شارك المقال
  • تم النسخ

لماذا صمتت وسائل إعلام العسكر عن زيارة مساعد وزير الخارجية الأمريكية لشؤون الشرق الأدنى إلى الجزائر؟

أعلنت الخارجية الأمريكية لشؤون الشرق الأدنى يوم (الأربعاء)، وصول جوشوا هاريس، مساعد وزير الخارجية الأمريكية لشؤون الشرق الأدنى، إلى الجزائر “لبدء سلسلة من المشاورات مع الجزائر والمغرب حول تعزيز السلام الإقليمي وتكثيف العملية السياسية الأممية في الصحراء من أجل التوصل إلى حل دائم وكريم دون مزيد من التأخير.

وهذه هي الزيارة الثانية التي يقوم بها هذا الدبلوماسي الأمريكي الرفيع المستوى إلى المنطقة، بعد الزيارة التي قام بها في شتنبر الماضي، مما يوضح مدى الجدية التي تتعامل بها الإدارة الأميركية مع وضع هذا الصراع، وسط صمت إعلامي جزائري “غير مفهوم”.

وفي هذا الصدد، قالت مجلة “أتالايار” الإسبانية، المتخصصة في الشؤون المغاربية والعربية، في تقرير لها، إنه لم يتحدث أي مصدر رسمي أو إعلامي في الجزائر عن هذا الحدث المهم، لأنه يهدف إلى وضع حد للصراع المستمر منذ ما يقرب من نصف قرن.

وأضافت المجلة، أن الصراع بين المغرب والجزائر، اتخذ خلال العامين الماضيين أبعادا غير متناسبة، تميزت بقطع العلاقات الدبلوماسية، وإغلاق المجال الجوي والحدود البرية، حيث تم اتخاذ هذه الإجراءات من الجانب الجزائري، دون سابق إنذار ودون أدنى إشارة إلى تصعيد النزاع الجزائري المغربي الممتد منذ 48 عاما.

ويعبر صمت الجزائر بخصوص زيارة جوشوا هاريس عن إحراج قادتها الذين رفضوا، دون أدنى سبب، أي مبادرة مساعي حميدة قامت بها الدول الصديقة، خاصة السعودية وقطر، تماما كما تجاهلوا اليد الممدودة لملك المغرب الذي دعا في خطاب العرش عام 2020 “إخوانه الجزائريين” إلى الدخول في حوار صريح وأخوي من خلال الاجتماع حول طاولة ومناقشة كل القضايا الخلافية.

وذهب ملك المغرب إلى حد قبول دعوة لحضور القمة العربية بالجزائر العاصمة في نوفمبر 2022. وهي دعوة سلمها وزير العدل على عجل إلى وزير العدل المغربي، وكأنها إنجاز شكلي بسيط لا يريده أحد.

وأوضحت المجلة، أن العاهل المغربي، الذي لم يحضر قمة الجامعة العربية منذ الجزائر 2005، أرسل وفدا من مكتب التشريفات الملكية إلى الجزائر العاصمة للتحضير لوصوله، وعاد هذا الوفد إلى المغرب خالي الوفاض، بعد أن رفضت خدمات البروتوكول الجزائرية التنسيق معه.

وأشارت إلى أن المسؤولين الجزائريين، حتى الآن، لم يقدموا أدنى سبب لعداءهم للمغرب، وأن كل ما نعرفه هو أنهم لا يربطون بين موقفهم العدائي تجاه المغرب ودعمهم للحركة الانفصالية التي يمولونها ويسلحونها وحدهم، وتوضح الجزائر دائما أنه لا علاقة لها بقضية الصحراء، التي “تظل، حسب السلطات الجزائرية، مشكلة بين المغرب وجبهة البوليساريو”.

وفجأة، مع وصول الثنائي تبون وشنقريحة إلى رئاسة الحكومة الجزائرية، اندلعت الأزمة بين البلدين من جديد عام 2021، ومن دون أدنى مبرر، انقطعت العلاقات الدبلوماسية وأُغلق المجال الجوي، في أجواء مشحونة، وهو ما ينذر بنشوب صراع مسلح له عواقب وخيمة.

ولحسن نية أولئك الذين حاولوا التوسط من خلال المساعي الحميدة للدول الصديقة، رفضت الجزائر رفضا قاطعا، وذهبت إلى حد إثارة استياء دول الخليج العربي، ولا تتردد هذه الدول في توجيه تحذيرات منتظمة للجزائر، معربة عن دعمها الثابت للمغرب، الذي تزعم أنها مرتبطة به في الدفاع عن وحدته الترابية، والأسوأ من ذلك أن الجزائر أصبحت الآن معزولة تماماً على الساحة العربية.

وبعد استعداء الدول العربية، هل ستذهب الجزائر إلى حد رفض الوساطة الأمريكية في صراعها مع المغرب؟ من الصعب للغاية القيام بهذه الخطوة في وقت نشعر فيه بالغضب من روسيا، حليفتنا التاريخية، لعدم دعوتها إلى انضمام الجزائر إلى مجموعة البريكس.

وتنظر روسيا نظرة قاتمة إلى التقارب العسكري الجزائري الأمريكي، الذي أسفر مؤخرا عن اتفاقيات بين البلدين في ختام اجتماع التعاون الدفاعي الثنائي الذي عقد في واشنطن من 4 إلى 6 ديسمبر.

وخلال نفس اللقاء، شارك الوفد الجزائري برئاسة اتفق اللواء منير زاهي مع القائم بأعمال وكيل وزارة الدفاع الأمريكية للشؤون الأفريقية على بحث إمكانية شراء الجيش الجزائري لمعدات أمريكية.

وخلصت المجلة، إلى أنه ليس من مصلحة القادة الجزائريين تشويه هذا التقارب مع الولايات المتحدة الأمريكية من خلال رفض وساطتها في صراع لا مبرر له، وحتى لو لم يبذل الأميركيون قصارى جهدهم لمعالجة حالة الصراع في منطقة شمال أفريقيا من خلال حصرها في الدولتين المتحاربتين الرئيسيتين، الجزائر والمغرب، دون أي طرف ثالث.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي