شارك المقال
  • تم النسخ

لماذا دفعت الجامعة المغربية فاتورة ثقيلة من سمعتها؟.. فضائح بالجملة وهروب من الإصلاح!

إن الهزات العنيفة التي تعرضت لها الجامعة المغربية بفعل تفريخ عدد من الملفات الجنسية، صارت تطرح أكثر من سؤال حول من له المصلحة في تكريس صورة الجامعة وكأنها “بورديل بدون بواب”.

 اليوم، وعوض المبادرة للقطع مع هذه السلوكات الموجودة ووضعها في سياقها الذي يبقى من اختصاص العدالة، نعاين في كل مرة حرصا شديدا على تسويقها كقضية رأي عام، على حساب أشكال الفساد القديمة/الجديدة، والتي لم تجرؤ الحكومات المتعاقبة على الاقتراب منها.

  لماذا تم في وقت سابق الإجهاز على مكانة واعتبارية عدد من المؤسسات و المهن، ويبدو أن الدور قد حان لتحطيم صورة الأستاذ الجامعي، وهدم  مكانة مؤسسة الجامعة، التي تدفع اليوم فاتورة باهظة من سمعتها، وبشكل  يراد منه تحطيم ثقة المغاربة فيها بعد أن  نجحت العملية مع المدرسة العمومية، كما يراد منه نزع أي مصداقية عن خطاب النخب الجامعية.

 في كل أزمة توجد فرصة للإصلاح، لكن ما يحدث اليوم من تمريغ لسمعة الجامعة في وحل الفضائح الجنسية، وبشكل متزامن يكشف أننا نتهرب فعلا من عملية الإصلاح التي ادعت عدد من الحكومات أنها باشرتها، كما نتهرب من حقيقة أننا أصبحنا مثل  أي مكانيكي فاشل، نزيل قطع  الغيار ونعيدها لمكانها، ونتجاهل مكان العطب الحقيقي.

لقد عانت الجامعة المغربية ولسنوات طويلة من أزمة طالت الجودة والإنتاج والإنصاف والشفافية، لعوامل متداخلة.

أزمة فضلت عدد من الحكومات المتعاقبة أن تتعامى عنها، ما حول هذه المؤسسة من فضاء للمعرفة، والعلم، وخلق النخب، إلى سوق تسربت إليه الكثير من الممارسات التي انتهت بنا إلى عمليات بيع وشراء علنية للنقط، والشهادات الجامعية، بما فيها “الماستر”.

سلوكات لم  تجد من يتصدى لها، ما ضرب مصداقية الجامعة في مقتل، قبل أن يحين الدور على فضائح  النقط مقابل الجنس.

فضائح توالت وفي ظرف زمني وجيز، وسط نفخ إعلامي، وبشكل لا يفهم منه إلا  الإجهاز على سمعة الجامعة، بعد أن تم التركيز على هذا الشكل من الفساد، دون غيره من أشكال الفساد الأخرى الثقيلة التي تم التعامي عنها، بل والتعايش معها لأغراض لم تعد تخفى على أحد.

  اللافت أن كراج الإصلاح الذي تدخل إليه الجامعة في كل مرة، يرافقه جدل كبير في ظل التخبط والتضارب، وعدم بسط الحكومات ومعها الوزارة الوصية لأي  رؤية واضحة.

 رؤية تسعف على إنصاف الأستاذ الجامعي والبحث العلمي، والذي يُراد إذلاله لمصلحة جهات يمكن تصنيفها في خانة عدو العلم والبحث والنقد وقيادة المجتمع والدولة، باعتبار الجامعة هي قاطرة التنمية، وكذا رسم خارطة محددة  في سقف أهدافها وأمدها الزمني.

 جدل يرافقه ايضا الكثير من التوجس من أن تتحول الجامعة بدورها إلى مصدر لتفريخ الكثير من الصفقات التي ترضي مصالح أطراف معينة تحت ذريعة الإصلاح، ولنا عبرة في ما حدث في خطط وصفقات إصلاح المدرسة العمومية التي لازالت جمعيات حماية المال العام تطالب بكشف المتورطين فيها، بل وعلى الأقل كشف نتائج التحقيقات التي بوشرت بشأنها.

الجميع يطالب بالإصلاح، ويلح على تطهير الجامعة من أي سلوك أو ممارسة لا علاقة له بالبحث العلمي والاكاديمي، لكن الأمر لا يجب أن يتم بأجندة  تقطر منها الكثير من علامات الاستفهام، خاصة إذا تعلق الأمر  بمؤسسة لها حرمتها ووزنها  ومكانتها الاعتبارية لدى عموم المغاربة.

مؤسسة لطالما أنجبت الكثير من القيادات والزعامات والنخب قبل أن تصبح الآن  وبأكثر من إرادة رحما ينتج الفضائح، ومشتلا للعطالة والعنف، ورهينة لمنطق “التبزنيس”، و”باك صاحبي” الذي غرقت فيه عدد من التعيينات والتوظيفات المشبوهة كما حدث مؤخرا في أكثر من مؤسسة جامعية.

والسؤال الذي يظل معلقا: من يريد الإجهاز على الجامعة المغربية؟ ولمصلحة من؟ هذا هو السؤال….هذا هو السؤال… هذا هو السؤال !

والجواب عن هذا السؤال هو بداية الإصلاح الحقيقي للجامعة المغربية باعتبارها قاطرة للتنمية الشاملة في البلاد.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي