي تنمية الإقتصاد، وتشجيع السياحة في المنطقة، وتعد مشكلة الألغام هي العقبة الرئيسية أمام كل هذا. يوجد اليوم 1.2 مليون لاجئ ومشرد في داخل أذربيجان، وهؤلاء الناس ينتظرون العودة إلى أرضهم وبيوتهم، لكن كل هذا يعتمد على تطهير المنطقة وحل مشكلة الألغام، لقد تم إرسال نداء نيابة عن منظمات المجتمع المدني العاملة في أذربيجان، وتحاول أذربيجان اليوم حل مشاكلها باللجوء إلى قدراتها الداخلية، لكن لا ينبغي لأحد أن لا ينسى أن هذه ليست مشكلة أذربيجان وحدها، إنها حقيقة مروعة، ويجب على الجميع المساهمة في حل هذه المشكلة !!! أومود ميرزايفرئيس مؤسسة أوراسيا الدولية للصحافة
تعليقات الزوار ( 0 )